غرفة صناعة الإعلام!! .. بقلم إيمان إمبابى

غرفة صناعة الإعلام!!
بيان بإحالة مقدم برامج على إحدى الفضائيات للتحقيق فى محتوى إحدى حلقات برنامجه.. بيان بمنع رئيس نادى رياضى شهير من الظهور على شاشات الفضائيات, أو حتى بمداخلة هاتفية.. بيان يعلن الانتهاء من مدونة السلوك المهنى للإعلاميين.. ثم أخيرا بيان تأسيس ما يسمى مركز لقياس واستطلاع الرأى, بحيث يصبح المصدر “الوحيد” لكل مؤسسات الدولة!!.. هذه البيانات المتعددة, التى خرجت على شاشة فضائية بعينها منسوبة لـ”غرفة صناعة الإعلام”.. هى نتاج مجموعة من الاجتماعات واللقاءات التى عقدتها تلك الغرفة على مدار عامين.. بدأت باللقاء التأسيسى لها فى يناير 2014.. اجتماعات تلك “الغرفة” حضرها الرئيس السابق لاتحاد الإذاعة والتليفزيون.. وممثل عن الهيئة العامة للاستعلامات.. وممثل عن نقابة الإعلاميين – تحت التأسيس – ونقابة الصحفيين!!
هنا يجب أن نتوقف لنسأل تمهيدا لوضع نقاط فوق كثير من الحروف!!.. ماهى تلك “الغرفة” التى تمارس أدوارا متعددة لنقابات واتحادات وحتى هيئات رسمية للدولة.. وتمهد لنفسها القيام بدور جديد “مركز لقياس واستطلاع الرأى”.. وهو دور إن لم يكن بخطورة كل الأدوار السابقة فهو الأشد خطورة على الإطلاق!!
إذا عدنا للوراء قليلا, لعام تأسيس تلك “الغرفة” 2014.. نجد أن الهدف من إنشائها كما قال رئيسها المهندس محمد الأمين، “خلق كيان يجمع أصحاب القنوات وينظم العلاقة بينهم.. لا تضم محررين وتقتصر على ملاك القنوات ومديريها فقط.. على غرار غرفة صناعة السينما.. وأنها ستكون بمثابة المكمل لدور المجلس الوطنى للإعلام، والمنوط به تنظيم الإعلام طبقا للدستور المصرى.. واعتبار مدونة السلوك الإعلامى الموقعة من نقابة الصحفيين، واتحاد الإذاعة والتلفزيون ونقابة الإعلاميين (تحت التأسيس) والهيئة العامة للاستعلامات وغرفة صناعة الإعلام، جزءاً من السياسة التحريرية للقنوات وتعميمها على جميع مقدمي البرامج للالتزام بها”.. ولا نغفل أن جمعيتها التأسيسية قد عقدت فى البداية لمواجهة إحدى الشركات التى تقوم ببحوث وتقييم القنوات الفضائية!!
واجهت الغرفة عاصفة مكتومة من الاعتراضات على إنشائها.. أثارت حفيظة الكثيرين لتعارض مهامها التى قررتها لنفسها مع مهام اتحاد الإذاعة والتليفزيون.. فى تلك المرحلة أصدر وزير الصناعة والتجارة السابق منير فخرى عبد النور, قرارا يتضمن إضافة غرفة لصناعة الإعلام المرئى والمسموع إلى الغرف الصناعية باتحاد الصناعات.. (وفق اللائحة الأساسية للغرف الصناعية قرار 514 لسنة 58).. ظلت تقوم بعملها – وفق تصريحات رئيسها – كلجنة مؤقتة تضم 10 أعضاء طبقا لأحكام اتحاد الصناعات، لحين إجراء انتخابات الاتحاد لدورة عام 2016 – 2019.. التى ينص قانون اتحاد الصناعات على اختيار 10 أعضاء لكل غرفة.. ثم يقوم وزير الصناعة والتجار بتعيين 5 أعضاء مجلس إدارة لكل غرفة وتعيين 7 أعضاء بمجلس إدارة الاتحاد وتعيين رئيس الاتحاد والوكيلين.. وتضم هذه الغرفة صناعات: إنشاء وإدارة وبث القنوات الأرضية والفضائية والإذاعية، والوكلاء والإعلانيين لصناعة وإنتاج وبيع وتسويق الإعلانات والمواد الدرامية..
هنا اصبطغت “الغرفة” بصبغة رسمية.. لكنها ظلت تمارس أدوارا قررتها لنفسها بالمخالفة للقرار الوزارى والقانون الذى يحكم إنشاء الغرف الصناعية (قانون 189 لسنة 51 المعدل بقانون 6 لسنة 2002) والذى يفصل بوضوح بين أدوار الغرف الصناعية, وأدوار النقابات والاتحادات والهيئات الرسمية!!
مؤخرا – 2016 – أعلنت الجريدة الرسمية عن إنشاء وضم غرفة صناعة الإعلام المرئى والمسموع إلى اتحاد الصناعات.. وجرت انتخاباتها التى أسفرت عن فوز 10 أعضاء فى انتظار التعيينات التى سيقررها وزير الصناعة.. وقبل أن يكتمل هذا تصبح ممارسات الغرفة غير قانونية.. شأن كل ممارساتها منذ العام 2014 وحتى الآن!!
إذا كان السؤال الأبرز هو ماذا تفعل تلك “الغرفة” فى الإعلام الخاص.. فإن هناك أسئلة مستترة تستدعى إجابات عاجلة.. هل تتصرف تلك “الغرفة” كما لو كانت وزارة إعلام.. بديل عن الوزارة التى تم إلغاؤها بلا مبرر أو معنى أو هدف فى لحظة ارتباك مريبة؟!.. كيف تستدرج نقابتى الصحفيين والإعلاميين – تحت التأسيس – لفخ السير فى “معية” غرفة صناعة لا شأن لها من قريب أو بعيد بعمل مهنى يخص أعضاء النقابتين؟!!.. وكيف يسير فى نفس الركب كل من اتحاد الإذاعة والتليفزيون والهيئة العامة للاستعلامات؟!!..
من الذى فوض النقابتين – وإحداهما عمرها أكثر من 80 عاما – بالتصرف نيابة عن آلاف من أعضائهما, بالانضمام لتلك “الغرفة”؟!.. فيما يشكل مخالفة صارخة لقانونى الغرف الصناعية, والنقابات المهنية فى ذات الوقت.. وهل ما تقرره الغرفة ينسحب – جبرا أو طوعا – على اتحاد الإذاعة والتليفزيون مثلا؟!.. ثم ما هى السياسة التحريرية والمعايير المهنية لكل قناة من قنوات تلك “الغرفة”؟!.. وهل من حق النقابات المهنية والاتحاد الرسمى أن يشارك فى رسم هذه السياسة أو متابعة تلك المعايير؟!.. هل تسعى تلك “الغرفة” لتفريغ المجلس الوطنى للإعلام المزمع تشكيله من دوره الهام.. بإنشاء كيان موازى ينشأ تحت لا فتة “غرفة صناعة”.. لكنه يمارس أدوار النقابة والاتحاد والهيئة والمجلس الوطنى أيضا؟!..
تلك أسئلة ملحة.. ترتبط بها أسئلة أخرى.. تستوجب إجابات سريعة من المسئولين.. المسئولين فى جهات عدة فى دولة مصر.. الذين يتابعون حركة تلك “الغرفة” بأعضائها دونما أى رد فعل!!
غرفة صناعة الإعلام.. بالنسبة لى كيان ارتاب كثيرا فى حركته.. التى أتابعها بدقة.. عبر بياناتها المتتالية على شاشة فضائية بعينها.. وعبر حركة أعضائها العشرة.. وعبر المحتوى الذى تقدمه فضائياتها العشرة أيضا.. وحتى يفعل القانون, وتلتزم به تلك “الغرفة” وغيرها.. سيظل هذا الكيان محل ريبة بالنسبة لى ولغبرى.. وكلما ازدادت وتيرة حركته وبياناته.. كلما اتسعت دائرة الريبة حتى يبت فى أمره!!
إيمان إمبابى