عيد الشرطة الـ 69.. سجل حافل بالبطولة والفداء

افتتاحية بروباجندا
تمر هذه الأيام الذكرى الـ 69 لعيد الشرطة الذي يعد وبحق ملحمة بطولية يحفظها التاريخ بحروف من نور تكريماً لأبناء مصر الأبطال الذين يصلون الليل بالنهار لتأمين الوطن والمواطنين وحراسة المنشآت الحيوية وتطهير الشوارع من الخارجين على القانون، إضافة إلى ملاحم البطولة التي يخوضها أبطال الشرطة كل يوم في مكافحة التنظيمات الإرهابية وتعقب العناصر الإجرامية التي تحاول زعزعة استقرار الوطن وانتهاك حرمات المدنيين.
وتأتي احتفالات هذا العام وسط استمرار مسيرة عطاء وتضحيات رجال وزارة الداخلية من أجل أمن وسلامة الوطن والمواطنين، حيث يبذل رجال الشرطة جهوداً مضنية في حفظ الوطن وتأمين سلامة المواطنين خصوصاً في ظل الظروف الاستثنائية التي يفرضها انتشار فيروس كورونا القاتل فنجدهم ينتشرون في كل شارع وميدان لمتابعة تطبيق الاجراءات الاحترازية لمكافحة الوباء، فهم لا يبخلون بأي جهد لخدمة وطنهم المفدى مصر.
بطولات معركة الإسماعيلية
ترجع المناسبة التاريخية لعيد الشرطة لذكرى معركة الإسماعيلية يوم 25 يناير 1952، والذي يسطر صفحة ناصعة البياض في سجل البطولة والتضحية والفداء عندما واجه 130 من ابطال البوليس بقسم شرطة الإسماعيلية حصار القوات البريطانية لمبني القسم الصغير، بعدما رفضوا الانصياع لإنذار المحتل بتسليم قوات الشرطة و”بلوكات” النظام في الإسماعيلية لأسلحتها وان ترحل عن منطقة القناة، لتنطلق معركة ضارية ضرب فيها رجال البوليس البواسل مثالا للفداء والوطنية، فواجهوا قنابل ومدافع الإنجليز ببنادق عادية، واستمرت المعركة ساعتين كاملتين هاجم فيها الإنجليز قوة الشرطة الصغيرة بدبباتهم ونيران مدفعيتهم، بينما لم يمتلك أبطال الشرطة المصرية سوى أرواحهم وبنادق قديمة، ورغم ذلك وأمام استبسال رجال الشرطة، لم يستطع الإنجليز ان يتقدموا خطوة واحدة رغم تسليحهم الهائل، ما أسفر عن استشهاد 50 وإصابة 80 من رجال الشرطة البواسل، وهم جميع من كانوا في القسم وقتها.
وفي واقع الأمر ان معركة الإسماعيلية لم تكن وليدة اللحظة، فالمحتل لم يطلب وقتها رحيل رجال البوليس عن منطقة القناة، الا بعد تلقيه ضربات أوجعته من عمليات الفدائيين ضد معسكرات الإنجليز بمنطقة القناة، وادعي القائد البريطاني في منطقة القناة “البريجادير أكسهام” ان المحافظة ومركز الشرطة مكانان لاخفاء الفدائيين، ولم تكن الشرطة المصرية هناك في معزل عن أدوار البطولة تلك، ولم تكن أداة في خدمة المحتل لضرب أبناء الشعب، بل كان ضباط وأفراد الشرطة يقومون بدور وطني في مقاومة الاحتلال، وسجل أبناء البوليس المصري مواقف داعمة لثورة الشعب ضد الاحتلال، توجت باستبسالهم في الدفاع عن أرض الوطن وكرامتهم وسلاحهم وعدم الانصياع لأوامر المحتل، فكان عيد الشرطة عيدا للكرامة والوطنية.
ويزخر الماضي القريب من معركة الاسماعيلية بأوراق بطولية لرجال الشرطة البواسل انحازوا فيها للشعب، حيث شاركت فرق من البوليس الي جوار رجال الجيش بزعامة أحمد عرابي للمطالبة بحقوق المصريين، كما شاركوا في مقاومة جنود الاحتلال في معركة التل الكبير، ولم يكونوا بعيدين عن الحراك الشعبي لمواجهة الاحتلال البريطاني رغم محاولة الانظمة والاحزاب وقتها ان تصبغ وزارة الداخلية بصبغة سياسية، ومحاولة بريطانيا ان تخلق فجوة بين الشرطة والشعب، الا ان الحس الوطني لرجال الشرطة تغلب علي هذه المحاولات فانحازوا للثوار في ثورة 1919، ورفضوا الاعتداء علي ابناء الشعب او التنكيل بهم.
عطاء لا ينقطع
وعلى مر العصور، وعلى مدي 69 عاما متتالية قدمت الشرطة مئات الشهداء من أبنائها الأبرار لحماية أمن مصر وشعبها، كان أحدثهم ما قدمته خلال السبعة أعوام الماضية، بعد أن تعرضت لتدمير متعمد لبنيتها الأساسية في المنشآت والأفراد والمعدات، ولكن سرعان ما عادت أقوى وأجدر مما كانت عليه، ووقفت بالمرصاد للجماعة الإرهابية، واستطاعت – بمشاركة مختلف طوائف الشعب المصري – دحر الإرهاب ومحاصرته، ووجهت ضربات عديدة له بهدف القضاء عليه وعلى أعوانه وأنصاره، فضلا عن مواجهة الخارجين عن القانون وضبط حالة الانفلات الأمنى فى الشارع المصرى، التى أعقبت احداث ومؤامرة يناير.
تضحيات غالية
يوماً بعد يوم يثبت أبطال الشرطة المصرية أنهم لم ولن يترددوا أبدا فى التضحية بدمائهم وأرواحهم ليأمن كل مواطن على حياته وعرضه وماله، ولم يتوانوا فى التعامل بمنتهى الحزم والحسم مع كل من يحاول المساس باستقرار الوطن أو من تسول له نفسه المساس بأمن وسلامة المواطنين لأن للوطن درعًا يحميه.
وكلنا يتذكر ملاحم خبراء المفرقعات من رجال الحماية المدنية بوزارة الداخلية الذين يواجهون الموت بصدورهم فداءً لأمن الوطن وحماية لأرواح المواطنين .. حيث يحتضنون القنابل والعبوات الناسفة التي تحاول من خلالها التنظيمات الإرهابية سفك دماء المصريين وترويع أمنهم.
ويعلم ضابط المفرقعات علم اليقين أن نسبة نجاته من هذه المهمة لا تتعدى 10%، لكنه يأبى إلا أن يقوم بمهام واجبه المقدس على أكمل وجه فيتعامل مع الجسم المتفجر وهو مسلم روحه للخالق واهباً عمره ومضحياً بحياته ليتمتع المواطنون بالحياة، ولا يضعف عزمه أو إرادته خوفاً من الهلاك .. وكيف لا وقد نذر روحه للوفاء بعهد حماية بلده وشعبه من كل مكروه وسوء.
ولعل ما سطره رجال الشرطة من تقديم الشهداء فى سبيل محاربة الإرهاب وغيرها من مواقف بطولية حفظها التاريخ بسطور من دماء طاهرة حافظت على الأرض والعرض، حيث قدمت الداخلية أكثر من ١١٠٠ شهيد و٢٠ ألف مصاب منذ ٢٥ يناير ٢٠١١، فداء لأرض الكنانة وارتوى تراب الأرض الطيبة بجميع محافظات مصر بغيث دمائهم الطاهرة، حيث ضحى ٣٢٥ ضابطا بأرواحهم، فضلا عن ٣١١ مجندا، و٤٤٦ فرد شرطة، و٣٥ خفيرا، و٦ من موظفى وزارة الداخلية.
وكلنا يتذكر الملحمة البطولية الخالدة التي سطرها الشهيد اللواء ياسر عصر، وكيل إدارة الشرطة النقل والمواصلات، يوم 17 نوفمبر 2020 والذي أبى إلا أن تفيض روحه الكريمة إلا وهو يقوم بواجبه المقدس في إخماد حريق داخل محطة مترو أنفاق مسرة، فلقي ربه خلال محاولاته مساعدة رجال الحماية المدنية لإخماد الحريق.
تحقيق الاستراتيجية الأمنية
وضعت وزارة الداخلية استراتيجية أمنية محددة الرؤى مكتملة الأهداف واضحة الأبعاد تستهدف تحقيق الأمن الجنائى وعودة الانضباط للشارع المصرى باعتبار ذلك فى مقدمة أولويات الأجندة الأمنية للوزارة، فضلًا عن المواجهة الحاسمة للجريمة الإرهابية التى اعتمدت على محورين أساسيين، الأول هو محور الأمن الوقائى وتوجيه الضربات الاستباقية للتنظيمات الإرهابية وإجهاض مخططاتها ومحور سرعة ضبط العناصر عقب ارتكاب الأعمال الإرهابية اعتمادًا على أحدث الأساليب العلمية والتكنولوجية فى البحث والتحرى، نظرا لظهور أنماط جديدة ومختلفة من الجريمة مما صعب من مهمة الأجهزة الأمنية، لما تتسم به تلك الجرائم من خطورة وعنف وتطور فى الأسلوب الإجرامى وزيادة حدته.
كما شهدت الأعوام الماضية انخفاضا ملحوظاً فى معدل الحوادث الإرهابية، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية من توجيه ضربات قاصمة لبؤر الإرهاب والتنظيمات الإجرامية ومكافحة تهريب وترويج المخدرات.
جهود الأمن العام
وليس بعيداً عن كل ماسبق، فقد تم توجيه الحملات الأمنية بصفة مستمرة بالتنسيق مع كافة مديريات الأمن وقطاع الأمن المركزى لمواجهة أعمال البلطجة وضبط الخارجين عن القانون وحائزى الأسلحة النارية والبيضاء وتجار ومتعاطى المواد المخدرة والهاربين من السجون وأحكام المراقبة والأحكام القضائية والتشكيلات العصابية ومرتكبى الجرائم وإحكام السيطرة الأمنية، كذلك تم تطوير وتحديث آليات العمل داخل مصلحة الأحوال المدنية، كما قدم قطاع الخدمات الطبية الرعاية الصحية لأعضاء هيئة الشرطة، وأسرهم والمواطنين المدنيين ونزلاء السجون والمتهمين المحتجزين بأقسام ومراكز الشرطة.
إلى جانب تطوير أوجه الرعاية الصحية بالسجون بمنظوماتها المختلفة سواء كان يتصل بأمر الطب الوقائى أو العلاجى، وتتولاها إدارة متخصصة للخدمات الطبية بالقطاع تقوم بواجباتها بالتنسيق والتعاون التام مع أجهزة وزارة الصحة وفروعها بالمحافظات المختلفة، لتعزيز مفهوم تمتع نزلاء السجون بحق العلاج المماثل لمستوى الرعاية الصحية المقدمة للمواطنين فى المجتمع الخارجى، وتمكنت الإدارة العامة لشرطة التعمير والمجتمعات العمرانية من تنفيذ قرارات الإزالة على الأراضى والمنشآت المملوكة للدولة، وقدمت القطاعات الخدمية الخدمة الأمنية للمواطنين على الوجه الأكمل
تفعيل البعد الإنسانى
حرصت وزارة الداخلية على تفعيل البعد والدور الإنسانى لأجهزتها من خلال استحداث آليات للتيسير على المواطنين، خاصة ذوى الاحتياجات، كما شاركت قوات الأمن المركزى فى ضبط الخارجين عن القانون، ومرتكبى الجرائم بكافة أنواعها وكذا تأمين القائمين على تنفيذ قرارات إزالة التعديات على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة، بالإضافة إلى المشاركة بقوات فى مهام حفظ السلام تم إنشاء مشروع بوابة مرور مصر على شبكة المعلومات الدولية «الإنترنت»، والذى يتم من خلاله الحصول على الخدمات التى تقدم بوحدات التراخيص مثل خدمة تجديد تراخيص المركبات والاطلاع على الإجراءات المطلوبة لتنفيذ الخدمات المختلفة لتراخيص القيادة والتسيير، بالإضافة إلى خدمات التعرف على الحالة المرورية بصورة لحظية بطرق مقروءة أو مسموعة أو مرئية، وفى المواعيد وخطوط السير التى تناسب المواطن، وكذا الاستعلام عن صحة بيانات رخصة التسيير وضبطت العديد من المخالفات المرورية والقضايا الجنائية وحملات الكشف عن قائدى المركبات.
المشاركة المجتمعية
فى مجال التخفيف عن كاهل المواطنين ومواجهة موجة غلاء الأسعار، أطلقت وزارة الداخلية مبادرة «كلنا واحد» لخفض أسعار السلع الغذائية خاصة الأساسيات من خلال ٣٨٥ فرعا لعدد أربع من كبرى السلاسل التجارية بالمحافظات المختلفة، ذلك تنفيذًا لتوجيهات اللواء محمود توفيق وزير الداخلية لتخفيف الأعباء على كاهل المواطنين.
وقامت الإدارة العامة لشرطة التموين والتجارة الداخلية، بالمرور الميدانى على عدد من المجمعات الاستهلاكية ومنافذ «أمان» وعدد من الشوادر التابعة للقطاعين العام والخاص، للتأكد من توافر السلع الغذائية الأساسية، وبخاصة اللحوم ومصنعاتها بما يكفى احتياجات المواطنين وبأسعار مناسبة، وتم توجيه قوافل متحركة تجوب القرى والأحياء الأكثر احتياجًا لتوفير السلع للمواطنين بالأسعار المناسبة مع الحفاظ على جودتها
الشرطة النسائية
اتخذت وزارة الداخلية إجراءات سريعة للتوسع فى ضم العناصر النسائية لجهاز الشرطة بمختلف القطاعات والإدارات، فوجود العنصر النسائى فى الشرطة أصبح ضرورة تقتضيها متطلبات العصر لتحقيق الأمن ومكافحة الجريمة فالمرأة لم تكن بمعزل عن المشاركة الوطنية فى العمل الأمنى.
حيث بدأت مشاركة العنصر النسائى بجهاز الشرطة منذ عام ١٩٣٠، وفى عام ١٩٨٣ ألحقت أول دفعة من خريجات الجامعات بكلية الضباط المتخصصين بالأكاديمية للعمل فى بعض الجهات الأمنية بمستشفيات الشرطة والسجون وشرطة السياحة والآثار وحماية الآداب ورعاية الأحداث، وفى الموانئ والمطارات والعلاقات العامة والإنسانية مما أضفى على مُشاركة العنصر النسائى بجهاز الشرطة بُعدًا إنسانيًا، وهو ما حدا بوزارة الداخلية إلى إيلاء المزيد من الاهتمام نحو التوسع فى مشاركة العنصر النسائى فى مجالات العمل الأمنى المختلفة، لأن الشرطة النسائية توجه يعكس صور المجتمع الواعى والمتحضر.
كلمة أخيرة
عاش رجال مصر الأوفياء أبطال الشرطة المخلصين