عيد الحب وإهدار قيم المشاعر | بقلم عبد الرحمن الصياد
يحتفل سكان العالم من العشاق والأحباب بعيد الحب في الرابع عشر من فبراير من كل. ليعبر في ذلك اليوم كل محب عن حبه لحبيبه من خلال الهدايا التي تغلف عادة باللون الأحمر كرمز عن هذا الشعور النبيل الذي يعطي الإنسان حياة فوق حياته، ويسلب من البعض حياته رغم كثرة القائض من الأيام في عمره الذي توقف بشكل روحاني بسبب خيبات الحب وفشل تجاربة والتي تصل نتائجها إلى عواقب كارثية.
إن الحب مثله مثل باقي الكائنات، فهو كائن حي، يبدأ ويكبر من خلال مراعاته من طرفي العلاقة، كذلك يتبدل به الحال إذا تم إهماله، يذبل ثم تقع أوراقه من فوق شجر القلوب، لتصبح حينها تلك الأفئدة خاوية من كافة معاني وقيم الحياة.
تقول المسيحية أن الله محبة، كما ذُكر الحب في القرآن الكريم في ٧٦ آيه، مما يعني أن لهذا الشعور أهمية كبيرة في حياة البشر، ليصبح في أحيان كثيرة محرك قوي لمن يعتنقه، وحافز أكبر لمن يبحث عنه، لكن تأثيرة يكون عكسي لبعض من هزمهم الحب بعد أن إكتشف أنهم غير مؤهلين ليسكن بهم ويصاحبهم في رحلة العمر.
الحب، هو صانع المعجزات لمن يسكن قلبه ويملئ فؤاده، كما لو كان وقودا تتوهج به الحياة، فيصبح من يعيشه محاربا يتمتع بأدوات النجاح، والنقيض تماما يصبح أحد أسباب التراجع إذا فشل بين إثنين، وفي تلك الحالة تصبح النتائج كارثية لأنه تسبب في ضياع حياة شخصين تبدل بهم الحال، كانوا في قمة الجبل وأصبحوا في قلب المحيط المضطرب.
من العوامل المساعدة على فشل الحب هو الإستماع لتجارب الغير مما يجعل المرء عرضه للغرق بعد أن قذفهم موج الكذب ليصطدموا بصخرة الأصحاب غير المخلصين في النصائح خلال الحكي عن ملامح تجربتهم والأعمدة القائمة عليها، ليصبح من يطلب النصح ويستمع إليهم في حيرة من أمرة وغير راض عما يعيشه في تجربته، حينها يتسلل الحمود بشكل غير مباشر لهذا الكائن الحي المسمى بالحب، ليدخل منذ تلك اللحظة في مراحل الإهمال، لتزداد المشكلات عقب ذلك، ليصل كل من طرفي العلاقة إل القرار الصعب.
قد يكون قرار إنهاء العلاقة رغم آلامه وقسوته لا يرتقي إلى الأمر الهين في مرحلة ما قبل الزواج، لكن الأمر يختلف لدى المتزوجون، لأن قرار الإنفصال يعني هدم لأسرة وما نتج عنها من أطفال يمثلون للأبوين المستقبل، إلا أن الإنفصال يشوه مصير هذا المستقبل، ودون دراسة عواقب القرار يسير كل منهما في طريق إقراره، دون دراسة ما سيترتب عليه من أضرار بالغة على كل منهما وفلذة أكبادهم، لتصبح المرأة تحمل لقب مطلقة، وهو ما يجعلها عرضة لمطمع أقرب الأقربين لها، كما أن الرجل يصبح هو الأخر يحمل لقب مطلق، وهو ما ينعكس عليه أيضا اذا ما قرر خوض التجربة مرة ثانية.
خلال السنوات الثمانية الماضية إرتفعت معدلات الطلاق في مصر بشكل غير مسبوق، حيث بلغت نسبة المطلقات إلى ٤٠٪ طبقا لتقرير صادر عن الامم المتحدة في ٢٠١٥، ليؤكد أيضا تقرير صادر عن جهاز التعبئة العامة والاحصاء إرتفاع معدلات ١٥٪ في يونيو ٢٠١٧، ليصل العدد إلى نحو ثلاثة ملايين مطلقة، مما يعني أننا أمام كارثة تهدد الترابط الإجتماعي والسلم المجتمعي إذا استمرت هذه المعدلات على ما هي عليه، وبعض التقرير ترجع الأسباب إلى إقتصادية ومالية، لكنها تغفل أنه من الطبيعي ان تواجه اي أسرة مثل تلك الأزمات ولكنها يجب ان تتغلب عليها كما كان عليه الحال في الماضي، وهو مالم يحدث طبقا للاحصائيات، لذلك أرى أن هناك أفكار تشبه الفيرس الخبيث تسللت الى النسيج الاحتماعي في مصر، وأدت الى ما نحن عليه.
حقا، قد يتعثر المرء ولكن لا يجب مطلقا ان يؤدي هذا التعثر لتدمير أسرة ومستقبلها، لذلك علينا جميعا ان نتحلى بالوعي في نصحنا لمن يطلب منا المشورة في حياته الشخصية ولا ندعم مطلقا بفكرة الطلاق كما هو الحال في شلل النوادي حيث يتجمع فيها السيدات أغلبهم مطلقات، ولا يتوارون في مساعدة إمرأة من خلال النصح بالتصعيد في الخلاف مع زوجها ليناج عن ذلك التصعيد الطلاق، وهو ما يضمن لهم إنضمام عضو جديد لشلة المطلقات لكي لا يصبحوا قلة في المجتمع.
في النهاية وفي إحتفالاتنا بعيد الحب على كل شخص خذلته الظروف في إسعاد شريك حياته وما نتج عن ذلك من انفصال أو طلاق أن يتنازل ولو مرة أخيرة عن تلك الفكرة البغيضة، ليحافظ على حياته ويحمى مستقبله ومستقبل أبنائه، وعلى المرأة ألا تتصور أن الاستقلال المالي سيضمن لها الرفاهية لأن الطلاق ينتقص الكثير منكي يا سيدتي لأننا في النهاية لنا في كل منا السند والحصن، لذلك علينا أن نفتح صفحة جديدة تكن بداية لما هو قادم من الأيام أتمناه للجميع أن يكون أفضل مما سبق لنحيا سويا أيام السعادة.