عودة للجذور اليونانية المصرية | بقلم د. ايات الحداد
شهدت مدينة الأسكندرية مؤتمر العودة للجذور بتشريف سيادة الرئيس السيسي الذي أطلق تلك المباردة عندما كان في زيارته لقبرص ، ولمن يسأل لِما اليونان؟!
فليرجع لتاريخ اليونان ومصر، فقد كان تأثير اليونانيين قوي على مصر ولا زال حتى يومنا هذا، وقد أضافوا عدة عناصر إيجابية من الثقافة والتعليم، وإمتزجت الحضارة المصرية مع الحضارة اليونانية، وظهر عدة مؤرخين وأكاديميين و علماء منهم، يبلغ عددهم اليوم حوالي 3800 فقط ويتواجد أغلبهم في مدينة الأسكندرية، اما عن العلاقات بين مصر واليونان هي من أقدم العلاقات بين بلدين في العالم إذ يعود تاريخها إلي ما قبل الميلاد بنحو 300 عام، حيث تعود منذ نشأة الإسكندرية من قبل الأسكندر الأكبر، كما أنه توجد في مصر جالية يونانية كبيرة العدد، وبالمثل توجد في اليونان جالية مصرية ، كما ان العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين مصر واليونان تعود إلي العام 1833، فقد زار المؤرخ اليوناني الشهير هيرودوت مصر في القرن الخامس قبل الميلاد بعدما رست السفن اليونانية الآتية من جزيرة كريت على حدود الإسكندرية، كما بنى الإسكندر المقدوني المدينة التي تحمل اسمه لتكون عاصمة لمملكته، وفي عهد محمد علي باشا، ازداد عدد اليونانيين في مصر التي احتضنتهم سنوات طويلة لم يكتفوا خلالها بترك بصمة واضحة في مختلف الجوانب الحياتيه بل أصرّ بعضهم على أن يدفنوا فيها!
ولمن استمع لكلمة الرئيس اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس مشددًا على ضرورة التذكير بأهمية التعاون في هذه الأزمنة الصعبة، وبأهمية المسيرة المشتركة وأهمية التوحيد والربط بين ذكريات الدول الثلاث، وأشار الى أن الدول الثلاث يربطها تاريخ يمتد منذ 40 قرنًا، وهي قرون أدت إلى روابط وثيقة، مشيرًا إلى أن الدول الثلاث ليست قوى عظمى في مجال الأسلحة والقوة، ولكنها قامت بتطوير شئ هام وهو القوة الناعمة والهادئة، وأضاف: “أؤكد لكم أن التاريخ أثبت أن الحوار والحضارة أبقى من القوة، لأن القوة تأتي وتذهب، ولكن الحضارات تستمر، وهذا إثبات على مدار الأربعين قرنا، نحن نستطيع أن نفعل أشياء كثيرة (موجهًا كلامه لسيادة الرئيس السيسي) من خلال تعاوننا الذي بدأ في أكتوبر 2017، ثم تلى ذلك في القمة الثلاثية الحالية.
فلا شك أن هناك أهمية لتعاون الدول في هذه الأزمنة، لضرورة التوحيد والربط بين الذكريات والواقع،كما أعتبر سيادته أن مبادرة أسبوع « إحياء الجذور» بمثابة رسالة لنشر السلام وتواصل الحضارات، فالتاريخ والحضارة هما الذيْن يُكتب لهما البقاء وليست الدول التي تستخدم القوة، لأن الأخيرة تأتي وتذهب، إلا أن الحضارات تستمر، لكن هناك نقص في تفهم الحضارات.
هناك ضرورة التعاون بين الدول الثلاث على المستوى الفكري، وليس على الجانب الاقتصادي فقط؛ حتى تتكامل كل الشعوب فيما بينها.
كما قال تيرانس نيكولاس كويك، نائب وزير الخارجية اليونانى للرئيس السيسى: “إننى أشعر أن مصر هى بلدى الثانى لسببين الأول، هو أنه يشعر بتأثر بالغ أن ابنه البكر ولد وكبر فى بورسعيد فإن ابنه يونانى مصرى، مضيفاً أن السبب الثانى هو أن مصر التى يعشقها تجول فيها ثلاث مرات وقام بعمل 45 فيلمًا تسجيليًا، وختم كلامه : “أعشق مصر وأشعر فيها بالأمان أكثر من أى بلد آخر فى العالم.
كما قال نيكوس أنستاسيادس، رئيس قبرص:”قريبا سأصبح مصريا قبرصيا”.
فلاشك أن لهذا المؤتمر أهمية بالغة ليست فقط على مستوى الثلاث دول وعودة العلاقات بل على مستوى العالم، فذلك المؤتمر بمثابة رسالة لكل من تسول له نفسه أن مصر ليس بها الأمان محاولة منهم لوقف السياحة، فذلك المؤتمر بمثابة عودة ليس فقط للجذور بل عودة أيضًا للسياحة مرة آخرى وتنشيط لها.