عندما تمصر العالم| بقلم اللواء محمد محمود فؤاد

الأعين بكل ألوانها السوداء والزرقاء والخضراء والبنية وما لا اعرف منها، كانت تحدق وتحملق منبهرة ومندهشة ومتسائلة أمام شاشات التليفزيون وهى تشاهد مايفعله المصريون الذين كانوا أول من آمن بالبعث بعد الموت، وأحفادهم الآن يحيون ذكراهم بل ويمجدونهم وربما أعادو مومياواتهم الى الأضواء التي كانوا عليها منذ إلاف السنين لتظهر أمام تلك الاعين التي كانت تلهث باحثة عن المشهد التالي وبدا وكأن العالم كله قد توحد واتخذ مصر قبلة دونا عن كل الوجهات بل ربما تمصر العالم كله بالأمس القريب، وعاش بوجدانه اجواء ميدان التحرير وكأنه قدس أقداس أقدم المعابد المصرية فكاهنات المعبد يحملن المشاعل ليفتحن الطريق امام جنازة ملوكهم والعجلات الحربية تقود المشهد بفرسانها والخيول تحرس الموكب من كل الجهات والموسيقى تعزف لحنا يتمايل بين العظمة والشموخ والحزن النبيل والسعادة، وخرجت العازفات من على الجدران لتعزف بالقيثارة والدف ترنيمة إيزيس.
حتى أن تلك العيون بألوانها كانت تغلق جفونها على عبرات كانت تحاول الخروج فرحا وحزنا وشغفا ولا أظن ان كل هذا كان قاصرا على المصريين وحدهم فهؤلاء الأجداد هم من خطوا سطور الحضارة التي عرفها العالم واستوعبها وطورها.
الكل ترك عالمه الآني ذو الموجات الكهرومغناطيسية وذكاءه الاصطناعي ومحركاته النفاثة والنووية وتابع بقلبه وبعينه موكبا ملكيا شامخا معبرا عن مسيرة حضارة عمرها أكثر من 7000 عام، والعالم كله شاهد وتابع وركز، حتى بدا وكأن العالم كله قد تمصر.