وشدد موسى على ضرورة أن يستند التفاوض إلى محددات واضحة وألا يستمر إلى الأبد، بل يجب تحديد مدته، وأن تكون هناك مرجعية مثل انعقاد مجلس الأمن الدولي، لافتا أيضا إلى أنه لا يصح إجراء المفاوضات تحت رعاية دولة واحدة، بل في إطار مجلس الأمن لأن الكثير من البلدان لها مصالح ومعنية بما يجري في الشرق الأوسط.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها الأمين الأسبق للجامعة العربية، خلال الندوة التي استضافها مساء أمس /الأربعاء/ معهد العالم العربي بباريس تحت عنوان “مستقبل المنطقة العربية في ظل الأوضاع الراهنة”، بمناسبة الذكرى الثانية والسبعين لتأسيس الجامعة العربية.
وحضر الندوة سفير مصر بباريس إيهاب بدوي والسفراء العرب المعتمدين لدى فرنسا، وبعثة الجامعة العربية في فرنسا ولدى اليونسكو.
واعتبر موسى، أن الفرصة مواتية في القمة العربية القادمة في الأردن؛ نظرا لضرورة أن يقرر العرب مواقفهم من قضايا شديدة الحساسية ومنها احتمال اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، محذرا من الآثار السيئة للغاية لمثل هذا القرار، ومشددا على الحاجة لتبني طرح عربي مشترك.
وأوضح أن مصالحنا في حل القضية الفلسطينية وصيانة سوريا في حدودها دون الانتقاص منها والاستماع إلى رأي الناس هناك والالتفات إلى المشاكل الكبرى الناجمة عن الإدارة السيئة للأزمة السورية، مضيفا أن انعقاد هذه الندوة مهم في هذا التوقيت الدقيق قبل أيام قليلة من انطلاق القمة العربية وفي خضم تغييرات تطرح علامات استفهام بشأن الطريق الذي يتجه إليه العالم وأوروبا، مشيرا إلى أن الاضطراب في المنطقة الأوروبية سيؤثر في استقرار المنطقة العربية والشرق الأوسط.
وأكد موسى، أنه إذا كان الوضع في أوروبا يقلق أصحابه بصفة خاصة والوضع في الشرق الأوسط يقلق الجميع، فإن الوضع العالمي أصبح محيرا، لافتا إلى أنه لأول مرة في التاريخ الحديث – أي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية – ترتفع علامات الاستفهام حول ما إذا كان النظام الدولي كما اتُفق عليه بشقيه السياسي والاقتصادي يمكن أن يستمر أو يستقر، وأنه ربما ستحدث تغييرات جذرية على الحركة العالمية والنظام متعدد الأطراف بما في ذلك الأمم المتحدة والمنظمات التي يُطلق عليها “بريتون وودز” أي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وطرح موسى العديد من التساؤلات عما إذا كانت الدول العربية تستطيع أن ترتفع إلى مستوى المسؤولية لمواجهة المخاطر غير المسبوقة التي تحيط بها، وعما إذا كانت الجامعة العربية تستطيع أن تقود عملا عربيا جماعيا يعبر عن موقف العرب من المشاكل المختلفة القائمة.
وشدد على ضرورة أن يُؤخذ رأي العرب في الاعتبار عن الحل في سوريا والعراق وليبيا واليمن، وكذلك عّن الانقسام الذي فُرض على العالمين العربي والإسلامي فيما يتعلق بالسنة والشيعة.
وقال: “هناك أربعة دول فقط هي التي “تطبخ” الحل في سوريا وهي إيران وتركيا وروسيا والولايات المتحدة”، مستنكرا أن يتحدد مصير دولة عربية أساسية ومحورية مثل سوريا دون إشراك العرب، مؤكدا أنه من هنا تأتي أهمية القمة العربية القادمة.
وأضاف الأمين العام الأسبق للجامعة العربية: “أعتقد أن القمة القادمة في الأردن سيكون أمامها هذا الطريق الذي لا خيار غيره” مؤكدا ضرورة أن يكون للعرب عنوان وموقف ووقفة حيال أمور كثيرة تضر بمصالحهم.
وتابع: “نحن نعيش مرحلة تغيير جذري في العالم العربي الذي شهد تحولات منذ خمس سنوات ولا يمكنه العودة للوضع السابق”، معربا عن يقينه أن السنوات القادمة ستشهد تطورا مهما في البلدان العربية في أسلوب الحكم والتنمية، معتبرا أن هناك إمكانات كامنة غير مستغلة في العالم العربي من رياح وطاقة شمسية وبشرية خاصة وأن %70 من مجموع السكان العرب من الشباب.
كما تطرق إلى الحاجة إلى الاهتمام بالتعليم والرعاية الصحية والتنمية البشرية، داعيا إلى الانتقال بالعالم العربي ليرتبط بالقرن الحادي والعشرين وبمحدداته ومتطلباته.
واعتبر أن إيران وتركيا تحاولان لعب دور إقليمي أكبر مما تستطيعان، متسائلا عن الرغبات التي تُطرح من الأكراد والأمازيغ في العالم العربي وعن كيفية أن يكون العالم العربي منفتح الآفاق ليتمكن الجميع من العيش سويا وأن يحققوا ذاتهم ومصالحهم من خلال هذا التعاون، مشيرا إلى ضرورة إقامة نظام إقليمي جديد “حتى لا يُفرض علينا نظام إقليمي”.
وأوضح موسى – في مداخلته التي حملت عنوان “دور ومستقبل الجامعة العربية في ظل أوضاع المنطقة وأزمة العلاقات الدولية”: “نحتاج إلى نظام إقليمي وعربي جديد، وتصور بالنسبة لمستقبل العالم العربي والمنطقة التي نعيش فيها، وبحث كيفية الإصلاح في المجتمعات العربية في عدة مجالات منها التعليم”.
كما أكد أنه لا داعي للاستسلام لليأس فمع كل ما نراه ونعيشه من حالة إحباط، إلا أن هناك نورا في نهاية النفق، فمهما كان الأمر لن نسلم بأي حل يفرض علينا لتسوية الملفات العربية.
وأثنى عمرو موسى في ختام كلمته على العلاقات العربية الفرنسية، متمنيا أن تزدهر وأن تساهم في إحلال السلام المنصف والعادل في منطقة الشرق الأوسط.