قال وزير الخارجية الأسبق والأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى ،”إن مبادرة حزام وطريق الحرير” سياسة جديدة للصين تخلق بها تحالفات دولية من نوع مختلف حيث ترتكز حول مشروع اقتصادي ضخم يربط أكثر من 60 دولة بشبكة من المصالح المشتركة ” .
وقال موسي ، فى حديث لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط فى بكين ،إن زيارته إلى بكين جاءت،فى إطار حضوره منتدى عن مستقبل العلاقات الدولية ودور الصين فيها ، مؤكدا على اهمية هذا الموضوع نظرا لان الصين ينبغي عليها ان تستعد للعب دورها على المسرح الدولي الذي يرى انه يكاد يأتى اليها علي طبق من فضة.
وفيما يتعلق بأن الصين تتسلم دورها على طبق من فضة، وهل يعنى بهذا أن الولايات المتحدة تتراجع عن دورها الدولي لصالح الصين، قال موسي ” إنه لا يوجد شك أن طريقة حديث الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تشير إلى تغيير فى السياسة الأمريكية وهذا التغيير ليس انسحاب الولايات المتحدة عن لعب دورها الدولي ولكن هو ما يمكن أن يطلق عليه فى المصطلحات السياسية بأنه نوع من اعادة الوضع”.
وأضاف أن هذا التحول فى السياسة الأمريكية،”خلق ثقوبا فى القماشة الدولية” ومن هنا فإن الصين بإعتبارها الدولة التالية للولايات المتحدة في القوة الاقتصادية كان عليها ان تستعد لسد تلك الثقوب، لافتا أن الدور الصينى، بجانب كونه موازيا للدور الأمريكى، فإنه ربما يحمل معه أيضا نوعا من المقاومة لنفوذ الولايات المتحدة فى آسيا .
وقال موسي،”إن ما يميز الصين عن الولايات المتحدة هو إن الأخيرة قوة صعدت ، أما الصين فهى قوة صاعدة ولهذا فإن وجودها علي الساحة الدولية الآن هو أمر يخلق نشاطا وحراكا حيث تخطو الصين حاليا للإمام وتستعد للعب الدور الموازي للولايات المتحدة، أن لم يكن فى كل العالم ففى آسيا علي الأقل.
وردا على سؤال عما اذا كنا متجهين إلى عالم متعدد الأقطاب تكون فيه الصين وروسيا في جانب ، والولايات المتحدة فى الجانب الاخر، قال ” إنه يعتقد أن الكلمة الأفضل من تعدد الأقطاب هى كلمة “تعدد المصالح”، فهناك مثلا مصالح روسيا فى الشرق الاوسط وهى مصالح ينبغى ان تؤخذ فى الاعتبار فى مقابل مصالح الولايات المتحدة فى المنطقة” ، مشيرا الى ان هناك مثالا بسيطا يوضح أننا نعيش الآن في عالم متعدد المصالح وهذا المثل يظهر جليا فى حال سوريا وأوكرانيا.
واعرب عن اعتقاده بأنه في خلال من خمس الى عشر سنوات سيكون هذا التوجه اكثر وضوحا حيث سيكون للصين المجال الحيوى الخاص بها والذي قد يؤدى المساس به الى خلق صدامات … هذا الى جانب روسيا التى قد يؤدى المساس بمجالها الحيوى هى الاخرى الى خلق صدامات على النحو الذي نراه الآن فى سوريا، علاوة بالطبع على المجال الحيوى الامريكى القائم والذي يواجه تحديا بظهور مجالات حيوية جديدة لكونها تأتى علي حساب الدور الامريكى.
واكد عمرو موسي أن التغير للافضل فى العالم العربي يمكن ان يحدث ولكن هناك عدة شروط لتحقيق هذا منها انه على العالم العربي كله ان يدرك ان عليه اولا اللحاق بروح العصر وثانيا القيام بتنمية اقتصادية واجتماعية وثالثا توجيه سياساته نحو الاصلاح بكل انواعه الاقتصادى والادارى والسياسي وغيره.
وقال إن خير مثال على ذلك هو التجربة الصينية .. فالصين أدركت أن الزمن اختلف وأن عليها مواكبة العصر الجديد فلم تقاوم واختارت أن تتوافق مع طبيعة العصر .. واضاف لقد زرت الصين من اربع الى خمس مرات علي مدى سنوات طويلة ورأيت، علي الأقل في بكين وشنغهاي وبعض المدن الأخرى التى زرتها كيف تطورت او طورت المدن الصينية.
وحول العلاقات المصرية الصينية .. رأى موسى انه من الضرورى بمكان ان نأخذ في الاعتبار أهمية العلاقة المستقرة بين مصر والصين، لافتا أن العلاقة المدروسة قائمة علي مصالح مشتركة واحترام ادارة العلاقة بين البلدين.
وأضاف أن”الصين دولة جادة وترغب في التعامل مع الدول الجادة ، وانا اعتقد أن مصر من دول الشرق الأوسط والعالم العربي والعالم الاسلامى التى لها من تاريخها ومن اسهاماتها في الحضارة العالمية والإقليمية ما يرشحها دائما لان تؤخذ بجدية”.
وأكد علي انه يجب على مصر ان تستفيد من الصين ومن التجربة الصينية، “فالصين، وهذا ما اريد للشعب المصرى ان يدركه ويفهمه، ليست هى البلد التى تنتج السلع والبضائع الرخيصة بل هى الان من تنتج منتجات تنافس بها العالم من سيارات وقطارات وطائرات وصواريخ وغيرها .. انا قرأت امس في الصحف الصينية المترجمة عن مشروع القطار السريع الذي قامت الصين ببنائه في كينيا وتأثيره على التنمية هناك حتى اصبح هذا المشروع حديث الدولة الكينية ومنطقة شرق أفريقيا كلها .”
وتحدث موسي عن المنتدى الذي حضره بالعاصمة الصينية فقال انه منتدي تعقده جامعة بكين وكلية الدراسات السياسية التابعة لها بالتعاون مع معهد الدراسات الدولية الصينى ومركز الدراسات الدولية في باكو فى اذربيجان.
وقال ان الصين من الدول التى تدرى تماما كيف تدير الامور على النحو الصحيح فهى تجمع السياسيين والخبراء والمفكرين والمتخصصين من جهات مختلفة من انحاء العالم لمناقشة الوضع الدولي والوضع الصينى وتطور العلاقات الدولية في القرن الحادي والعشرين.
وأشار إلى أن المشاركة الصينية فى المنتدى كانت واضحة وفعالة ومعظم الحضور من الجانب الصينى كانوا من اساتذة الجامعات والاكاديميين والسياسيين والدبلوماسيين والعسكريين الذين اتوا ليتدارسوا ويناقشوا وجهات النظر المختلفة ، قائلا :- إن الحقيقة ان الاستماع إلى الطرح الصيني المتعلق برؤية الصين المستقبلية شئ من أمتع ما يمكن حيث انه يحمل معه فكرا جديدا وحركة جديدة.