أوضح الإعلامى الدكتور عمرو الليثى انه بالفعل عند لقائى مع الفنان الكبير والجميل والقدير جميل راتب لم أجد الكلمات التى تليق بمكانته وتاريخه وحجمه الفنى لكى أقدمه بها. كان فناناً فوق العادة، له مذاقه الخاص، تجده يبرع فى أداء أدواره على الرغم من تنوعها واختلافها سواء فى المسرح والسينما والتليفزيون.
ترك بصمته فى أى عمل فنى شارك فيه، وعلى الرغم من أنه كان من عائلة أرستقراطية إلا أنه لم يكن يشعر أنه قريب من تقاليدها إلا أنه كان شديد الفخر بأسرته من الناحية السياسية المناضلة، فعمة والدته كانت السيدة هدى شعراوى ووالده وأعمامه كانوا من أوائل الطلبة الجامعيين الذين خرجوا فى مظاهرة 1919 وكانت هذه الناحية هامة جداً بالنسبة له.. كان الفن بالنسبة له قيمة عظيمة وعلى الرغم من اعتراض أسرته على دخوله المجال الفنى وقول والده له إنه إذا دخل هذا المجال فسيعتبره مات إلا أنه كان يعرف أن هذا هو طريقه الذى اختاره لنفسه فتمسك به.
بدأ حياته الفنية أثناء دراسته الجامعية وعندما سافر للدراسة بالخارج بكلية الحقوق الفرنسية لم يكمل بها وغير طريقه ودخل معهد التمثيل ونجح فى هذا الطريق، ونظراً لقطع أسرته العلاقات معه اضطر أن يعمل أعمالاً كثيرة حتى يستطيع الاعتماد على نفسه، فعمل كومبارس ومترجما وبائعا فى سوق الخضار وغيرها، وكان يرى أن هذه الاعمال خصوصاً عمله كبائع فى سوق الخضار قربته من وسط لم يكن يعرفه قبل ذلك، وكان يرى أن سفره لفرنسا وهو فى العشرين من عمره سنة 1945 وكانت تلك الفترة فترة ازدهار فنى وثقافى بفرنسا ما جعله يعمل مع مخرجين وفنانين ومؤلفين كبار.
فى عام 1952 أصبح جميل راتب ممثلا معروفا فى الوسط الفنى المسرحى بشكل خاص فى باريس، وجاء للقاهرة لتقديم إحدى المسرحيات فاكتشفه الأستاذ سليمان نجيب وشاهده والده وهو يمثل أحد الادوار فى مسرحية سياسية عن الثورة وكم فرح به وعانقه وقام بعزومة كل الفرقة وقتها.. كان أول فيلم قدمه فى مصر بعنوان «أنا الشرق» مع الفنانين الكبار حسين رياض وجورج أبيض وكان هو البطل الرئيسى ولكن الفيلم لم يحظ بالنجاح الكبير، وعاد إلى باريس وظل يعمل هناك. وكانت التجربة الثانية التى قربته من العالم العربى هو عندما طلبوه يمثل عطيل فى تونس باللغة العربية الفصحى، وكان هذا شيئاً صعبًا جدا على الاستاذ جميل راتب وقتها، ولكنه اشتغل على نفسه ونجح فى تأدية الدور ونجح العمل.
فى عام 1974 عاد الاستاذ جميل راتب لمصر من باريس بناءً على طلب من الاستاذ صلاح جاهين الذى كان صديقه وطلب منه أن يأتى ليعطى له دور خالد صفوان فى فيلم الكرنك، وبالفعل عاد للقاهرة وعلى الرغم من الموافقة على أجره وعلى بروفات اللبس إلا أنه فوجئ أن الدور سيقوم به الفنان الكبير كمال الشناوى، وبعدها بيومين عرض عليه الاستاذ صلاح أبو سيف فيلم الكداب الذى يعتبر البداية الفنية الحقيقة للعظيم جميل راتب بمصر والذى برع فى أداء دوره فيه وفتح له الأبواب لأعمال سينمائية كثيرة بعد ذلك لتستمر رحلة عطائه الفنى وليصبح أيقونة من أيقونات السينما المصرية.. رحم الله الفنان العظيم جميل راتب الذى سيظل بيننا بأعماله الفنية العظيمة.