آراءشويّة دردشة

علشان مصر تعيش | بقلم د. ايات الحداد

ان كنتم تقتلون بأسم الدين الأسلامي! فالإسلام بريء منكم براءة الذئب من دم يوسف! ان كنتم تقتلون ما تسمونهم بأعداء الإسلام من المسيحين، فأقول لكم ان الله سبحانه وتعالى في مُحكم كتابه قال :”إن الشيطان لكم عدو فأتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير”، فالعدو الحقيقي هو الشيطان وقد دعاكم وأصبحتم من حزبه!، وان كنتم لا تعلمون شيء عن الإسلام فسوف أعرفكم ما هو الإسلام! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قتل معاهدًا له ذمة الله وذمة رسوله،فقد أخف بذمة الله فلا يرح رائحة الجنة”، فالاعتداء على المسالمين من أهل الكتاب كالاعتداء على المسلمين!، كما قال رسول الله ( موجهًا خطابه للكعبة) :”ما أطيبك وأطيب ريحك، وما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله من حرمتك”، كما اهتمت الشريعة الاسلامية بغير المسلمين واشار الله الى احترام عقائدهم فقال الله تعالى:” الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ”، كما أمر الله بمعاملة غير المسلمين معاملة حسنة فقال تعالى: ” لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ”، كما نادى رسول الله بحسن معاملة غير المسلمين والإحسان لهم فقال: ” من ظلم معاهدا ، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة )، وحينما تولى عمر بن العاص ولاية مصر كتب له سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما : ( ان معك أهل الذمة والعهد، فأحذر يا عمر أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم خصمك)، بل ذهب الإسلام الى أبعد من ذلك فقد شهد تاريخ الإسلام معاملة غير المسلمين من النصارى واليهود معاملة حسنة، فقد شكا يهودي علي بن أبي طالب رضي الله عنه فذهب إلى القضاء، وكان القاضي هو عمر بن الخطاب في أيام خلافة أبي بكر الصديق، قال عمر لعلي : إجلس بجانب خصمك يا أبا الحسن، فغضب علي غضباً شديداً رؤي في وجهه، وقضى عمر بين اليهودي وبين علي، وأخد اليهودي حقه، ثم قال عمر لعلي : يا علي أغضبت لتحقيق العدالة ؟! قال : لا، ولكني غضبت لفواتها قال عمر : كيف ذلك ؟ قال : لقد ناديتني بالكنية فقلت يا أبا الحسن، والكنية تكريم وناديت خصمي بإسمه المجرد، فأين العدالة يا عمر ؟! وخشيت ان يظن اليهودي ان العدل ضاع بين المسلمين ! كما أوصى عمر رضي الله عنه الخليفة من بعده بأهل الذمة أن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم وأن لا يكلفوا فوق طاقتهم، هذا هو الإسلام الذي يحث على التسامح والمحبة ولا يفرق بين انسان وآخر إلا بالتقوى فمن أنتم حتى تقتلوا الآبرياء من الناس بحجة الدين الذي هو بريء منكم ليوم الدين.

فحينما بسط الإسلام نفوذه من الشرق للغرب عاش أهل الكتاب في آمان وسلام مع المسلمين، آمنين سالمين ولم يتعد أحد عليهم، والأكثر من ذلك، يقول (جوستاف لوبون):الحق أن الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب ولا دينًا سمحًا مثل دينهم! ويقول (كوك) في كتاب ( تاريخ الشعوب الإسلامية): من الخطأ أن نعتبر أن الإسلام لا يعتنق مبدأ التسامح السياسي فتاريخه في هذا الشأن خير بكثير من تاريخ المسيحية ذلك أنه في كل البلاد التي وقعت تحت قبضة المسيحين مثل أسبايا وصقلية واليونان ، تعرض المسلمون هناك أما للفناء وإما للطرد نهائيًا من البلاد ، في حين أن البلاد التي يحكمها المسلمون مازالت الإقليات المسيحية باقية حتى اليوم وحريتهم وكرامتهم مُصانة!كما قال توماس آرنولد: “لم نسمع عن أية محاولة مدبرة لإرغام غير المسلمين على قبول الإسلام أو عن أي اضطهاد منظم قصد منه استئصال الدين المسيحي”.

كما أن عصر الخلفاء الراشدين يشهد بالمعاملة الحسنة لغير المسلمين، فعمر بن الخطاب الذي بعث به القاضي أبو يوسف لأمير المؤمنين هارون الرشيدي في شأن أهل الذمة ، فقال له:” ينبغي يا أمير المؤمين أن ترفق بأهل الذمة وأن تتفقد أحوالهم حتى لا يُظلموا أو يؤذوا ولا يكلفوا فوق طاقتهم ولا يؤخذ شيء من أموالهم إلا بحق يجب عليهم” ، وقال سيدنا عمر بن الخطاب عند وفاته:”أوصي الخليفة من بعدي بذمة رسول الله أن يوفي لهم بعدهم وأن يدافع عنهم ولا يكلفهم فوق طاقتهم”، كما كان أبو بكر رضي الله عنه يوصي الجيوش الإسلامية بقوله: “وستمرون على قوم في الصوامع رهباناً يزعمون أنهم ترهبوا في الله، فدعوهم ولا تهدموا صوامعهم”.

خلاصة القول ان الإسلام نادى بحسن معاملة الغير مسلمين ولم يفرق ما بين مسلم وغيره بل الإسلام نادى بالمساواة قبل ان تنص عليها المواثيق والاتفاقيات الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينادي بعدم التمييز ما بين شخص وآخر بسبب الدين! بل ذهب الى أبعد من ذلك فتوعد الله بمن لا يُحسن معاملتهم بأن رسول الله سيكون خصمه ، كما قال رسول الله:” استوصوا باقباط مصر خيرًا فان لكم فيهم ذمه ورحمه”، وقال رسول الله : ” إذا مرت بكم جنازة فإن كان مسلمًا أو يهوديًا او نصرانيًا فقوموا لها،فأنه ليس لها نقوم،ولكن نقوم لمن معها من الملائكة”، فبعد عرض نماذج قليلة عن كيفية معاملة الغير مسلمين ، أقول هكذا هو الإسلام دين الرحمة والسلام لا يفرق ما بين مسلم ومسيحي ولا حتى يهودي، لقد ضرب الإسلام أروع الأمثلة في حسن معاملة غير المسلمين حتى أطلق عليهم الله سبحانه وتعالى أهل الكتاب ، فالإسلام أول من حث على المعاملة الحسنة لأهل الكتاب وليس كما يزعم الغرب ومن يقتلون الآبرياء بأسم الدين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى