افتتاحية بروباجنداتحقيقات و تقاريرتقاريرعاجل

علشان ” بكرة أحلى”.. سر صبر المصريين على تحريك الأسعار

افتتاحية بروباجندا

لا حديث في مصر الآن إلا عن تحريك قيمة الدعم على الكهرباء والبنزين .. حقيقة لا يمكن إنكارها، أو تجاوز الحديث عنها اتساقاً مع مشاعر واتجاهات المصريين الذين بلا أدنى شك يعانون من ارتفاع الأسعار المترتب على هذه الإجراءات التي تهدف من ورائها الحكومة لدعم خطوات الإصلاح الاقتصادي وعلاج بعض التشوهات التي طالما حرمت الدولة من فرص واعدة للاستثمار وأثقلت كاهل الموازنة العامة بالأعباء الجسيمة .

لكن المشهد الجدير بالتسجيل في هذه الحالة هو مقدار التفهم والصبر التي قابلت بها جموع المصريين هذه الإجراءات، التي يعلمون علم اليقين أنها أشبه بجراحة ” قلب مفتوح” لو لم تتم لتدهورت الحالة ومات المريض لا قدر الله، وإدراكاً من أبناء هذا الشعب الصامد أن المسكنات لم تعد تجدي نفعاً بل تضر أكثر مما تفيد .

فأخيراً، وبعد رحلة طويلة قطعتها الدولة مع الإصلاح الاقتصادى، على مدار السنوات الأخيرة، يصل قطار ترشيد الدعم إلى محطته الأخيرة، حيث تنتهى الحكومة الآن من خطة ترشيد دعم المنتجات البترولية والكهرباء والمواد التموينية، بصياغة منظومة جديدة أكثر إحكاما وعدالة، تقلل الإهدار والنزيف وتحاصر وصول تلك الأموال إلى جيوب الأغنياء والمقتدرين، وتوجيهها بشكل فعال وأكثر كفاءة لتحسين الخدمات المقدمة للمستحقين والأولى بالرعاية .

وبحسب الخبراء فإن الدعم بشكله الماضى كان يساوى بين الغنى والفقير فى الحصول عليه .. وفي الواقع كان يحصل على أغلبه غير المستحقين، حيث كان المقتدر هو المستفيد الأكبر منه، بل أن الأجانب أنفسهم أيضا كانوا يستفيدون من الدعم وهو ما لا نراه فى اى دولة أخرى، كما أن الدعم بصورته القديمة كان يعنى حصول الشخص على شيء دون مقابل فى الإنتاج، عكس الأجر الذى يمثل مقابل للإنتاج وهو ما عانت منه مصر كثيراً على عكس المنظومة الجديدة للدعم التى تراعي تحفيز المواطنين على العمل والإنتاج .

وهنا يجدر التذكير بالدور العظيم الذى تحمله الرئيس عبد الفتاح السيسي فى تصحيح المسار الاقتصادى ورفع الدعم بصورة تدريجية والذي ضحى خلال تطبيقه بشعبيته وأقدم على اتخاذ قرارات جريئة طالما تقاعست الإدارات السابقة عن اقرارها، ووضع كل ثقته في الله تعالى وأبناء مصر الذين قرروا خوض غمار الحرب معه، وأبوا إلا أن يحرزوا النصر .

فمنذ اللحظة الأولى انتهج الرئيس مع شعبه طريق الصدق والصراحة وواجه المواطنين بجميع أبعاد الحقيقة رغم مرارة طعمها وأطلعهم على حقيقة الموقف وطالبهم بالقتال معه حتى تحيا الأجيال القادمة فاتخذ قرارات تحريك الدعم بما وفر فى الموازنة العامة حوالى 30 مليار جنيه .

وتؤكد جميع الإحصاءات الرسمية أن ترشيد الدعم سيمنح الفرصة لإعطاء دفعة للتنمية الاقتصادية، مما سينعكس آثاره الإيجابية على المواطن، فالدولة كانت فى حاجة لإتخاذ مثل هذه القرارات الإصلاحية، لذا يجمع الخبراء على أن ترشيد منظومة الدعم كان أمراً لابد منه لتوجيه تلك الأموال لمستحقيها من محدودى الدخل وتحقيق خدمات مستدامة لهم وهذا ما يفسر صبر المصريين على تلك الإجراءات لعلمهم أنها مرحلة مؤقتة تنقلنا إلى حالة أفضل خلال الأيام المقبلة .

وتجدر الإشارة إلى أن قيمة دعم المنتجات البترولية خلال الـ 3 سنوات الماضية، قد بلغت نحو 122.4 مليار جنيه خلال العام المالى 2017-2016، منخفضة إلى حوالى 120 مليار جنيه فى العام المالى التالى له، بينما بلغت خلال الـ 9 أشهر الأولى من السنة المالية المنتهية 2019-2018 نحو 60.1 مليار جنيه .

ومن المقرر، وفقا لخطة الدولة الإصلاحية ومستهدفاتها فى منظومة ترشيد الدعم، أن توجه النفقات التى ستوفرها الشريحة الأخيرة من ترشيد الدعم إلى زيادة المعاشات والحد الأدنى للأجور علاوة على زيادة المخصصات للبرامج الاجتماعية لمحدودى الدخل مثل ” تكافل وكرامة”، ووصول الدعم للفئات الأكثر احتياجا، هذا بجانب، زيادة المبالغ الموجهة لدعم البطاقات التموينية، والتى يستفيد منها نحو 76 مليون مواطن بالجمهورية .

ولأن المواطن هو الذي تحمل تبعات عملية الإصلاح الاقتصادي، وساند البلد وقت أزمتها، فإنه يستحق مستقبلا أفضل له ولأولاده، ولذلك كانت برامج الحماية الاجتماعية أولوية عند الحكومة المصرية .

وعلى سبيل المثال تشير الأرقام إلى أن الأجور في موازنة 2019 وصلت إلى 301 مليار جنيه، فكان من المستحيل رفع المرتبات إلى هذا الرقم دون قرارات ترشيد دعم المواد البترولية، والتي وفرنا منها 37 مليار في 2019، وهو ما سيمكن الدولة من تطبيق الحد الأدنى للأجور بزيادته الجديدة من 1200 إلى 2000 جنيه، وهو أيضاً ما يقودنا إلى حقيقة لا جدال فيها، أن ترشيد دعم المواد البترولية الخطوة الأخيرة في مشوار توصيل الدعم لأصحابه .

وقد ساهم توفير الانفاق على الدعم فى زيادة الأجور للقطاع العام ورفع الحد الأدنى للدخل إلى 2000 جنيه بزيادة تعادل 80% عن الحد السابق، كما أقر زيادة المعاشات 15% بحد أدنى 150 جنيه مع رفع قيمة الحد الأدنى للمعاشات ليصل إلى 900 جنيه تصرف لكبار السن وغير القادرين والذين يمثلون ما يقرب من 65 مليون مواطن، هذا بالإضافة إلى الدعم المستمر فى المواد التموينية والعيش، والتى تم وضع ضوابط كثيرة لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، من خلال البطاقات الذكية، بجانب التوسع في صرف معاشات تكافل وكرامة لنحو مليوني مواطن .

وجاءت كل هذه الإجراءات وغيرها من واقع إدراك الدولة لظروف محدودي الدخل وكمظلة اجتماعية تحول دون تضررهم من إجراءات الإصلاح الاقتصادي .. والتزاماً من الحكومة بسداد رواتب ومستحقات العاملين بالدولة في مواعيدها وفي مفاجأة سارة أعلنت وزارة المالية تقديم صرف أجور الشهور الأربعة القادمة وذلك في خطوة لم يتوقعها العاملون أنفسهم حيث يتم صرف راتب شهر يوليو بالزيادات المقررة والعلاوات يوم 14 ، وراتب شهر أغسطس يوم 8 بمناسبة عيد الأضحى المبارك ، وراتب شهر سبتمبر يوم 14 بمناسبة دخول المدارس وراتب شهر أكتوبر يوم 20 ، كل هذا ليس مناً أو تعطفاً من الدولة على أبنائها وإنما هو دعم ومؤازرة لهم .

كلمة لابد منها

إن بناء الأمم يستلزم حشد جميع الطاقات والإقدام على قرارات مصيرية لا غنى عنها، والرهان الرابح دائما على عزيمة الشعوب .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى