افتتاحية بروباجنداتحقيقات و تقاريرتقاريرعاجل

عبقرية توقيت التعديلات الدستورية

تقرير .. عادل محمد

هل حال مصر قبل وأثناء وضع الدستور القائم الذي تم وضعه في العام 2014 كما هو الحال عليه الآن .. تساؤل جوهري يكشف إلى أي مدى كانت الحاجة ضرورية وملحة لطرح التعديلات الدستورية المقترحة على جدول الأعمال .. فمن البديهي أن النقلة الحضارية والاجتماعية والسياسية التي شهدتها مصر طوال السنوات الخمسة الماضية، في أعقاب ثورة 30 يونيو المجيدة، تستلزم بلا أدنى شك مزيد من التنظيم للمشهد بكافة تفصيلاته .. وهذا ما استدعى تحرك نواب البرلمان لطرح التعديلات الدستورية على مائدة الحوار تمهيداً لعرضه على الشعب المصري في استفتاء حر ديمقراطي نزيه ليقول كلمة الفصل .

تعديلات العزة والكرامة

رغم تزايد الاهتمام في الآونة الأخيرة بالمواد التي تضمنتها التعديلات الدستورية المقترحة، إلا أن روعة وعبقرية توقيت صدورها ربما لم يأخذ حقه المناسب من المناقشة والتحليل، فمن المدهش أنها جاءت كنتيجة وحصاد لاكتمال بناء جميع مؤسسات الدولة الرئاسية والتشريعية بالإضافة إلى تدشين مشروعات قومية عملاقة تضمن تثبيت أرجاء الاقتصاد الوطني وتحقيق أهداف التنمية المستدامة .

إلى جانب تأسيس أقوى مظلة اجتماعية لحماية ابناء مصر محدودي الدخل من أية تأثيرات لإجراءات الإصلاح الاقتصادي وذلك عبر توفير دعم عيني شهري من المقررات التموينية بقيمة 50 جنيه لكل فرد بالأسرة، وتثبيت سعر رغيف العيش المدعم عند 5 قروش بما يمثله كل هذا من ضغوط على الموازنة العامة للدولة، لكن التوجيهات الرئاسية كانت واضحة وحاسمة ومباشرة بتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية .

هذا بخلاف التوسغ في برنامج تكافل وكرامة لمنح معاشات لكبار السن وذوي القدرات الخاصة والأسر الأكثر احتياجا حتى وصل عدد المستفيدين منه إلى أكثر من مليوني مواطن مصري، إلى جانب المشروع الوطني المبهر لتطوير العشوائيات والمناطق غير الآمنة بجميع مراحله والتي استفاد منها مئات الآلاف من المواطنين بهدف توفير مسكن آدمي وآمن يليق بهم .

وإذا ربطنا جميع هذه الإنجازات الاجتماعية بما نعنيه من توقيت عبقري لطرح التعديلات الدستورية المقترحة سنجد أنها تمثل منتهى الرقي في احترام الإرادة السياسية للمواطنين، فأصبحنا أمام حالة فريدة يتم خلالها دعوة الناخبين للاستفتاء على شأن وطني دون أي إملاء أو محاولة تأثير على قرار التصويت، فأنا كمواطن أحصل على جميع حقوقي في بلدي، وبإمكاني الإدلاء بصوتي بمنتهى الحرية والتحرر، على عكس أزمنة غابرة كانت إرادة المواطنين تخضع لمن يقدم الزيت والسكر .

صالح الوطن أولاً

ومن جوانب التميز التي تغلف تعديلات الدستور المقترحة أنها إنما وضعت وجعلت لصالح الوطن أولاً، فالدساتير مهما كانت واضحة ودقيقة بالنسبة لمن وضعوها فإنها تتعرض لتعديل الأهداف والدوافع كي تتلاءم مع ظروف الدولة والتحديات التى تواجهها، ويكون لجماهير الشعب قرارها الأخير بالموافقة أو الرفض .. وقد منحت المادة 226 من دستورنا الحق لرئيس الجمهورية أو خمس أعضاء البرلمان طلب تعديل مادة أو اكثر وحددت الضوابط والإجراءات اللازمة، وهو ما يؤكد القاعدة الثابتة أنه فى العمل السياسى التي تقول أن كل شيء متوقع لأن الدساتير من صنع البشر وليست نصوصاً سماوية منزلة، فطبيعة البشر وفكرهم وبالتالي احتياجاتهم تتغير طبقاً للظروف والأحوال وليس هناك مايمنع تعديل الدستور فى أى بلد إذا طرأت مستجدات تدعو لذلك .

وهنا كانت القناعة التامة بوجوب إزالة أى عقبات تحد من سلطات وصلاحيات رئيس الدولة، خصوصا فى هذه المرحلة الحاسمة التى يتحمل مسئوليتها الرئيس عبد الفتاح السيسى وهى مرحلة تؤكد معطياتها أنه إذا كانت رئاسة الدولة فى بلدان كثيرة من العالم جاها وتشريفا فإنها فى مصر وفى ظل الظروف الاستثنائية الصعبة الناجمة عن إفرازات السنوات العجاف فإن الوضع عندنا جد مختلف لأن المسئولية ضخمة والتركة ثقيلة، وهو ما عبر عنه أحد أساتذة علم السياسة بالتشبيه البليغ الآتي : الوضع الراهن في مصر أشبه بمريض داخل غرفة العمليات، فهل من المعقول أو المقبول أن يترك الطبيب الجرح مفتوحاً ومغادرة العمل بسبب انتهاء مواعيد عمله أم أن الرسالة المقدسة والضرورة الوطنية تستدعي أن يستمر في عمله لحين انتهاء الجراحة وخروج المريض بأمان وسلامة ؟ .

لأجل هذا والكثير غيره، كانت مصر في حاجة ماسة إلى تعديلات دستورية بمثابة ميثاق توافقى يمكن رئيس الدولة من استكمال ما بدأه فى تصحيح الأوضاع وترميم ما لحق بالبلاد من خراب وانهيار تحت رايات الفوضى حتى تستطيع سد كل الفجوات التى انتشرت فى بنيان الدولة واستكما مسيرة البناء والتنمية والنهضة المنشودة .

وإذا كان من المستقر عليه أن الديمقراطية تولد في مناخ مستقر واقتصاد قوي وهو ما تسعي نحوه مصر بعد ثورة 6/30، فمصر أمامها تحديات مختلفة يأتي في مقدمتها إعادة بناء مصر من خلال حزمة من المشروعات الاقتصادية الضخمة، وهذا ما لمسته جميع طوائف الشعب خلال السنوات الماضية .

فمصرنا الغالية لم تحقق نقلة حضارية خلال الستين عاماً الماضية كما حدث خلال الخمس سنوات الماضية، اما التحدي الثاني الذي يستوجب إجراء التعديلات الدستورية المقترحة فيتعلق بحجم التهديدات الخطيرة التي تمثلها التنظيمات الارهابية التي تحاول إجهاض نتائج وقطع ثمار ثورة 30 يونيو المجيدة، فهذه التنظيمات تتحرك بمنهجية وتكليفات ودعم كبير من دوائر خارجية مشبوهة لضرب الاستقرار وزعزعة الأمن في مصر، وهو ما يعظم الدور البطولي للقيادة السياسية التي يمثلها الرئيس عبد الفتاح السيسي وللقوات المسلحة الباسلة ووزارة الداخلية التي قامت بمجهودات خرافية في سبيل تصفية منابع الإرهاب وخصوصاً القادم عبر الحدود، وهو ما فشلت فيه دول كبري مثل فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا .

انجازات تفوق الخيال

منذ اللحظة الأولى لتولى الرئيس مسئولية الحكم شهدت مصر عهداً جديداً ينطلق بها لآفاق أرحب في جميع المجالات ويحول مصر لقبلة لجذب الاستثمارات المالية العربية والدولية ويدفع بعجلة التنمية الصناعية والسياحية والتعدينية والعمرانية والزراعية في توقيت واحد بمعدلات وسرعة تنفيذ غير مسبوقة ومن بين هذه المشروعات:

1 ـ قناة السويس الجديدة والتي تعد أول رابط ثقة بين المواطن والدولة حيث قام المصريون بالاكتتاب في المشروع عبر توفير 64 مليار جنيه لتنفيذ المشروع على أن يستفيدوا بعوائد ادخار عالية القيمة .

2 ـ مشروع استصلاح وتنمية المليون فدان والذي ساهم في زيادة لرقعة الزراعية ووفر آلاف فرص العمل أمام الشباب .

3 ـ المثلث الذهبي والذي يقوم على تعظيم الاستفادة من امكانيات وموارد مصر الطبيعية وتدشين مجتمعات انتاجية واعدة في محافظات الصعيد المصري التي طالما عانت الإهمال والتهميش ووضعها على خارطة الاستثمار القومي .

4 ـ المركز اللوجستي العالمي لتخزين وتداول الغلال والحبوب والذي من المقرر أن يحول مصر إلى سلة غلال ضخمة تعظم الانتاج الزراعي في مصر والدول الصديقة .

5 ـ مشروع تنمية الساحل الشمالي الغربي وتشييد مدينة العلمين الجديدة بما يجعل مصر قبلة السياحة الشاطئية حول العالم .

6 ـ المشروع القومي لزراعة مائة مليون شجرة زيتون والتي تتيح توفير آلاف الفرص العمل وتشغيل مئات المصانع والاستعاضة بمنتجاتها عن الاستيراد من الخارج مما يوفر مليارات من العملة الصعبة .

7 ـ مشروعات تنمية الثروة الحيوانية والتي تسهم بفاعلية كبرى في تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم والاستعاضة بالمنتج المحلي عن اللحوم المستوردة .

8 ـ مشروعات الاسكان والتي شملت نقل سكان المناطق غير الآمنة إلى مجتمعات حضارية بخلاف المضي قدماً في مشروعات الإسكان الاجتماعي بمراحلها العشرة والتي تمكنت الدولة من خلالها السيطرة على أسعار الوحدات السكنية ومنع انفجارها .

9 ـ العاصمة الإدارية الجديدة والتي تعتبر نقلة حضارية ومعمارية وسياحية تضع مصر في مصاف الاقتصادات الكبرى الجاذبة للاستثمار .

رؤية وطنية خالصة

وبقراءة سريعة لما تتضمنه التعديلات الدستورية المقترحة نكتشف أنها تشمل تعميق مشاركة القوات المسلحة الباسلة في الحياة المدنية، وهذا هدف كلنا يدرك مدى عظمته .. فقد أثبتت المؤسسة العسكرية انحيازها التام لصالح الوطن والمواطنين وهذا ما ظهر جلياً في جميع الأحداث الكبرى .. كما لا تخطئ عين الدور الوطني المخلص الذي لعبه رجال القوات المسلحة في تخليص مصر وحماية المواطنين من العناصر الإرهابية والإجرامية، إضافة إلى ما تمثله كذراع أيمن في إنجاز جميع المشروعات القومية الكبرى .

كما نصت التعديلات المقترحة على تعزيز السلم الاجتماعي وضمان حقوق جميع طوائف المجتمع أقباط ومرأة وذوي قدرات خاصة وشباب ، وكلنا نتذكر كم عانت هذه الشرائح من التهميش والعزل والإقصاء ، لذا ينظر المنصفون لهذه التعديلات على أنها ضمانة أكيدة وصارمة لحفظ جميع المكاسب التي حصل عليها المواطنون كنتائج مباشرة لثورة 30 يونيو .

كما تنص التعديلات المقترحة على تعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية مما يسد فراغاً دستورياً مهماً ويعلي مصالح الوطن فوق أي اعتبار ويكذب أي ادعاءت زائفة بأنها إنما جعلت لمنح صلاحيات غير محدودة لرئيس الجمهورية .

إضافة إلى أن هذه التعديلات تمثل ضمانة أكيدة لتعميق الممارسة الديمقراطية باستحداث مجلس الشيوخ الذي سيعد بمثابة شريك فعال في الحياة السياسية وباب نيابي آخر يعين مجلس النواب على اتخاذ القرارات المصيرية المهمة للشعب المصري .

لطمة على وجه الكاذبين

وإذا كان كل ما سبق مما يحسب للتعديلات الدستورية المقترحة، فإن ما مثلته من لطمة على وجه مروجي الأكاذيب هو المكسب الأعظم، حيث جاءت النصوص بمثابة طلقة كاشفة لمزاعم وادعاءات المغرضين الذين قالوا كذبا انها تنطوي على استهداف لمنصب شيخ الأزهر في مؤامرة مفضوحة للترويج بأن هناك شيء ما يدبر في الخفاء لمؤسسة الأزهر التي يجلها الجميع ويحرص كل مسئول، بداية من الرئيس شخصياً وانتهاءً بأصغر مسئول في الجهاز الإداري، على توفير كل الدعم لها وصون استقلالها وتوفير جميع ما يلزم لممارسة الدور التنويري للأزهر الشريف باعتباره منارة الاعتدال والوسطية في العالم الإسلامي .

فقد خلت النصوص المقترح تعديلها من أي ذكر أو تعرض من قريب أو بعيد لمنصب شيخ الأزهر باعتباره أحد مؤسسات الدولة العريقة التي تخرج فيها كبار العلماء الذين أناروا منهج الدعوة الإسلامية في كل أنحاء العالم .

كلمة أخيرة

ستمضي سفينة الوطن بكل ثبات وثقة في ظل القيادة السياسية الوطنية رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين .. بفضل الجهود المخلصة لبناء وطن يحتوي كل أبنائه، ولن تتوقف مسيرة البذل والعطاء حتى يتحقق حلم المصريين في المستقبل المشرق .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى