أكد رؤساء عدة بنوك في مصر أن قرار تحرير سعر الصرف الذي أعلنه البنك المركزي في 3 نوفمبر الماضي، قد عزز من قيمة الجنيه المصري، وأنهى السوق الموازي للنقد الأجنبي بخلاف قفزة كبيرة في حصيلة التدفقات الدولارية..واصفين القرار بـ “التاريخي” وأنه يمثل خطوة على الطريق الصحيح إذ أعاد للبنك المركزي دوره الريادي في تحفيز النمو واستقرار الأسعار.
وقال هشام عكاشة رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري ـ في تصريحات لمندوب وكالة أنباء الشرق الأوسط -” إن التعويم أعطى دفعه مهمة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، وظهرت نتائجه الإيجابية سريعا..مبينا أن حصيلة البنك الأهلي من الدولار بلغت منذ التعويم أكثر من 15 مليار دولار”.
وأضف” بعد مرور عام على تحرير سعر الصرف تم ضبط السوق وتزايدت التدفقات النقدية على القطاع المصرفي، الأمر الذي أدى إلى استخدامها في تمويل عمليات التجارة الخارجية وتوفير الدولار للعملاء، وأسهم في توفير الآلات والمعدات ومستلزمات الإنتاج وتشغيل المصانع إلى جانب توفير السلع الأساسية بالسوق”.
وتوقع رئيس البنك الأهلي استمرار تدفق النقد الأجنبي خلال الفترة المقبلة في الجهاز المصرفي خاصة في ظل وجود سعر للصرف مرن يخضع لآليات العرض والطلب ما يحقق قدرة تنافسية للاقتصاد في التصدير والاستثمار والسياحة.
كان محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر أعلن أمس أن إجمالي التدفقات النقدية بلغ نحو 80 مليار دولار خلال 11 شهرا، كما بلغ إجمالي استثمارات الصناديق الأجنبية نحو 19 مليار دولار.
من جانبه، قال يحيي أبو الفتوح نائب رئيس البنك الأهلي” إن قرار تحرير سعر الصرف قضى على السوق السوداء نهائيا..مشيرا إلى أن البنك نجح في جذب 360 مليار جنيه حصيلة الشهادات الادخارية ذات العائد المرتفع 16%، 20% منذ قرار تحرير سعر الصرف في نوفمبر من العام الماضي.
وشدد أبو الفتوح على أن نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي سيكون له أثر إيجابي كبير على خفض الأسعار إذ سيسهم في تحسين الصادرات وزيادة موارد الدولة من الدولار وبالتالي خفض الأسعار.
من جهته، أكد محمد الاتربي رئيس مجلس إدارة بنك مصر أن رؤساء بنوك الاستثمار العالمية أشادوا بخطة الإصلاح الاقتصادي التي تنتهجها مصر حاليا، وذلك خلال لقائه بهم على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي مؤخرا، وأكدوا أن مصر أصبحت دولة جاذبة للاستثمار.
وقال الاتربي” إن البنوك أصبح لديها فائض من النقد الأجنبي، وبالتالي تم الانتهاء من جميع قوائم الانتظار للمستوردين لاستيراد السلع الأساسية، وذلك لم يحدث منذ 2011..منوها بأن حصيلة البنك من العملة الأجنبية منذ قرار تحرير سعر الصرف تجاوزت 10 مليارات دولار” .
وأضاف” من إيجابيات قرار تحرير سعر الصرف أن أصبح لدينا سعر واحد للدولار يتم التعامل من خلاله، ويشعر من خلاله المستثمر سواء المحلي أو الخارجي بالإستقرار، كما أن الاحتياطي النقدى ارتفع عما كان قبل ثورة 25 يناير، في الوقت الذي انخفض فيه الاستيراد العشوائي، وبدأت مؤشرات السياحة تزدهر من جديد”.
بدوره، قال حسين رفاعي العضو المنتدب ورئيس بنك قناة السويس” إن الاحتياطي من النقد الأجنبي وصل إلى 5ر36 مليار دولار، وهو أعلى مستوى له منذ ثورة 25 يناير 2011 ، كما ارتفعت حصيلة البنوك والجهاز المصرفي من النقد الأجنبي منذ تحرير سعر الصرف”.
وأشار رفاعي إلى أن التكريم الذي حصل عليه محافظ البنك المركزي طارق عامر من مؤسسات دولية يعكس نجاح القرارات التي اتخذت نحو عملية الإصلاح الاقتصادي، وكان لسياسات البنك المركزي المصري الفضل في وضع الاقتصاد المصري على الطريق الصحيح.
وذكر تقرير لصندوق النقد الدولي صدر حديثا” أن مصر تعد مثالا لبلد بدأ يتحول اقتصاده نحو الارتفاع تزامنا مع تدفقات رؤوس الأموال وزيادة الصادرات وعودة السياحة وتحسن التدفقات الخارجية”.
وأوضح أن سياسة رفع أسعار الفائدة التي يتبعها البنك المركزي المصري مناسبة للسيطرة على معدلات التضخم، مشيرا إلى أن نتائج تلك التدابير ستحتاج لبعض الوقت للظهور.
وأكد الصندوق أن برنامج الإصلاح الذي تنتهجه الحكومة من إصلاحات شملت إعادة هيكلة منظومة دعم الطاقة، وضبط الأجور، وإقرار ضريبة القيمة المضافة، وقانون الاستثمار الجديد، هو برنامج محلي مصحوب بمساعدة من صندوق النقد الدولي.
وقال المهندس معتز رسلان، رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى، إن هناك مقولة شهيرة للزعيم السوفيتى الراحل “لينين هى” أن أفضل وسيلة لهدم النظام الاقتصادى هى تدهور عملته”.
وأضاف فى بيان للمجلس اليوم: “أعتقد أن هذه المقولة كانت بمثابة جرس إنذار لحال الاقتصاد خلال السنوات الماضية بعد وصول سوق الصرف لأوضاع غير محتملة، من حيث ندرة موارد النقد الأجنبى وسيطرة السوق السوداء وتراجع الاحتياطي الأجنبى، أضف إلى ذلك معاناة قطاعات عديدة مثل السياحة والصناعة، والأهم اهتزاز الثقة فى الاقتصاد المصرى”.
ولفت رسلان، فى كلمته التى القاها بمناسبة استضافة طارق عامر محافظ البنك المركزى، بالتأكيد على أن التأخر فى مواجهة هذه التحديات ومعالجة الاختلالات الشديدة، التى كان يعانى منها الاقتصاد، قد كلفنا الكثير والكثير طوال السنوات الماضية، لأننا فضلنا الحفاظ على الجنيه بأكثر من قيمته لسنوات طويلة، وأغفلنا الخاصية الأساسية للنقود، وهى الاستقرار فى قيمتها لأن عدم استقرارها يؤدى إلى فقدان طبيعتها وانهيار النظام النقدى، وربما النظام الاجتماعى.