بعد أن حقق مسلحو المعارضة السورية مكاسب كبيرة على الأرض بخرقهم أمس حصاراً لشرق حلب الواقع تحت سيطرتهم، تعرضوا لهجوم جوي مكثف اليوم الأحد من قوات النظام.
ويسعى النظام لوقف تقدم قوات المعارضة، الذي تسبب أيضاً في قطع طريق الإمداد الرئيسي إلى قطاع حلب الذي تسيطر عليه قواته ذاتها.
واستولى المعارضون على الجزء الأكبر من مجمع عسكري حكومي كبير في جنوب غرب حلب، في هجوم مكثف بدأ يوم الجمعة لكسر حصار استمر لمدة شهر، وهم الآن يهاجمون بمزيد من الضراوة مناطق تسيطر عليها قوات النظام.
وسمح التقدم المفاجئ في الراموسة لمقاتلي المعارضة في غرب سوريا باختراق شريط تسيطر عليه قوات النظام أمس السبت والالتحاق بمقاتلين في القطاع المحاصر في شرق حلب.
لكن عنف القتال والضربات الجوية المستمرة لقوات روسية وسورية في الراموسة ومحيطها لم تسمح بفتح ممر آمن لسكان شرق حلب، بحسب ما قال ناشطون والمرصد السوري لحقوق الإنسان.
«الأسد» يريد بسط سيطرته على حلب
يريد بشار الأسد بسط سيطرته الكاملة على حلب، ثاني أكبر المدن السورية قبل الحرب من حيث عدد السكان، والتي صارت الآن مقسمة إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة وأخرى يسيطر عليه النظام.
وتدعم قوات النظام في سوريا قوات جوية روسية، وفصائل مسلحة إيرانية، ومقاتلون من “حزب الله” اللبناني.
وربما تغير مكاسب المعارضة مطلع هذا الأسبوع ميزان القوى في حلب، خاصة بعد أن قال الأسد إن حصار قوات النظام والقوات الحليفة في أوائل شهر يوليو تموز للمناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في شرق حلب سيكون مقدمة لاستعادة المدينة. وستمثل خسارة المعارضة لحلب ضربة قوية لها.
وقال قيادي فيما سمي ائتلاف الجماعات المعارضة المعتدلة في حلب يدعى أبو الحسنين “بسطنا سيطرتنا على كل الراموسة.. ونحن في خنادقنا و(تنفذ) اليوم غارات جنونية لم نشهدها من قبل”، مشيراً لاستخدام قنابل “عنقودية وفراغية”.
وقللت قنوات إخبارية موالية للنظام من مكاسب المعارضة، وقالت إن جهود جيش النظام أجبرت المعارضة على الانسحاب من بعض المناطق التي كانت سيطرت عليها في الآونة الأخيرة.
لكن قناة “الميادين” الإخبارية اللبنانية الموالية للنظام السوري قالت مساء السبت إن جيش النظام انسحب من عدد من المواقع في جنوب غرب حلب، وأعاد تمركزه في خطوط دفاعية جديدة.
ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق من جيش النظام السوري.
ومع سيطرة مسلحي المعارضة على أجزاء من مجمع الراموسة العسكري، الذي يضم عدداً من الكليات العسكرية، نشروا صوراً للأسلحة والذخيرة التي استولوا عليها.
«جبهة النصرة» تنشر المركبات المدرعة في حلب
نشرت «جبهة الشام»، التي كانت سابقاً «جبهة النصرة» ذات الصلة بتنظيم “القاعدة”، صوراً لصفوف من المركبات المدرعة والذخائر ومدافع الهاوتزر والصواريخ والشاحنات.
وقال معارضون والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن الجبهة الأمامية لقوات المعارضة تتقدم في الاتجاه الشمالي الغربي نحو غرب حلب وعلى أطراف حي الحمدانية ومنطقة سكنية تسمى مشروع 3000 شقة.
وإلى الشمال من الحمدانية، وفي اتجاه تقدم مسلحي المعارضة، يقع مجمع عسكري ضخم آخر هو أكاديمية الأسد للهندسة العسكرية.
وهنأ التحالف الوطني السوري المعارض قوات المعارضة على ما حققوه من مكاسب كبيرة قال إنها بعثت رسائل واضحة لنظام الأسد وإيران وروسيا مفادها إنهم لن يستطيعوا هزيمة الشعب السوري أو إملاء شروط للتسوية.
وقال التحالف “إن ما حققه الثوار هو رسالة واضحة لنظام الأسد وإيران وروسيا على أنهم لن يستطيعوا حسم المعركة عسكريا وفرض إملاءاتهم على الشعب السوري”.
وأضاف أن “إرادة الثوار أثبتت قدرتها على كسر جبروتهم وتفويت أهداف.. المستبد وأسياده المحتلين”.
وختم التحالف بقوله “لكم العز والفخار أبطالنا وأنتم تسطرون صفحات المجد في حلب وكل سوريا، وتعبدون الطريق لولادة سوريا كوطن للسوريين الأحرار”.
حلب تحت الحصار
تتصاعد المخاوف في غرب حلب، الذي يسيطر عليه النظام، من أن تقع تحت حصار المعارضين، مثلما تحاصر قوات النظام شرق حلب، لأن طريق الراموسة الرئيسي الممتد جنوباً إلى دمشق لنقل البضائع قد قطع.
وقال المرصد إن الأنباء عن تقدم المعارضين تسببت في ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى ما يصل إلى أربعة أمثالها في غرب حلب.
وبعد قطع طريق الراموسة قال رامي عبد الرحمن مدير المرصد لـ “رويترز″ إن السيارات العسكرية مازالت قادرة على دخول غرب حلب، والخروج منها عن طريق الطرق المتبقية المتجهة شمالاً، لكنها ليست آمنة بما يكفي لعبور المدنيين.
وفي شرق حلب، رغم بعض مظاهر الاحتفال بعد كسر المقاتلين للحصار أمس، فإن غياب طرق آمنة للخروج يعني أن أوضاع السكان لم تتغير.
وقال عبد الرحمن إن ثلاث شاحنات محملة بالخضراوات عبرت إلى شرق حلب، لكنها كانت مجرد بادرة رمزية، ومازال الممر خطراً للغاية على المدنيين أو على الإمدادات.
«الأمم المتحدة» الأوضاع في حلب مقلقة للغاية
قالت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة إن الأوضاع في شرق حلب المعزولة التي يسيطر عليها المعارضون أصبحت مقلقة للغاية.
وقالت كريستي ديلافيلد، مسؤولة الاتصال لمؤسسة ميرسي كوربس، التي تدير أكبر عمليات مساعدات غير حكومية داخل سوريا لـ “رويترز″ “أسمع في الفترة الأخيرة أن الأسواق مغلقة، ويكاد يكون من المستحيل شراء الطعام. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن إجمالي إمدادات المساعدات إلى شرق حلب لن يدوم لأكثر من أسبوعين”.
وأضافت ديلافيلد “توصيل المساعدات لمن يحتاجون إليها أكثر خطورة من أي وقت مضى، والوضع يزداد سوءاً كلما مر وقت قبل وصول مخزونات جديدة”.
واجتذبت الحرب متعددة الأطراف الدائرة في سوريا منذ عام 2011 قوى إقليمية ودولية وتسببت في أسوا حالة طوارئ إنسانية في العالم واجتذبت مجندين للمتشددين الإسلاميين من مختلف أرجاء العالم.