
يسطر رجال القوات المسلحة يوما بعد يوم أروع ملاحم البطولة والتضحية فداء لمصر وشعبها العظيم، لا يهابون الموت ويواصلون الليل بالنهار يدافعون عن أرضها ويبذلون أرواحهم فداء لثراها المقدس، في أرض سيناء المقدسة يسطر هذا الجيل من أبناء الشعب المصري قادة وضباط وصف وجنود ملحمة وطنية جديدة من البناء والتعمير والتنمية، والتصدي بكل حزم لقوى الشر والغدر والإرهاب عازمين على دحره واقتلاع جذوره من تلك الأرض الغالية التي ارتوت بدماء الشهداء، يملأهم اليقين أنهم على الحق المبين وأن الله ناصرهم على هؤلاء الضالين ممن استباحوا الحرمات وسعوا بالإفساد والتخريب والتطرف.
وامتدادا لجهود القوات المسلحة في تطهير سيناء من العناصر التكفيرية والإجرامية يقف أبطال ومقاتلو الجيش الثالث الميداني حائطا قويا صامدا لدحر الإرهاب محققين العديد من الإنجازات والنجاحات المتلاحقة خلال العمليات الأمنية الشاملة بمناطق مكافحة النشاط الإرهابي بالخرم والعنقابية وجبل الراحة بوسط سيناء والتى تتميز بالطبيعة الجبلية والمساحات الشاسعة والتضاريس الوعرة التى تتخذها العناصر التكفيرية كملجأ حصين يفرون إليه، من بين تلك المناطق وأكثرها خطورة منطقة “جبل الحلال” التي استطاع أبطال ومقاتلو الجيش الثالث الميدانى تحطيم اسطورته الإجرامية وفرض السيطرة الكاملة عليه وتطهيره من الإرهاب في ملحمة بطولية جديدة .
ويعد الجيش الثالث الميداني أحد صروح العسكرية المصرية بتاريخها المجيد حيث كان قرار إنشائه مواكبا لإعادة تنظيم القوات المسلحة عام 1968، واستطاع رجاله العظام تحقيق مهامهم المكلفين بها بكفاءة عالية خلال معارك الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة وكانت لهم العديد من البطولات والتضحيات التي سجلها التاريخ العسكري المعاصر، ومنها اتخذ الجيش شعاره “الإيمان .. الصمود.. التحدي”.
وترجم أبطال ومقاتلو الجيش الخبرات المكتسبة ضمن المنظومة المتكاملة للقوات المسلحة في التخطيط والتدريب وتطوير القدرة القتالية وامتلاك نظم التسليح الحديثة للوصول إلى أعلى معدلات الكفاءة والاستعداد القتالي وتنفيذ المهام المكلفين بها لحماية ركائز الأمن القومي المصري، والمعاونة في تأمين الجبهة الداخلية وحماية المنشآت الحيوية والأهداف الاقتصادية في المحافظات التي تدخل في نطاق مسئوليته وتقديم الدعم والمعاونة وتخفيف العبء عن كاهل المواطنين .
وأكد اللواء أركان حرب محمد رأفت الدش قائد الجيش الثالث الميداني – خلال الجولة التي نظمتها إدارة الشئون المعنوية لوفد كبير من الشخصيات الإعلامية والمحررين العسكريين إلى منطقة جبل الحلال بوسط سيناء – أنه في إطار توجيه القيادة السياسية لدحر الإرهاب وتطهير سيناء من كافة العناصر الإرهابية، وبصدور الأوامر من القيادة العامة للقوات المسلحة باقتحام وتطهير جبل الحلال نظرا لحجم التهديدات الموجودة به، فقد تم التخطيط للعملية على عدة مراحل.
وقال إن المرحلة الأولى هى مرحلة تجميع المعلومات بالتعاون مع الأجهزة الأمنية وأهالى سيناء الشرفاء الذين يعملون يدا بيد مع قواتهم المسلحة، وتم حصر المعلومات الكاملة عن جبل الحلال والمسارب والدروب المؤدية إليه وأماكن تمركز وانطلاق العناصر التكفيرية به، وتدقيق الدراسات الطبوغرافية لطبيعة الجبل والتى تعتبر فريدة من نوعها فجبل الحلال يمتد لمسافة 60 كم من طريق الحسنة/بغداد وحتى قرية ام شيحان/وبعمق 20 كم تقريبا ، ويتميز من الناحية الغربية له بالأرض ذات الغرود الرملية الكثيفة التى يصعب سير العربات بها، ومن الجنوب ذات المنحدرات الحادة التى يصعب الدخول بها بواسطة المركبات ومن الشرق امتداده مع جبل ضلفة يمثل عائقا للمناورة، ومن الشمال هو الطريق الذى يمكن القوات التى تبدأ هجومها منه والذى به العديد من الوديان الممتدة داخل جبل الحلال .
وأضاف أن المرحلة الثانية للعملية بدأت بفرض الحصار الشامل لطرق الاقتراب المؤدية للجبل من خلال الكمائن والارتكازات الأمنية، وإحكام السيطرة الكاملة على مداخل جبل الحلال من جميع الاتجاهات بغرض منع دخول الإمدادت داخل جبل الحلال ونفاذ المخزون الاستراتيجى لدى العناصر التكفيرية وإجبارهم على مواجهة القوات أو الاستسلام .
وأوضح قائد الجيش الثالث أنه حين حانت ساعة الصفر تم دفع 9 مجموعات قتال كل مجموعة مسئولة عن قطاع داخل الجبل بمهمة تمشيط كل شبر داخل الجبل والقتال مع العناصر التكفيرية، ولمدة 6 أيام متواصلة استمر أبطال الجيش الثالث الميدانى فى أعمال التمشيط والقتال مع العناصر التكفيرية وفى منظومة متكاملة بين القوات القائمة بالهجوم ونيران المدفعية والحماية الجوية المستمرة من القوات الجوية، وقد أسفرت أعمال التمشيط والمداهمات عن مقتل 18 تكفيريا والقبض على 31عنصرا آخرين خلال تبادل لإطلاق النيران مع القوات.
وأشار إلى أنه تم العثور على ميادين رماية يتدربون عليها بأشكال تشبه أشكال الرماية وأماكن تشبه الكمائن الخاصة بقواتنا للتدريب على اقتحامها، وتدمير 3عربات و6 دراجات نارية، كما تم اكتشاف 24 كهفا و8 مغارات عثر بداخلها على مخازن الذخيرة والأسلحة بكميات هائلة ونظارات الميدان التى تستخدم فى المراقبة ورصد قواتنا ونظارات الرؤية الليلية، و29 دراجة نارية معدة للتفخيخ ومخازن تضم العديد من العبوات الناسفة المعدة للاستخدام وكميات كبيرة مثل (c4 – الانفو – نترات الأمونيوم) بالإضافة إلى ورش لتصنيع دوائر النسف وماكينات لحام والمعدات المكملة لها التى تستخدم فى صنع العبوات الناسفة، كما تم العثور على 8 نقاط وقود تستخدم كاحتياطيات استراتيجية لإمداد عناصرهم التكفيرية بالوقود، ومخازن تحتوى على كميات من مواد الإعاشة والمهمات والملابس الخاصة بالعناصر التكفيرية.
كما تم ضبط عدد من العربات المخبأة داخل الوديان ومثبت عليها الرشاشات بهدف التعامل مع قواتنا، ومخازن للسيارات الحديثة وقطع الغيار بكميات كبيرة تستخدم للإمداد الاستراتيجى للعناصر التكفيرية، فضلا عن أجهزة للكشف عن الألغام ووسائل الاتصالات اللاسلكية، وكميات كبيرة من المواد المخدرة المعبأة والمعدة للبيع .
وأشار قائد الجيش الثالث الميداني إلى التواصل المستمر من القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة للاطمئنان على الأبطال والمقاتلين والتواصل المباشر معهم بشكل يومي داخل أرض المعركة كان له أكبر الأثر في رفع الروح المعنوية العالية ومحاربة الظروف المناخية والطبوغرافية من أجل تحقيق هذا الإنجاز ويرسخ روح العزيمة والإيمان والصمود في مواجهة التحديات التي تهدد استقرار وأمن مصرنا الحبيبة وطننا الغالى .
ومن جانبه، قال قائد عملية تطهير جبل الحلال إن القوات المشاركة تمكنت من إحباط جميع محاولات الهروب أو الدخول إلى الجبل خلال مدة الحصار واقتحام الجبل، واستطاع جنودنا البواسل تمشيط كل الوديان والمسارب والقمم الجبلية، وتنفيذ المهام المخطط لها بكل احترافية وكفاءة في القضاء على كافة البؤر التكفيرية داخل جبل الحلال، وقتل عدد من المسلحين المتحصنين بالجبل خلال الاشتباكات، كما نجحنا في القبض على عدد كبير منهم على قيد الحياة لإمدادنا بالمعلومات الهامة عن تلك العناصر .
وأكد أحد قادة مجموعات الاقتحام أنه بزيادة الضغط على التكفيريين ومهاجمتهم بشراسة كانوا يولون الفرار ويتركون أسلحتهم وذخائرهم إلى قمم الجبال ظنا منهم أننا لن نستكمل داخل كل شبر داخل جبل الحلال، وقد قامت القوات بنسف وتدمير العديد من مخازن العبوات الناسفة فى مناطق متعددة داخل الجبل، فضلا عن المغارات التي استخدمت كورش لإمداد العناصر التكفيرية بشمال ووسط سيناء .
فيما أشار قائد إحدى المجموعات المكلفة باقتحام الجبل، كنت ورجالي ننفذ مهامنا المخططة ونحن نعلم أن قلوب جميع المصريين معنا، كنا نحارب التضاريس الصعبة والظروف الجوية القاسية التى تصل إلى صفر درجة مئوية والمنحدرات والصخور الحادة، لكن تدريبنا وعقيدتنا الراسخة وتلاحم الضباط والصف والجنود بروح معنوية عالية هي العنصر الرئيسي لتحقيق هذا الإنجاز.
فيما كشف عدد من الضباط وضباط الصف والجنود من قوات إنفاذ القانون المشاركين بالعملية عن بعض الأدوار البطولية المذهلة التي قام بها زملاؤهم، حيث كان أحد الجنود قد أصيب بإصابة بالغة، وكان “يلفظ أنفاسه الاخيرة”، فتوجه إليه قائده ليساعده علي عملية إخلاء مكانه، لكن الجندي رفض الإخلاء وطلب من قائده الاستمرار في عملية الاقتحام والمداهمة حتى استُشهد، كذلك أثناء عملية الاقتحام حيث توفيت والدة الجنود، أثناء عمليات المداهمات، وعندما علم بوفاة والدته، قٌلنا له بأنه سيتم توفير وسيلة لنزوله من الجبل مع توفير حماية له، من أجل المشاركة في عزاء والدته، لكن البطل المقاتل رفض، وأصر علي استمراره في عملية المداهمات، ليأخذ ثأر زملائه من الشهداء .
وأكدوا جميعا أن السر الكامن وراء النجاح هو أننا جميعا كتلة واحدة على قلب رجل واحد نرتدى زيا واحدا ونأكل من طعام واحد ونقاتل لهدف واحد هو أمن واستقرار مصرنا الغالية واسترداد حق شهدائنا الأبطال الذين قدموا أرواحهم لتطهير هذه البقعة المقدسة من أرض مصر .