تعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الحالية لأرمينيا الصديقة وهى الأولى من نوعها لرئيس مصرى تأتى في ظل العلاقات التاريخية المتميزة بين البلدين والشعبين الصديقين، والتي لا تقتصر فقط على الشق الرسمي وكون مصر أول دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية مع أرمينيا عقب استقلالها، وإنما تتعدى ذلك لتشمل العلاقات الشعبية الوطيدة واستضافة مصر لجالية أرمينية كبيرة ساهمت من جانبها بدور هام في تاريخ مصر على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد وصل أمس السبت، إلى مدينة يريفان عاصمة أرمينيا، وذلك في زيارة ثنائية هى الأولى من نوعها لرئيس مصري منذ استقلال أرمينيا.
والتقى الرئيس السيسي، اليوم الأحد، فى أرمينيا كلًا من “نيكول باشينيان” رئيس وزراء جمهورية أرمينيا، و”فاهاجن خاتشاتوريان” رئيس الجمهورية، وتم تبادل الرؤى بشأن سبل تعظيم العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين على شتى الأصعدة وفي كافة القطاعات، خاصةً التجارية والاستثمارية، فضلاً عن التباحث بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
التقى الرئيس عبد الفتاح السيسى، اليوم الأحد، بالقصر الرئاسي في العاصمة الأرمينية يريفان مع الرئيس “فاهاجن خاتشاتوريان”، رئيس جمهورية أرمينيا، حيث أقيمت للرئيس مراسم الاستقبال الرسمي وتم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف.
وصرح المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس أجرى مباحثات مغلقة مع الرئيس الأرميني تبعتها جلسة مباحثات موسعة ضمت وفدي البلدين، حيث رحب الرئيس الأرميني فى مستهلها بالزيارة التاريخية للرئيس، معرباً عن تقدير أرمينيا لمصر على المستويين الرسمى والشعبى، واعتزازها بالروابط الممتدة التى تجمع بين البلدين الصديقين.
كما أشاد الرئيس الأرميني بخطوات إصلاح الاقتصاد المصرى والمشروعات القومية الكبرى الجارى تنفيذها، مؤكداً حرص بلاده على مساندة جهود مصر التنموية ودعمها فى كافة المجالات، فضلاً عن التطلع لتبادل الخبرات الفنية مع مصر ومشاركتها في تنفيذ المشروعات في أرمينيا في عدد من القطاعات التي باتت تتمتع فيها بتجربة ناجحة، لاسيما البنية التحتية والنقل.
من جانبه؛ أعرب الرئيس عن تقدير مصر لحفاوة الاستقبال الأرميني، مشيدًا سيادته بعلاقات الصداقة المصرية الأرمينية المتينة والتاريخية، خاصةً في ضوء استضافة مصر للجالية من الأرمن والذين أسهموا في التطورات التي شهدتها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية، إلى جانب دورهم في إثراء المجتمع المصري كمكون فاعل ومنتج.
كما ثمن الرئيس ما بلغته العلاقات الثنائية المشتركة بين البلدين الصديقين من مستوى متقدم على مختلف الأصعدة خلال الفترة الأخيرة، معرباً عن التقدير لمشاركة الرئيس الأرميني في القمة العالمية للمناخ COP27 التي عقدت في شرم الشيخ في نوفمبر الماضي، وهي المشاركة التي عكست قوة العلاقات بين البلدين، مؤكداً تطلع مصر لتعميقها وتعزيزها، لاسيما على المستويين الاقتصادي والتجاري، أخذاً في الاعتبار دور الآليات المؤسسية في تحقيق ذلك، والمتمثلة في اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والعلمي والفني والتي عقدت دورتها الأخيرة في يريفان عام 2017، وكذلك منتدى رجال الأعمال، الذي يساعد بدوره على التعريف بمجالات الاستثمار والتجارة المتاحة بين البلدين.
وأضاف المتحدث الرسمي أن المباحثات تناولت عددًا من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث أشاد الرئيس “خاتشاتوريان” بالدور المحوري الذى تضطلع به مصر على صعيد ترسيخ الاستقرار فى الشرق الأوسط وإفريقيا، خاصةً في إطار مكافحة الهجرة غير الشرعية وتحقيق التعايش بين الأديان ودعم الحلول السلمية للأزمات القائمة بمحيطها الإقليمي.
كما تم تبادل وجهات الرؤى فيما يخص مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، فضلاً عن سبل التكاتف لمواجهة التداعيات الاقتصادية العالمية للأزمة الروسية الأوكرانية.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس والرئيس الأرميني شهدا التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة بين الجهات الحكومية المعنية في البلدين للتعاون في عدد من المجالات، وهي المجال العلمي والتكنولوجي، وكذا مذكرة تفاهم للتعاون بين وزارة الشباب والرياضة المصرية ووزارة التعليم والعلوم والثقافة والرياضة الأرمينية، إلى جانب مذكرة تفاهم للتعاون المؤسسي في مجال الاستثماري، وأعقب ذلك انعقاد المؤتمر الصحفي المشترك بين الجانبين.
كلمة الرئيس السيسي
ألقي الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس جمهورية أرمينيا كلمة جاء نصها:
الرئيس فاهاجن خاتشاتوريان، رئيس جمهورية أرمينيا، والوزراء، والحضور، بداية أود أن أعرب عن سعادتي بتواجدي اليوم في العاصمة يريفان كأول رئيس مصري يزور هذه المدينة الرائعة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين التي شهدت مرور ثلاثين عاماً على إنشائها في عام ٢٠٢٢، وهي الزيارة التي تعكس مدى الاهتمام والتقدير الذي تكنه مصر لعلاقاتها مع أرمينيا واهتمامها بتطويرها في مختلف المجالات امتداداً لعلاقات تاريخية لها خصوصيتها المتفردة على المستوى الشعبي تعود إلى استضافة مصر تاريخياً لعشرات الآلاف من الأرمن الذين سكنوا مصر، وأسهموا إسهامات مُقدرة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية، وكان لدورهم أطيب الأثر في إثراء حياة المجتمع المصري.
كما يطيب لي أن أتوجه بخالص الشكر وعميق التقدير على كرم الضيافة وحسن الاستقبال الذي حظينا به منذ وصولنا إلى أرض أرمينيا الصديقة، إذ انعكس هذا المناخ الودي على أجواء المباحثات التي عقدتها اليوم مع فخامة الرئيس “فاهاجن”.
وقد تم التطرق خلال المباحثات إلى الطفرة التي حققتها مصر في مجال إنتاج الطاقة، وذلك ليس فقط اتصالاً بمجال الغاز، ولكن أيضاً ارتباطاً بإطلاق “الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر”، بما يجعلها مقصداً استثمارياً واعداً في ضوء توافر موارد الطاقة اللازمة للصناعة، وما ترتبط به من اتفاقيات للتجارة الحرة والتفضيلية مع الدول العربية والإفريقية، بما يُكسب المنتجات المصنعة في مصر مميزات تنافسية كبرى.
كما أعربت في هذا السياق عن تقدير مصر لمشاركة فخامة الرئيس “فاهاجن” في القمة العالمية للمناخ COP27 التي عقدت مؤخرًا بشرم الشيخ نوفمبر 2022، والتي عكست مدى الاهتمام الذي توليه أرمينيا لقضية المُناخ.
وعلى الجانب الاقتصادي، تم تأكيد أهمية العمل المشترك على زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، بحيث يتناسب مع الإمكانات الواعدة لكليهما، وكذا مع العلاقات السياسية المتميزة بينهما بما لها من خصوصية شعبية، الأمر الذي يتطلب تفعيل وتنشيط الآليات الاقتصادية القائمة بين البلدين لتحقيق الاستفادة القصوى منها، وفي مقدمتها اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والعلمي والفني، ومنتدى رجال الأعمال.
كما شهدت المباحثات استعراضاً للجهود التي تبذلها مصر لتذليل العقبات أمام المستثمرين الأجانب، والمشروعات القومية الكبرى التي شهدتها مصر على امتداد رقعتها لتحقيق التنمية وللنهوض بالاقتصاد الوطني، خاصة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وما توفره من مزايا للمستثمر الأجنبي ونفاذ لمنتجاته إلى عدد كبير من أسواق الدول المجاورة العربية والأفريقية، فضلاً عن إصدار “رخصة الاستثمار الذهبية”.
استعرضنا كذلك الطفرة التي شهدتها مصر في مجال البنية التحتية والنقل، والخبرة التي تتمتع بها الشركات المصرية في هذا القطاع، وقدرتها على تنفيذ المشروعات المطابقة للمعايير العالمية وفي وقت قياسي، حيث أعربت لفخامة الرئيس “فاهاجن” عن استعداد القاهرة لتبادل ما لديها من خبرات مع يريفان في هذا القطاع سواء على الصعيد الفني؛ أو للمشاركة في تنفيذ مشروعات البنية التحتية في أرمينيا.
وتم أيضاً خلال مباحثاتي مع فخامة الرئيس “فاهاجن” التطرق إلى عدد من القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، سواء في منطقة الشرق الأوسط أو جنوب القوقاز، حيث تم تأكيد أهمية الحوار والتفاوض والعمل الدؤوب لتحقيق السلام الدائم والشامل والعادل، ولاستكمال مسار السلام، وتحقيق واقع أفضل وحياة كريمة للشعوب، لاسيما في المرحلة الراهنة التي تتكبد فيها الشعوب معاناة مضاعفة على الصعيد الاقتصادي؛ في ضوء تداعيات أزمة وباء الكورونا والأزمة الروسية الأوكرانية.
مرة أخرى، أتمنى لفخامة الرئيس “فاهاجن” كل التوفيق والسداد في قيادته لدولة أرمينيا الصديقة وشعبها القريب لقلوب المصريين، وإنني على ثقة في أن هذه الزيارة ستمثل نقطة انطلاق حقيقية بما نتج عنها من زخم سياسي وما شهدته من تفاهم على مستوى القمة لتعزيز العلاقات المصرية الأرمينية في مختلف المجالات، لاسيما على الصعيد الاقتصادي والاستثماري، خاصة في ضوء ما تمتلكه مصر من خبرات في عدد من القطاعات الصناعية ذات الأولوية للسوق الأرميني. .وختاماً، أرجو لدولة أرمينيا وشعبها الصديق كل التوفيق والتقدم والازدهار.
لقاء مع رئيس وزراء أرمينيا
عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم مباحثات مع رئيس الوزراء الأرميني “نيكول باشينيان”.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن “باشينيان” أعرب عن سعادته بزيارة الرئيس لأرمينيا للمرة الأولى، مؤكداً اهتمام بلاده بتطوير علاقاتها مع مصر في ضوء محورية دورها في منطقتي الشرق الأوسط وإفريقيا، فضلاً عن سياستها الخارجية المستقلة والمتوازنة في التعامل مع التحديات المعقدة في محيطها الإقليمي المضطرب.
كما أشاد رئيس وزراء أرمينيا بالعلاقات التاريخية والخاصة التي طالما ربطت بين البلدين الصديقين، وبالزخم الذي شهدته تلك العلاقات خلال الفترة الأخيرة من خلال تبادل الزيارات رفيعة المستوى، والتي كان آخرها مشاركة الرئيس الأرميني في القمة العالمية للمناخ COP27 التي عقدت في شرم الشيخ في نوفمبر الماضي.
وذكر المتحدث الرسمي أن الرئيس وجه الشكر لرئيس وزراء أرمينيا على حفاوة الاستقبال، معرباً عن السعادة لزيارة أرمينيا والاهتمام بتعزيز وتطوير العلاقات بين البلدين الصديقين في شتى المجالات، خاصةً في ظل العلاقات القوية والممتدة بين البلدين، ومشيداً بمواقف أرمينيا الإيجابية والمقدرة تجاه مصر، وما تحقق من تطور كبير في العلاقات بين البلدين خلال الفترة الماضية في ظل الاهتمام المتبادل من الجانبين بدفع العلاقات الثنائية إلى آفاق أرحب.
كما استعرض الرئيس خلال المباحثات تطورات الخطة التنموية التي تتبناها الدولة، والمشروعات القومية الجارى تنفيذها بما تتيحه من فرص للاستثمار، مؤكداً سيادته الاهتمام بتحقيق نقلة نوعية في مساحة التعاون الثنائى بين البلدين، لاسيما عن طريق تشجيع التعاون بين مجتمع رجال الأعمال في الدولتين بشكل ينعكس على تطوير حجم التبادل التجاري والاستثماري، فضلاً عن عقد الجولة السادسة من اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والعلمي والفني بالقاهرة في أقرب وقت ممكن في ضوء دورها كآلية مؤسسية للحوار بين الجانبين، بالإضافة إلى تعزيز التعاون المشترك في عدد من المجالات الواعدة كالطاقة والبنية التحتية وتكنولوجيا المعلومات والصناعات الغذائية والدوائية، وكذلك دعم مساعي مصر لإقامة منطقة تجارة حرة مع دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي لما ستحققه من مصلحة مشتركة للجانبين، حيث تتناسب المنتجات المصرية مع احتياجات هذه الدول من حيث الجودة والسعر.
وأضاف المتحدث الرسمي أن المباحثات شهدت أيضاً تبادل وجهات النظر بالنسبة لعدد من الملفات والأزمات الإقليمية، مع استعراض تداعياتها على أمن القارة الأوروبية، حيث ثمن رئيس وزراء أرمينيا من جانبه الجهود المصرية ذات الصلة للتوصل إلى حلول سياسية لمختلف الأزمات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط.
أما على صعيد منطقة شرق أوروبا وجنوب القوقاز، فقد توافق الجانبان حول ضرورة تكثيف التنسيق والتشاور حول القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك في هذا الصدد، خاصةً ما يتعلق بتطورات الأزمة الروسية الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية على العالم.
واتفق كذلك الرئيس ورئيس الوزراء “باشينيان” على ضرورة تعزيز التعاون المشترك لمكافحة الهجرة غير الشرعية من خلال منظور شامل، والعمل على القضاء على الأسباب الرئيسية التي تشجع علي تلك الظاهرة، إلى جانب استعراض آخر التطورات الخاصة بمكافحة الإرهاب الذى بات يهدد مختلف دول العالم، حيث تم تأكيد أهمية تكاتف المجتمع الدولى للتعامل مع هذه الظاهرة.