أدى البطريرك إبراهيم إسحق، بطريرك الكنيسة القبطية الكاثوليكية، صلوات قداس عيد الميلاد المجيد، بكنيسة السيدة العذراء بمدينة نصر، كما أدى المطران منير حنا رئيس الكنيسة الأسقفية فى مصر وشمال إفريقيا، قداس العيد بكاتدرائية جميع القديسين الأسقفية، بالزمالك، وسط حضور شعبى كبير.
وكثفت الشرطة تواجدها أمام الكنيسة، وأغلقت الشارع المؤدى لها، وتواجدت الخدمات الأمنية فى محيط الكنيسة، بينما تولت الكشافة الكنسية تفتيش الحضور.
وحضر القداس فى الكنسية القبطية الكاثوليكية، محمد نجم أمين رئاسة الجمهورية، لتهنئة البطريرك إبراهيم إسحق بعيد الميلاد المجيد، كما حضر كل من النواب جون طلعت وكريم سالم وهانى نجيب ونادية هنرى وسلفيا نبيل للتهنئة أيضًا، والقس بيشوى حلمى الأمين العام لمجلس كنائس مصر بالإضافة إلى عدد من الشخصيات العامة، بينهم المستشار خالد زين رئيس نادى مستشارى قضايا الدولة، واللواء خالد الزنكلونى مندوبًا عن وزير الداخلية، وكذلك المفكر القبطى كمال زاخر والسياسى باسل عادل.
وألقى الأنبا إبراهيم إسحاق، بطريرك الكاثوليك، عظة قداس عيد الميلاد المجيد، موجها الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسى، قائلًا:”نبعث إلى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى رسالة محبة وتقدير لإخلاصه فى عطائه وبذله من أجل مصر، طالبين لوطننا الغالى مزيدا من الاستقرار والتقدم والتجدد بفضل مشاركة أكثر إيجابية من كل مصرى وكل مصرية”.
وأضاف البطريرك، خلال عظته،:”إذا تأملنا بعين الإيمان أحوال عالمنا، غلب علينا الحزن والألم أمام مأساة هذا العالم خاصة مأساة منطقتنا العربية، دمار وخراب، لاجئون يهيمون على وجوههم طالبين المأوى والأمان، وكأن مشهد العائلة المقدسة اللاجئة إلى مصر هربا من بطش هيرودس يتكرر كل يوم”.
وتابع:”نصلى من أجل أمن مصر وأمانها وأن تكون كما كانت على الدوام صاحبة الرسالة المميزة فى تاريخ الحضارات وصانعة سلام وجسرا للحوار وواحة للقاء، موضحا أن الكاثوليك يصلون “من أجل عائلاتنا حتى تستمر فى الحفاظ على وحدتها وأن يسود حياتنا الغفران والرحمة والاحترام المتبادل، وأن ننبذ كل عنف وإهانة ولا مبالاة وأن يكون الإصغاء والحوار في احترام متبادل هو آداتنا الأولى والأساسية في التعامل فيما بيننا”.
واعتبر البطريرك أن ميلاد المسيح أشرق على العالم وهو مسخن بالجراح، ويمزقه الألم وتطوف به مأساة الحروب واللاجئين الهاربين من الموت والمطرودين من ديارهم وكأننا نسمع صوت الخالق يتردد في صدى التاريخ يخاطب:” ماذا صنعت؟ إن صوت دماء أخيك صارخ إليى من الأرض”.
وأضاف:”كأننا نسمع الصوت الإلهى فى أيامنا، ونحن نرى الدماء البريئة تسفك، والدموع الحزينة تسيل، والأسرة البشرية لم يصل إدراكها بعد إلى أنها أسرة واحدة وعائلة واحدة أبناء الله، كافة البشر”، لافتا إلى أنه لا يمكن أن يكون فيها أمن وسلام واستقرار ويموت منها فى كل عام الملايين جوعا وعطشا، كما يذهب الأطفال ضحايا العنف مع الملايين التى فقدت الرجاء والأمل في مستقبل أفضل”، موضحا أنه فى زحام هذه الآلام والقضايا، يطل عيد ميلاد المسيح الذى جاء ليحقق في شخصه قول داود النبى فى المزمور:”الرحمة والحق تلاقيا العدل والسلام تعانقا”.
وأشار إلى أن البابا فرنسيس أعلن تكريس سنة 2016 يوبيلا استثنائيا، لأفعال الرحمة فى كل أنحاء العالم، ليعيش الإنسان فى أسرته رحيما بها، وفي عمله رحيما بمن حوله، وفي كل سلوكه رحيما يسعى إلى الحق، قائلا: يظن كثيرون ويعلنون أن قضية العالم ومشكلته هي الاقتصاد، نعم، ولكن العالم قبل السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا يحتاج إلى الرحمة واحترام الحقوق لكل إنسان في كل نواحي الحياة”.
وأوضح إبراهيم إسحق، أن الرحمة والحق أعظم من كل الثروات، وأن السيد المسيح حقق الرحمة بحياته وبتعاليمه، وأنار طريق الحق وعلى العالم أن يتخذ من تعاليمه نورا ونبراسا له.
وأضاف بطريرك الأقباط الكاثوليك، أن البابا فرانسيس يقول: “أود أن أؤكد بكل حماس أن سبيل العنف والكراهية لن يحل قضايا الإنسانية وإن استخدم اسم الجلالة -الله- ذريعة لهذا السبيل هذه إهانة لله تبارك وتعالى، إن رحمة الله الواسعة نموذج لحياتنا لكى نكون رحماء مع بعضنا البعض ومع كل إنسان، لقد أُعلنت سنة 2016 سنة الرحمة، لأن الأسرة البشرية في العالم كافة فى أشد الحاجة إلى الرحمة والغفران والتسامح”.
ولفت إلى أنه في الثامن من ديسمبر الجارى، فتح البابا فرانسيس باب اليوبيل فى كنيسة القديس بطرس بروما “كرمز لفتح قلوبنا لنيل رحمة الله وغفرانه بالتوبة وممارسة سر الاعتراف والمصالحة وتجديد حياتنا وسلوكنا، وانفتاح حياتنا على الاخر الذي نعيش معه، فى الأسرة وفى كل مجتمع وجماعة نعيش فيها، فيكون للإنسان الأخر قيمة ومكان في حياتنا”.
واستطرد بطريرك الكاثوليك، :”الرحمة ليست مجرد عواطف وشفقة لرؤية من يعانى ويتألم، “وإنما فى أن أكون أكثر إيجابية وأن أفتح قلبى وعقلى لكل إنسان ولا أتكاسل عن عمل الخير، فالابتسامة رحمة والإصغاء للآخر باحترام رحمة ومساندة الضعفاء والفقراء على المستوى الإنسانى والروحى والاقتصادى رحمة، والأمانة والصدق في أى عمل تقوم به رحمة لأنه يساهم في بنيان عالم أفضل”.
قداس الكنيسة الأسقفية
وفى الكنيسة الأسقفية حضر قداس العيد، بكاتدرائية جميع القديسين الأسقفية، بالزمالك جون كاسين، السفير البريطانى بالقاهرة، والدكتور جلال السعيد، محافظ القاهرة، ومندوب عن الأزهر الشريف، والقائم بأعمال السفير الأمريكى بالقاهرة لحضور قداس العيد بالكنيسة الأسقفية بالزمالك.
ودعا د. منير حنا، مطران الكنيسة الأسقفية فى مصر وشمال أفريقيا، لمصر خلال احتفال الكنيسة بعيد الميلاد المجيد، قائلا: “يارب أنت الذى أنقذت بلدنا وانتشلتها من مصير صعب.. نضع مصر كلها بين يديك ونطلب منك بركة كبيرة لمصر”.
وأضاف حنا، فى كلمته بقداس العيد بمجمع القديسين بالزمالك،: “يارب إننا نريد عام 2016 سنة مباركة ونخطو فيها لمرحلة جديدة ونعيش فيها أكثر ونحب بعض ونعيش فيها محبتك أكثر”.
وقال المطران منير حنا، إنه وقبل ميلاد المسيح بأكثر من 700 سنة تنبأ به النبى أشعياء ووصف ميلاد المسيح بالنور الذى ينشر ليقهر الظلم، وقصد بالظلمة وأرض ظلال الموت التى كتب عنها، الشر والظروف القاسية التى عاشها شعب إسرائيل فى هذا الوقت.
وأوضح أنه كان هناك ملك دمر مدن بنى إسرائيل وأسر منهم كثيرين لدرجة أنهم كرهوا هذا الملك وسبوه وكانوا يسبون الله حتى تابوا إليه، مؤكدا أن أشعياء النبى وصف خطيئة شعب إسرائيل بالظلمة، حيث إنه تمرد وأصبح سالكا فى الظلم فاقدا لكل معانى الأمل والرجاء حتى معنى الحياة.
وتابع حنا، :” أشعياء النبى وصف بنى إسرائيل خلال هذه الحقبة بالجالسين فى أرض ظلال الموت وتنبأ وسط هذه الظلمة الروحية بنور سيأتى على هذا الشعب يخلصه من خطاياه ويعيد الرجاء والسلام الحقيقى لكل من يقبل هذا النور”، قائلا: “رجع يوصف إله المسيح لأنه يولد لنا ولد يسمى برئيس السلام”.
وأضاف حنا، أنه زار خلال الأسبوع الماضى، المساجين المسيحيين بالسجن والاحتفال معهم بعيد الميلاد، مشيرا إلى أن سيدة قابلها داخل السجن قالت له إنها خارج السجن كانت سجينة وداخل السجن أصبحت حرة.
وتابع مطران الكنيسة: “قلت لها كيف يحدث ذلك قالت قبل أن أدخل السجن لم أكن أعرف الله أو أهتم به ولما جيت السجن كان عندى وقت وقريت الإنجيل وتعرفت على يسوع المسيح وقبلته فى حياتى وحررنى من عبودية الخطيئة وأصبحت حرة وفرحة حتى وأنا فى السجن”.
وعلق حنا، على زيارته للمساجين قائلا: “رحت عشان أشجع المساجين قاموا هما اللى شجعونى”.
و أكد أنهم وخلال الاحتفال بعيد الميلاد لا ينسون شهداء مصر فى سيناء وكل بقاع الوطن، قائلا: “إنهم ماتوا من أجلنا فى سيناء وباقى أنحاء مصر.. ونحيى شهداء مصر”.
وتوجه مطران الكنيسة الأسقفية، خلال كلمته بالعظة التى يلقيها فى قداس العيد بالكنيسة الأسقفية بمجمع القديسين بالزمالك، بالشكر للرئيس عبد الفتاح السيسى، لإيفاده مندوبا عنه.
كما توجه بالشكر لشيخ الأزهر د. أحمد الطيب، الذى أوفد مندوبا عنه، والبابا تواضروس الثانى “أوفد مندوبا عنه”، ومحافظ القاهرة الدكتور جلال السعيد “حضر القداس”، ووزير الداخلية، “أوفد مندوبا عنه”، لافتا إلى أنه تلقى خطابات تهنئة من فضيلة المفتى الدكتور شوقى علام، والدكتور على جمعة المفتى السابق.
وقال المطران منير حنا:”نرى فى فرنسا ولبنان وكثير من البلاد ونسمع عن الأحداث الإرهابية وفى الصحف القومية نقرأ عن القتل والسرقة والتعذيب ونرى المهاجرين على التلفاز”.
وأضاف، خلال كلمته، أن الطفل السورى الذى ظهر على شواطئ تركيا هزت صورته ضمير العالم كله، قائلا: “المهاجرين بيهربوا بحياتهم وتبتلعهم أمواج البحار ونسمع عن ملايين الأطفال الذين يموتون من الجوع”، مؤكدا أن هذه ظلمة روحية نسمع عنها ونراها.
وتابع مطران الكنيسة الأسقفية، :”مجئ المسيح ينتشلنا من وادى ظل الموت ويخلصنا من خطايانا وينير قلوبنا بالإيمان ويمنحنا سلام أبدى”.