أكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب أن أحكام الأسرة كالطلاق والحضانة والرؤية يجب أن تكون منضبطة بحدود الله عز وجل، وليس بالأهواء والمصالح المتوهمة، سواء بالنسبة للزوج المطلق أو الزوجة المطلقة.
وقال شيخ الأزهر، فى لقاء تلفزيوني، إنه يجب على كليهما الالتزام بحدود الله، فشريعتنا حريصة جدًّا على إقامة العدل وإقرار احترام الآخر، كما لا يجوز أن ينقلب الحب والمودة إلى كره وإهانة بعد الطلاق.
وأضاف فضيلته أن الرؤية فى الإسلام حق شرعي وقانوني للأب، لا يجوز منعه منها، والأم التي تفعل ذلك يعاقبها القانون، والقانون ينظم هذه الرؤية، أما إذا أراد الأب أن يأخذ ابنه أو ابنته لمدة معينة، أسبوع أو شهر مثلًا، فيجب أن يكون بالتراضي، حتى تضمن الأم أنه سيعيده بعد الفترة المتفق عليها.
وأعرب عن أسفه لأن هناك قصصا بل وقائع مسجلة لأب يأخذ ابنه من أمه ويخفيه ولا تراه بعد ذلك، فلذلك تكون الأم متخوفة من انتزاع ابنها منها، مشيرا إلى أن البديل هو فى اتباع قول الشارع “وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ”.
وأضاف: أن هناك أخلاقا معينة فرضها الإسلام فى حالة تسريح الزوجة، ويجب أن يكون الزوج كريمًا مع أم أولاده، وهي عليها أن تكون كريمة معه وهذا ما يريده الإسلام.
ولفت فضيلة الإمام الأكبر إلى أن قانون الحضانة يحتاج إلى نظر طرق تنفيذه، فهناك بعض المطلقات يتعاملن مع الزوج من باب تصفية الحسابات، وتستخدم حق الرؤية كورقة لتنفذ ما تريده، وكثير من المشاكل فى مصر ليس سببها الزوج أو الزوجة بل عائلة الطرفين.
وقال: إن قانون الحضانة موجود، وهناك آلية لتنفيذه، لكنها محاطة بثغرات تفرغ القانون من مضمونه. موضحا أن آيات الله عز وجل فى أحكام الطلاق واضحة، وهي ليست للوعظ والإرشاد فقط، بل هي أحكام تشريعية يترتب عليها عذاب فى جهنم أو ثواب فى الجنة، ولذلك انتهت آيات الطلاق دائمًا بالتحذير من مخالفة حدود الله.
وتابع الدكتور الطيب: أنا مرة أخرى لا أنتصف للمرأة على حساب الرجل، ولا للرجل على حساب المرأة، بل أبلغ ما أمرني به الله عز وجل، ويلزم هنا أيضًا أن أعرض آية الرضاعة: “وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ۚ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ”؛
وقال: إذًا مدة الرضاعة الطبيعية عامان، لكن إذا رأى الأب أو رأت الأم أن يفطم الرضيع قبل سنتين فالقرآن لم يجعل هذا الحق لينفرد به الأب أو تنفرد به الأم، وإنما وضع قاعدة فى معاملة الطفل: “فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا” فمسائل الطفل لابد فيها من التراضي والتشاور من الطرفين، فإذا كان هذا فى الرضاعة، فهو ينطبق كذلك على الحضانة وعلى التربية وعلى الرؤية، وفي ظل هذا التوجيه الإلهي لا يجوز أن تطلب مني قانونًا يلبي رغبتك ويتجاهل رغبات الآخرين، بل لابد من التراضي والتشاور.