تحقيقات و تقاريرتقاريرعاجل

شعبية أردوغان تتراجع وسط أزمة اقتصادية خانقة تعصف بتركيا

 

عاد الحديث حول إجراء انتخابات مبكرة في تركيا للتصاعد مجددا، وذلك في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد، والتقييد والتضييق المستمر على الحريات، وتراجع شعبية حزب الرئيس رجب طيب أردوغان الحاكم على حساب أحزاب المعارضة.

ورغم أنه من المقرر إجراء الانتخابات العامة في تركيا سنة 2023، إلا أن مراقبين يرون أن مؤشرات عديدة قد ترجح خيار الذهاب إلى انتخابات مبكرة، أبرزها الوضع الاقتصادي المزري الذي تعيشه البلاد، وبدء تفكك حزب العدالة والتنمية الحاكم من خلال انشقاق شخصيات عنه، وتنامي الانتقادات لسياسات أردوغان في البرلمان، هذا إلى جانب تضييق أحزاب المعارضة للفجوة من حيث الشعبية مع حزب الرئيس، وضمانها مزيدا من أصوات الناخبين المحتملين لصالحها.

ووفق استطلاع جديد للرأي أجرته مؤسسة “متروبول” للأبحاث، والتي تتخذ من أنقرة مقرا لها، ونشر موقع “أحوال” المتخصص في الشؤون التركية نتائجه، فإن حزب الشعب الجمهوري، الذي يعتبر أكبر أحزاب المعارضة، قد قلّص الفارق في أصوات الناخبين مع العدالة والتنمية، إلى ست نقاط.

وحصل الشعب الجمهوري على نسبة 24 في المئة من أصوات الناخبين المتوقعين بأي انتخابات برلمانية مقبلة، في حين كانت نسبة العدالة والتنمية 30 في المئة.

ويشهد الحزب الحاكم منذ فترة سلسلة من الاضطرابات استقالات كان أبرزها، استقالة باباجان، في يوليو/تموز الماضي، وداود أوغلو يوم 13 سبتمبر/أيلول الماضي، وقيامها بتأسيس حزبين مناهضين للعدالة والتنمية.

ويأتي هذه الاستطلاع ضمن سلسلة من استطلاعات الرأي ظهرت مؤخرًا، وتؤكد جميعها وجود تراجع كبير في شعبية الحزب الحاكم الذي حصل في انتخابات 2018 على 42.28% من أصوات الناخبين.

سياسات نظام أردوغان تسببت في تراجع تركيا 

يأتي هذا التراجع على خلفية سياسات نظام أردوغان التي أدخلت البلاد في نفق مظلم داخليًا وخارجيًا، وتسببت في تراجعها على كافة الأصعدة، وفي كافة المجالات، لا سيما الاقتصادية منها.

ودفع هذا التراجع أحزاب المعارضة التركية إلى التنبؤ بنهاية حقبة أردوغان والعدالة والتنمية، ومن ثم بدأت تلك الأحزاب اتخاذ كافة الاستعدادات اللازمة تحسبًا لإجراء انتخابات مبكرة في أي وقت، يرون فيها المخرج لما تعانيه من البلاد من أوضاع سيئة.

وردًا على تلك الاستطلاعات لا يجد الحزب الحاكم سوى الخروج بتصريحات يصفها بـ”المضللة”، وذلك حسبما قال حمزة داغ، البرلماني عن حزب، ونائب ئيسه العام، في وقت سابق.

وقال داغ في هذه الصدد “إنهم يجرون استطلاعات مضللة، ويعمدون لخفض أصوات العدالة والتنمية لتحقيق غايات في أنفسهم”.

وكالة بلومبرج : شعبية أردوغان تراجعت 

في أحدث تقاريرها حول الأوضاع في تركيا، أكدت وكالة بلومبرج العالمية، أن شعبية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تراجعت في بلاده بالتزامن مع تضرر الاقتصاد في بلاد الأناضول، حسب قولها.

جاء ذلك في معرض حديث الوكالة عن تحويل “آيا صوفيا” من متحفٍ إلى مسجد، وهو القرار الذي اعتبرته الوكالة “سياسيًا”، حسب رأيها.

وذكرت الوكالة، أن تضرر الاقتصاد أدى إلى اقتناص منافسيه المحافظين الفرصة للحصول على أصوات الناخبين، الذين كانوا مؤيدين للرئيس التركي، في إشارةٍ من الوكالة لحلفاء الأمس بالنسبة لأردوغان، والذين انشقوا عنه في الآونة الأخيرة في توابع زلزال الانتكاسة التي لحقت بحزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان في الانتخابات المحلية التي جرت العام الماضي.

وأبرز هؤلاء رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، الذي انشق عن حزب العدالة والتنمية، وأسس حزبًا إسلاميًا جديدًا هو حزب المستقبل، وكذلك نائب رئيس الوزراء الأسبق علي باباجان، أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية، والذي انشق وأسس حزب الديمقراطية والتقدم.

وكانت وكالة بلومبرج العالمية للأنباء، قد أصدر تقريرًا أواخر شهر يونيو الماضي أشارت خلاله إلى أن خسائر تركيا الاقتصادية تتصاعد بشدة، مع استمرار الرئيس التركي في إجراءات إحكام قبضته على كل شيء في البلاد بما فيه الاقتصاد، ما أدى إلى عزوف المستثمرون الأجانب عن ضخ أموال بالبلاد، بل ويقومون ببيع الليرة بأحجام كبيرة، يقابل ذلك استنفاذ المركزي التركي في احتياطاته الدولية من النقد الأجنبي ليخسر أكثر من 85 مليار دولار استخدمها لدعم الليرة في أقل من عام ونصف.

وأوضحت بلومبرج في تقرير لها، أن سياسات أردوغان منذ محاولات معارضيه إزاحته عن الحكم في 2016، شددت قبضته على كافة مؤسسات الدولة التركية، لكن تبقى السوق الحرة الوحيدة التي لم يتمكن من كبح جماحها، رغم حربه التي يطلق عليها “حرب المتلاعبون بالعملات” والتي يزعم تحقيق نصرًا ظاهريًا فيها بانخفاض تكاليف الاقتراض وتراجع التضخم، ولكن “خسائر الاقتصادية أكبر من ذلك بكثير”، حسبما ذكرت الوكالة

وأشارت الوكالة، إلى إنه نتيجة لتدخلات أردوغان تبتعد صناديق الاستثمار العالمية عن العملة التركية، بعد أن كانت في يوم من الأيام من أكثر عملات الأسواق الناشئة تداولًا، وذلك لأن تركيا جعلت من الصعب على مديري الأموال المقيمين في الخارج تبادل الليرة بحرية، فيما بلغت حرب أردوغان ذروتها في مايو الماضي، عندما منعت السلطات التنظيمية المصرفية المقرضين المحليين من تداول العملة مع 3 بنوك من أكبر البنوك في العالم وهي “سيتي جروب”، و”يو بي إس جروب”  و”بي إن بي باريبا”، ما أدى إلى انكماش حصة المستثمرين الأجانب في سوق الليرة التركية.

قبول جيد لحزب المستقبل المعارضة 

في استطلاع مماثل أجرته ذات المؤسسة في مايو الماضي، أظهرت النتائج قبولا جيدا لحزبي المعارضة، “المستقبل” الذي أسسه رئيس وزراء تركيا السابق أحمد داوود أوغلو، و”الديمقراطية والتقدم” الذي شكله وزير الاقتصاد السابق علي باباجان، إذ كسبا أصواتا كانت تذهب في السابق للعدالة والتنمية.

ورغم ترجيح فريق من المراقبين لفرضية الانتخابات المبكرة، يذهب معسكر آخر من الخبراء لاستبعاد حدوث ذلك وخصوصا في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد في تركيا، والذي أصاب أكثر من 205 آلاف شخص، وتسبب بوفاة ما يزيد على 5 آلاف، وفق إحصائيات بيانات جامعة جونز هوبكنز.

وبحسب الخبير في الشؤون التركية، خورشيد دلي، فإن آمال أحزاب المعارض بانتخابات مبكرة تصطدم بسلسلة من العقبات أبرزها أن القرار في الدعوة لمثل هذه الانتخابات بيد الرئيس التركي، الذي لا مصلحة له حاليا فيها.

وفي حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، قال خورشيد: “إن دفع البرلمان نحو انتخابات مبكرة فينبغي أن يحصل هذا المشروع على الغالبية، وهو أمر غير ممكن في الوقت الراهن”.

وأضاف خورشيد: “هناك سيناريو واحد فقط يمكن أن تتم خلاله انتخابات مبكرة، ويتمثل بحدوث شيء في الداخل على صعيد التحالفات يخدم العدالة والتنمية، أو تحقيق أردوغان لإنجاز سياسي بارز كالسيطرة على جبال قنديل شمالي العراق‬ في الحرب ضد حزب العمال الكردستاني، فمثل هذه الأمور من شأنها أن تزيد من شعبيته المتراجعة، كما أنها ستمنحه فرصة لتوجيه صفعة للمعارضة”.

واعتبر خورشيد أن المعارضة التركية تفتقر إلى قيادة جماعية وتحالف متماسك، وقائد يتمتع بكاريزما قوية تمكنه من الوقوف في وجه أردوغان، مشددا على ضرورة أن تعيد هذه الأحزاب ترتيب صفوفها.

ووضع خورشيد الاقتصاد على رأس أولويات الناخبين، مشيرا إلى أنه العامل الذي سيكسر شوكة أردوغان في الانتخابات المقبلة، الذي تغنى مرارا بإنجازاته الاقتصادية التي تكذبها الأرقام من زيادة في البطالة والتضخم وانهيار بقيمة العملة الوطنية.

من جانبه أوضح الخبير في الشؤون التركية محمد عبد القادر، أن حزب العدالة والتنمية يواجه مشكلات عديدة علي مستوى القاعدة الشعبية والنخبة السياسية، تجلت نتائجها في خروج عدد من كوادر الحزب وتأـسيس أحزاب جديدة، ما أوضح حالة الضعف التي بات الحزب يعاني منها، والتي كشفت بوضوح مع نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة وما صاحبها وتلاها من أحداث وتفاعلات في الشارع التركي.

المواطنون الأتراك تحت وطأة أزمة اقتصادية

يرزح المواطنون الأتراك تحت وطأة أزمة اقتصادية تسببت في تراجع الليرة التي وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ منتصف مايو، بعد أن قالت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني إن البلاد لا تزال تواجه مخاطر تمويل خارجية، وإن دورة تيسيرها النقدي اقتربت من النهاية، وذلك بعد أن قفز التضخم بأكثر من المتوقع.

وأنهت العملة، التي وصلت إلى مستوى منخفض قياسي في السابع من مايو، الأسبوع عند 6.865 مقابل الدولار، وذلك بعد نزول إلى 6.88 في التعاملات المسائية.

وأظهرت بيانات حديثة أن التضخم قفز بأكثر من المتوقع إلى 12.5 في المئة على أساس سنوي في يونيو، ليزداد بعدا عن هدف البنك المركزي، ويدفع المحللين إلى التنبؤ بأن زيادات في سعر الفائدة تلوح في الأفق.

وفي الأسبوع الماضي، علّق البنك على غير المتوقع دورة تيسير مدتها عام تقريبا في مواجهة انخفاض بنسبة 13 في المئة لليرة هذا العام، وهو ما استنزف احتياطيات النقد الأجنبي، والالتزامات الخارجية للبلاد المرتفعة نسبيا، حسبما ذكرت “رويترز”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى