افتتاحية بروباجنداتحقيقات و تقاريرتقاريرعاجل

سقوط ” طيور الظلام” وعودة مصر لأبنائها بـ ثورة 30 يونيو

افتتاحية بروباجندا

عاشت مصر بأبنائها ولأبنائها .. كان هذا هو الشعار الوطني الذي رفعه ملايين المصريين في مثل هذه الأيام من العام 2013 .. حيث أبى المصريون إلا أن يستردوا بلدهم المفدى من أيدي ” طيور الظلام” الذين سعوا لاختطافها وتحويلها إلى إحدى ولايات ” جمهورية المرشد” .

فبعد وصول جماعة الإخوان الارهابية للحكم، بطرق غير مشروعة يعلمها الجميع بالترويج لغزوة الصناديق وتقديم أنفسهم كممثل لحكم الله في الأرض وهم أبعد ما يكون عن ذلك، اكتشف أبناء مصر حجم الخدعة الدنيئة التي تمثلت في غياب المشروع القومي والعمل فقط وفق ما تمليه قرارات ” الأهل والعشيرة” وكأنهم أرادوا اختزال 7000 عام هو عمر أرض الكنانة مصر في خدمة مشروع ” امبراطورية الإخوان” التي لا تعترف بسيادة دولة ولا تقدس حدودها أو أراضيها .

هذا بخلاف الفشل المريع في إدارة جميع مؤسسات الدولة وتفاقم أزمات انقطاع الكهرباء ونقص الوقود واشتعال أسعار السلع الأساسية بصورة جعلت استمرار الإخوان في الحكم درباً من الانتحار خصوصاً مع احتدام حالة الصراع بين أصحاب المصالح الخاصة مما كان ينذر بكارثة محققة يدفع ثمنها المواطن المصري البسيط .

وهنا استشعرت القوات المسلحة الباسلة الخطر المحيق بالوطن .. وانطلاقها من دورها الوطني في حماية الدولة والشعب، منح المجلس الأعلى للقوات المسلحة مهلة اخيرة للمتلاعبين بمقدرات الوطن .. ومع انتهاء المدة المقررة لم يجد القادة العظماء من رجال الجيش البواسل بديلاً عن حسم حالة الاقتتال السياسي والتدخل لإنقاذ البلاد والعباد من السقوط في هوة سحيقة لا يعلم مداها أحد .

أوضاع كارثية

لم يكن يوم 30 يونيو 2013 مفاجأة للمصريين، فمشاهد الفوضى والدماء التى اقتسمتها القوى المدنية وأعضاء جماعة الإخوان الإرهابية، وتصرفات المندوب الإخواني محمد مرسى، وقراراته المستبدة التى قام بتحصينها، وخضوعه لرؤسائه فى مكتب الإرشاد، قسمت المصريين ودفعت الشباب المدنى للإعداد لليوم قبل بضعة أشهر من قدوم الثورة ليؤسسوا حملة ” تمرد” بالتزامن مع دعوات بالتظاهر فى ميادين جميع المحافظات لجمع توقيعات لسحب الثقة من محمد مرسى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

انطلقت حملة تمرد فى يوم الجمعة 26 أبريل 2013، وتمكنت من جمع 22 مليون توقيع لسحب الثقة من محمد مرسى قبل اليوم المشهود الذى شهد فيه ميدان التحرير ومحيط قصر الاتحادية بمصر الجديدة وعدة ميادين مصرية، أكبر تجمع للمواطنين رصدته كاميرات العالم، بعد خروج مئات المسيرات من الميادين الكبرى والمساجد .

لم تكن القوات المسلحة بعيدة عن نبض الشارع، وحاولت وأد الفتنة قبل مولدها، وأعلنت وقتها أنها لا تريد اقتتال المصريين فى الشوارع، وأنها لن تسمح بإراقة الدماء المصرية .

وبالفعل بدأت خطواتها لوأد الفتنة، فدعت القيادة العامة للقوات المسلحة إلى حوار وطنى بحضور مرسى تحت شعار « لمّ الشمل»، ليعلن المتحدث باسم القوات المسلحة، فى بيان رسمى، توجيه دعوة للقوى السياسية والمجتمعية لحوار وطنى شامل يوم الأربعاء 12 ديسمبر 2012 .

كان نص الدعوة: ” القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى يدعو للقاء للتواصل الإنسانى والالتحام الوطنى فى حب مصر، يجمع شركاء الوطن، بحضور السيد رئيس الجمهورية”.، القوات المسلحة أعلنت وقتها أن هذه المبادرة لا تُعد حواراً سياسياً، لكن لـ ” لمّ الشمل” بين شركاء الوطن، وشددت على أن القوات المسلحة لا تتدخل فى السياسة.

لكن دعوة القوات المسلحة قوبلت بالرفض من مؤسسة رئاسة الإخوان، ما أدى إلى إلغاء ” حفل الغداء”، لتعلن بعدها رئاسة الجمهورية عن عقد واستكمال ما سمته حواراً وطنياً سياسياً بين جميع القوى السياسية، دعا له مرسى، وترأس عدداً من جلساته فى قصر الاتحادية، لكن غالبية القوى المدنية قاطعت حوار الرئيس، الذى أصر على عقده مكتفياً فيه برموز ” أهله وعشيرته”.

ظهور البطل

ومع تجاهل المطالب بتعديل الدستور والرجوع عن القرارات المستبدة لمرسى وإعلانه الدستورى المحصَّن، استمر وزير الدفاع وقتها، الفريق أول عبدالفتاح السيسى، فى التركيز على مهمته برفع كفاءة الجيش القتالية، كما استمرت حملة ” تمرد” الشبابية فى اجتذاب المصريين والحصول على توقيعاتهم، وبدأت فى إعلان عدد التوقيعات أولاً بأول، وساندتها الأحزاب المدنية، وفتحت مقراتها لها لمساعدتها فى جمع عدد أكبر من التوقيعات والانتشار فى مدن وقرى الجمهورية، لتعلن نجاحها فى جمع 22 مليون توقيع بسحب الثقة من مرسى.

ومع اقتراب ” يوم الحسم” فى 30 يونيو، وتعنت مرسى وإصراره على عدم إجراء أى تعديل فى سياسته أو حتى تغيير حكومة هشام قنديل، وتعديل دستور 2012 المشوه، وزيادة الاضطرابات فى الشارع، حاول وزير الدفاع طمأنة المصريين فى خطاب ألقاه الأحد 23 يونيو 2013، خلال ندوة تثقيفية نظمتها القوات المسلحة بمسرح الجلاء للقوات المسلحة، شدد السيسى فى خطابه على أن ” القوات المسلحة على وعى كامل بما يدور فى الشأن العام الداخلى دون المشاركة أو التدخل لأن القوات المسلحة تعمل بتجرد وحياد تام، وولاء رجالها لمصر وشعبها العظيم” .

وقال السيسي في كلمته: ” الجيش تجنب الدخول فى المعترك السياسى إلا أن مسئوليته الوطنية والأخلاقية تجاه شعبه تحتم عليه التدخل لمنع انزلاق مصر فى نفق مظلم من الصراع أو الاقتتال الداخلى”، وطالب السيسى القوى السياسية بـ ” التوافق والمصالحة الحقيقية”، وأعطى للجميع مهلة أسبوعاً قبل 30 يونيو.

للمرة الثانية، لم تؤخذ دعوة القوات المسلحة للمصالحة بعين الاهتمام من قبَل مرسى وجماعة الإخوان الارهابية، فنظموا مظاهرات تحت شعار ” لا للعنف”، دعوا فيها للعنف، فخرجت تصريحات من النخب الإسلامية تهدد بحرق وذبح من يتظاهر ضد مرسى .

وقال الداعية الإخوانى صفوت حجازى نصاً: ” اللي يرش مرسى بالميه نرشه بالدم”، وقال طارق الزمر، قيادى الجماعة الإسلامية المتحالفة مع الإخوان: ” سنسحقهم جميعاً” من أعلى منصة مظاهرة تأييد لمرسى فى ميدان رابعة العدوية ظهر يوم ندوة القوات المسلحة فى 23 يونيو .

واستمرت حملة ” تمرد” فى نشاطها، ومن ورائها المصريون بكل طوائفهم، وانتقلت فعاليات جمع التوقيعات من الشوارع إلى تنظيم فعاليات مخصصة لها، وأعلن عدد من الفنانين والمثقفين ورجال السياسية تمردهم، ومنهم من وقّع استمارة سحب الثقة على الهواء فى البرامج التليفزيونية، ليبدأ الإعداد ليوم التظاهر الحاشد لإسقاط النظام الذى رفض كل المبادرات من القوات المسلحة والقوى المدنية .

بدأت فعاليات اليوم الموعود بانطلاق المسيرات الحاشدة إلى كافة ميادين مصر، وسط مشهد فاق التوقعات، وبرهنت « تمرد» على أن الأرقام التى أعلنتها لتوقيعات المصريين لسحب الثقة من الإخوان كانت حقيقية، بل فاق عدد المتظاهرين عدد التوقيعات، ووصل لأكثر من 30 مليون متظاهر.

وسط هذه الانتفاضة الشعبية المهيبة واستمرار وجود الشعب فى الميادين، خرجت القوات المسلحة ببيان ” النهاية”، الذى أذاعه التليفزيون المصرى، وأعطى البيان مرسى مهلة 48 ساعة لتلبية مطالب الشعب أو إشرافه على خارطة المستقبل، بعد أن استشعرت القوات المسلحة مبكراً خطورة الظرف، وما تحمله طياته من مطالب للشعب المصرى.

واستقبل المصريون بيان القوات المسلحة بالفرح، وزادهم إصراراً على مواصلة التظاهر لتحقيق مطلبهم، إلا أن ” مرسى” تجاهل كل الفرص التى منحت له، وخرج بخطاب استمر 55 دقيقة يتحدث فيه عن شرعيته ويهدد بأن الدماء هى البديل عن رحيله، وبعد انتهاء المهلة التى حددتها القوات المسلحة، اجتمعت القوى السياسية والوطنية ممثلة بكامل فئاتها ومعها شيخ الأزهر وبابا الكنيسة القبطية، لبحث خطوات تفعيل مطالب الشعب المصرى، وصاغوا بيان 3 يوليو الذى تبنى تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت وتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد لمرحلة انتقالية، ليسقط حكم الإخوان نهائياً بإرادة شعبية جارفة .

فجر جديد

يؤرح لثورة الثلاثين من يونيو بأنها كانت بمثابة فجر جديد بزغ معه الأمل واستعادت مصر هيبتها إثر تحرك أوصال القطاعات المختلفة في الدولة وانتشار ماكينة العمل لتدب الحياة في المشروعات القومية، حيث تحرك المصريون في 30 يونيو لوقف طوفان التطرف والفرقة التي كانت تكتسح المنطقة، والتي توهم البعض أنها سادت وانتصرت، لكن كان لشعب مصر كعادته، عبر التاريخ ، كلمة الفصل والقول الأخير .

حيث جاء تحرك الشعب المصري في 30 يونيو كصوت هادر مسموع أجبر العالم على الانحناء احتراما لإرادته وتغير وجه المنطقة وتغيرت وجهتها من مسار الشر والإقصاء والإرهاب إلى رحاب الأمن والتنمية والخير والسلام .

وكما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي في إحدى كلماته الموجهة للشعب المصري في ذكرى 30 يونيو : ” لقد نجح الوطن الأبي بطليعة أبنائه في القوات المسلحة والشرطة، وبدعم شعبي لا مثيل له، في محاصرة الإرهاب، ووقف انتشاره، وملاحقته أينما كان، ورغم الدعم الخارجي الكبير الذي تتلقاه جماعات الإرهاب الغاشم من تمويل ومساندة سياسية وإعلامية، صمدت مصر وحدها وقدمت التضحيات الغالية من دماء أبنائها الأبطال واستطاعت ومازالت تواصل تحقيق النجاحات الكبيرة، وحماية شعبها بل والمنطقة والعالم كله .

وأضاف الرئيس في كلمته : ” إن الأوضاع الاقتصادية كانت قد بلغت من السوء مبلغا خطيرا، حتى إن احتياطي مصر من النقد الأجنبي وصل في يونيو 2013 إلى أقل من 15 مليار دولار فقط، ووصل معدل النمو الاقتصادي وقتها لنحو 2% فقط، وهو أقل من معدل الزيادة السكانية، مما يعني أن حجم الاقتصاد المصري لم يكن ينمو وإنما كان يقل وينكمش، وكانت كل هذه المؤشرات، وغيرها ، علامة خطيرة وواضحة على أن إصلاح هذا الوضع لم يعد يتحمل التأخير أو المماطلة .

كلمة الحسم

إذا الشعب يوماً أراد الحياة .. فلابد أن يستجيب القدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى