شويّة دردشة

سقط الضمير!! .. بقلم وسام سمير

 

وسام سمير

سوْال يطرحه التاريخ عن مشهد يتمزق من أجله قلب الانسانية ، سقط ضمير البشر سقوطا عظيما ، وأين الانسان ؟!

” قد يبدوا هذا التساؤل غريبا اذا ُطرح من الف عام مضت ، لكنه اليوم هو السؤال المنطقي الذي بات ملحا من اجل مصير البشرية ، فبعد ان قفز الانسان قفزته المعرفية الهائلة مع مطلع القرن العشرين وتمزق قناع الجهل الذي أخذ يربك الانسانية لمئات السنين ، اعتقد التاريخ ان الضمير العام لبني الانسان سوف يتجه الي الصواب وهو المنطق الذي فرض نفسه وعلم الانسان ان السلام والمحبة هما الهدف المنشود اذ انه في الواقع الملموس لا احد من البشر يعرف شيئا مؤكدا عن مصيره القادم بعد الموت ولايوجد يقين مطلق عن ماهية وأسرار هذا الكون الشاسع .

فتح ستار القرن العشرين علي عالم متلبد الغيوم يرتكز علي قاعدة مركزية قوامها الحيوي هو الحقد والجشع وحب الامتلاك والاستعباد السياسي ، فتفجرت براكين الغضب من كل اتجاه وكانت الحرب العالمية الأولي التي يروي المؤرخون ان نقطة انطلاقها كانت الرصاصة التي قتلت ولي عهد النمسا ولكن الرصاصة نفسها تصرخ من اعماق العالم الاخر وتعلن انها قتلت ضمير البشرية ، هي اربع سنوات فقط ُحصدت فيهم ارواح اكثر من ١١ مليون إنسان ذهبوا جميعا ضحية لوحشية الانسان ثم انتهت الحرب وبقي الانسان كما هو لم يتحرر من وحشيته السوداء ، وماهي الا سنوات قليلة حتي امتلات القلوب بشعور غريب ليس معهودا، الا وهو صراع الأعراق وألوان البشر فكانت حرب بدون أسباب منطقية ، فأي منطق هذا الذي يستوي في الميزان مع عشرات الملايين من ارواح البشر ، ففي وكر الذئب الكائن بين جبال بافاريا الألمانية كان الاتفاق الشيطاني علي احراق العالم من اجل أمراض نفسية لامة بربرية الجذور ارادت ان تبني لنفسها مجدا زائفا يغالط التاريخ ويستعبد الامم ووضعت علي قمتها ديكتاتورا مريضاً هو اودولف هتلر ، فتوهجت العبقرية الحربية وأخذ سباق التسليح يبهر قوة الشر ، فسقطت الرحمة وتلعثمت الشفقة وهيمن الارتباك علي ضمير العالم ، وبين أصابع ملاك الموت أخذت الأرواح البريئة تتدفق الي العالم الاخر اكثر من ٨٠ مليونا ذهبت حياتهم بلا اي ذنب سوي انهم وجدوا في هذا الحيّز الزمني الحالك من التاريخ ، ألمانيا صاحبة المباديء السامية كانت هي الشيطان الأكبر الذي فتك بالانسانية قبل الانسان واعدم الحياة قبل الأحياء والغريب في الامر انها اليوم تدعي الانسانية ويتشدق العالم بعظمتها الصناعية والاقتصادية وكان شيئا لم يكن .. واليابان هذه الأمة التي تنتهج المثالية اليوم كانت بالامس وحشا اسيويا فتاكا انقضت علي جيرانها وتحالفت مع الشيطان وأبادت البشر ودفنتهم احياء امام اعين الكاميرات بل أخذت تتفنن في أساليب الموت وطرق الاستشهاد الزائف وكانت علي استعداد ان تحارب لألف عام دون رحمة او هوادة لولا السلاح الذري الذي أوقف هذا النهم الدموي ، وحتي الولايات المتحدة التي تتشدق اليوم بأنها رائدة السلام العالمي تجرات بالامس وألقت بالسلاح الفتاك الذي احرق اليابان واودي بحياة مئات الآلاف من البشر في ثواني معدودة ، وحتي روسيا التي تكبدت اكبر خسائر بشرية علي وجه الإطلاق كانت ُتحكم من رجل ونظام ينكر وجود الله ويعبث بمقدرات الانسان ، وخرجت أوروبا من هذه المذبحة المروعة تلهث وراء إنسانيتها فقد تمزقت الأواصر الاسرية اذ بات في كل بيت هناك شهيد وأرملة وأيتام وكما هي عادة التاريخ خرج المنتصرين ليقستمواالغنائم فارتفعت الأسوار لتقسم القارة الأوروبية الي نصفين الشرقي منها يُحكَم من قبل عُبَّاد الوجود والمادة والغربي هو الاخر أخذ يُحكَم من قبل المال والجنس والنار وفقدت الروح الاسرية الدافئة والرواسخ الدينية البناءة وبعد ان اجتمع جنرالات الحرب واوهمواالعالم بان السلام هو الهدف ولا مفر منه بدا الوهم الأكبر يحلق فوق العقول وهو انه كلما ازداد التسليح كلما حل السلام ، وهنا يصرخ المنطق العام موبخا الكل فكيف للحياة ان تجتمع مع الموت وكيف للسلام ان يجتمع مع الحرب ،اذا هي الأكذوبة الكبري التي ُفرضت علي الجميع وبناءا علي هذا السلام الهُزلي وجدنا يهود العالم يجتمعون في ارض الميعاد التي قتلوا فيها المسيح واستوطنوا الارض علي حساب الأسر والعائلات البريئة الذين طردوا بوحشية تتارية بغيضة وتشردوا في ارجاء العالم كي يعيش اليهود في أرضا ينتظرون فيها الوهم الكبير الذي صلب بايديهم ، أين السلام بل أين الانسان ؟ فقدانحل ميزان التاريخ حين وقفت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وجها لوجه وأدرك الجميع ان الحرب المباشرة تعني فناء البشرية فانطوت صفحة الحرب الشاملة وبدات حروب اخري وهي مانعاني منها اليوم حرب الهدف منها هو محو إنسانية البشر والقضاء علي الرحمة في القلوب ، هي حرب الاقنعة المزيفة ، فامريكا التي تدعي انها القدوة والقائد نري فيها الفجور بكل اشكالها الاخلاقية والسياسية والامراض النفسية وكأن روما القديمة قد بعثت من جديد فالمواطن الامريكي يعيش في دوامة كبيرة تدق اعناقة الديون وتحاصره الملذات الحسية باهظة الثمن يحاول ان يقتنص لحظات مع الله ولكنه في النهاية يسير وسط الدرب العام والذي نهايته السراب وال لا شيء ، وكم من كنائس تدعي الانتماء للمسيح وهي في الواقع تعيش في ضباب كثيف يكبل الحقيقة الإلهية في داخلهم ففي احدي الولايات الامريكية نجد كنيسة يسوع المسيح لقديسي العهد الأخير هؤلاء القوم يبيحون تعدد الزوجات بشكل فاق بكثير فجور التتر والرومان والإغريق ، وكذا شهوة الجنس الشاذ اللواط الذين بداءوا ينتشرون في القارة الامريكية تحصنهم القوانين الوضعية وترسم لهم شكلا صريحا للحياة الاسرية الشاذة ، تعترف بهم الدولة ومؤخراً اعترفت بهم بعد الكنائس الخاصة صاحبة المعتقدات الشاذة ايضا ، وكذلك هو الحال مع اليابان والصين واغلب دول الشرق الاقصي هذه الدول التي تتبني الفكر المثالي في العمل والحياة ولكنهم في نفسي الوقت ياكلون الحيوانات الأليفة بشكل وحشي شنيع ويبيحون الملذات الحسية المحرمة بشكل منظم ودقيق ، وكذا روسيا التي اختل فيها التوازن الاسري بعد الحرب العالمية فانتشرت الرزيلة بين الإعمار المتفاوته وبشكل يكاد يكون عاده اجتماعية مقبولة ، وفي اسبانيا يتجلي إنسان العصور الوسطي في مشهد دموي لا يعرف للرحمة سبيلا حين يتجمع الآلاف في مكان أشبه بالمجتلد الروماني القديم ووسط إلاهات والصيحات يتمتع البشر برؤية حيوان مسكين يتعذب بشكل بشع حتي الموت اي حضارة هذه التي ماتزال تفرز مثل هذه البربرية حتي اليوم ، وحتي بريطانيا التي ذاقت الامرين في القصف النازي الرهيب عليها لم تلتفت الي اخطاء الماضي السحيق الذي وضعها فيه هنري الثامن حين قام بتكيف وضعه الاجتماعي كي يتزوج وينجب الصبي او الوريث لكن السماء لم تجيب مطلبه ومات هنري وخلف ابنته فيكتوريا كملكة ولكن لم تغير الكنيسة من وضعها الغريب الذي انتهجته إرضاءا لهنري نفسه وبقت الي يومنا هذا كنيسة أسقفية غريبة الأطوار تغرد وحدها بعيدا عن السرب الكاثوليكي والبروتستانتي العام ، وبقي سكان استراليا الأصليين حتي منتصف القرن مجرد حيوان لاترتقي لمستوي الانسان في نظر القوانين البريطانية وفي فرنسا هذه الأمة العريقة احفاد شارلمان العظيم وهم اول من تبني نظرية الجمهورية في العصور الحديثة تجدهم بالامس سافكي للدماء بشكل يتناقض كليا مع مبدأ الحريات وفارزي للأباطرة الجدد أمثال نابليون وروبسبير وفي ظل الحرية والإخاء والمساواة يظهرون اليوم كمجتمع مفكك عاشق للحريات المحرمة اخلاقيا ودينيا فباريس اليوم هي بومباي الامس بكل مافيها من فسق وفجور وان كان بركان ڤيسوڤ قد كشف عورة بومباي القديمة الا ان باريس في انتظار من يكشفها والايام قادمة لا محالة ، وماذا عن إيطاليا صاحبة اعظم إمبراطوريات التاريخ بالامس وهي الأب الشرعي لقلعة الكاثوليكية في العالم ( حدث ولاحرج ). ، وحتي اليونان التي ذاقت الاهوال علي أيدي الشيطان التركي البائس كانت بالامس هي صاحبة الفكر والفلسفة كانت بوصلة عظيمة لراغبي العلوم والآداب الانسانية قد باتت اليوم أمه تثقلها الديون غارقة في الشهوات وكانت ورافضة في باديء الامر لاستقبال البائسين ضحايا الحرب السورية الطاحنة ، والغريب اننا نري اليوم أمة تعيش بكل كيانها في اعماق عصور الظلام انها كوريا الشمالية فهي دولة تعبد إنسان لايملك مصير نفسه وتجعل منه إلها حقيقيا علي الارض فهو يقتل من يشاء ويتفنن في الفتك بالبشر لأسباب فاقت جنون الحاكم بأمر الله ومنخوليا كاليجولا ونيرون ، وفي الهند أمة المليار هندوسي نجد ان البشر يعيشون في دوامة التناسخ الروحي ويقدمون النفيس والغالي من اجل مصير مجهول يؤمنون بانه الحقيقة الكونية الأكيدة علي الرغم من ان بوذا نفسه قد اعترف في اخر أيامه بفشله في ان يجد الآلة خالق هذا الوجود ، اما في عالمنا العربي وهو مهد الديانات السمائية فإننا نجد العجب الذي يتناقض مع أعراف السماء بل ويدعم بقوة قوات الجحيم .. 

وسام سمير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى