إقتصاد وأعمالعاجل

خسائر البورصة المصرية تتجاوز 80 مليار جنيه في عام 2018 بفعل الأزمات العالمية

 

عوامل عديدة، أثرت على أداء البورصة المصرية في 2018، جعلت أدائها يبدو أكثر تقلبا وتذبذبا، كان أغلبها عوامل خارجية ارتبطت بأزمات عالمية سواء الحرب التجارية الامريكية الصينية او أزمة الاسواق الناشئة في منتصف العام، كما كان للعوامل الداخلية أثرا مهما انعكس في الصعود القوي بداية العام، ثم تحديات ظهرت في الشهور الأخيرة حدت من تعافي السوق.

وأظهرت إحصائيات أعدتها وكالة أنباء الشرق الأوسط أن رأس المال السوقي للبورصة المصرية سجل خسارة لأول مرة منذ 2015، بعدما فقد أكثر من 80 مليار جنيه قبيل 7 جلسات من إسدال الستار على تعاملاتها في عام 2018، حيث هبطت قيمة الأسهم المقيدة بالبورصة من 825 مليار جنيه إلى 745 مليارا لدى إغلاقه يوم الخميس الماضي.

وأوضحت الإحصاءات أن هذه الخسائر تتضاعف إذا ما تم حسابها من أعلى مستوى وصلت إليه البورصة المصرية في نهاية ابريل من عام 2018، ليصل مجمل ما خسرته البورصة إلى 270 مليار جنيه عندما بلغ رأسمالها تريليون و13 مليار جنيه في 28 ابريل الماضي وأغلق في ذلك اليوم عند مستوى تريليون و6 مليارات جنيه.

ولم يختلف الوضع كثيرا على صعيد المؤشرات الرئيسية للسوق، حيث يقترب مؤشر البورصة المصرية من إنهاء العام على خسارة بلغت حتى قبيل الأسبوع الأخير نحو 13 في المائة بما يعادل أكثر من 1900 نقطة من قيمته، مسجلا 13137 نقطة، مقابل 15019 نقطة في نهاية 2017.

ويقول محمد عسران العضو المنتدب لشركة ايفا لتداول الأوراق المالية إن البورصة المصرية مرت خلال عام 2018 بمرحلتين، الأولى من بداية العام وحتى نهاية ابريل والثانية خلال الشهور الثمانية التالية، حيث تأثرت البورصة في المرحلة الأولى بقوة الدفع التي بدأتها في أكتوبر 2017 مع التفاؤل ببرنامج الإصلاح الاقتصادي ليقود البورصة لمكاسب بلغت أكثر من 40% تعادل نحو 5 آلاف نقطة ليصل المؤشر إلى نحو 18400 نقطة في نهاية ابريل وهو أعلى مستوى له في تاريخه قبل ان يدخل في موجات هبوط وتقلبات حادة لأسباب مختلفة أغلبها لعوامل خارجية.

وأضاف أن المرحلة الاولى اتسمت بعوامل مساعدة عززت من صعودها القوي والقياسي، منها هبوط التضخم بشكل قياسي من دفع البنك المركزي لاتباع سياسة خفض للفائدة بشكل كبير في بداية العام، خفض خلالها نحو مائتي نقطة أساس، بجانب تشبع المستثمرين بحالة تفاؤل أتوا بها من نهايات عام 2017 بدعم من برنامج الإصلاح الاقتصادي ونتائجه الإيجابية المتوقعة ما انعكس على أداء سوق الأسهم في الاشهر الاربعة الاولى من العام.

واعتبر عسران أن الصعود القوي الذي سجلته البورصة في الأشهر الأربعة الأولى من العام كان سريعا وحادا، ولم يكن يتناسب مع قصر الفترة ولا طبيعة الأحداث، ما جعل السوق تدخل في مرحلتها الثانية من الهبوط العنيف والتقلبات الحادة سريعا ولفترة أطول، تزامن ذلك مع أسباب عديدة أولها تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وبدء ظهور أزمة الأسواق الناشئة في الأرجنتين وتركيا.

وأوضح أن أزمة الاسواق الناشئة والأزمة الأمريكية الصينية خلقت حالة ضبابية بشأن أسواق العالم الثالث لتبدأ موجات خروج الأموال من تلك الأسواق، وتأثرت مصر وإن كان بشكل أقل مقارنة بنظيراتها، لكن خروج استثمارات أجنبية من محفظة الأوراق المالية في مصر بأكثر من 12 مليار دولار أحدث تأثيرات سلبية على سوق الأسهم المصرية.

وأشار إلى أن البنك المركزي تحرك سريعا لمواجهة تلك التداعيات ليوقف سياسة خفض الفائدة خاصة أن ذلك تزامن مع قيام الحكومة ببعض الإجراءات الإصلاحية على صعيد منظومة الدعم والتي كان لها تأثير على معدلات التضخم، ما تطلب مواكبة المركزي لتلك الإجراءات لمواجهة أي تحرك للتضخم.

وأكد أن أداء البورصة المصرية وعلى رغم الهبوط الذي شهدته خلال 2018، إلا أنه يبقى في إطار أداء الأسواق العالمية، فبورصة دبي سجلت أسوأ أداء لها في 5 سنوات، والبورصة الأمريكية خسرت جميع مكاسبها في أقل من عامين، ما يعني أن البورصة المصرية لم تكن في معزل عن البورصات العالمية، بل يمكن القول أنها صمدت أمام ازمات بورصات العالم في 2018.

من جهته، يرى معتصم الشهيدي نائب رئيس مجلس إدارة شركة هوريزون لتداول الأوراق المالية، أن أداء البورصة المصرية في 2018، جاء مخالفا لكافة التوقعات التي كانت تشير إلى تحقيق عام جديد من المكاسب بفضل الإصلاحات الاقتصادية غير المسبوقة التي تقوم بها الحكومة، وبدء جني ثمار تلك الإصلاحات على صعيد أرقام الاقتصاد الكلي، لكن البورصة لم تتفاعل بشكل جيد مع تلك الإصلاحات في أوقات قصيرة من العام.

وقال إن بنوك الاستثمار الكبرى اعترفت بأن أداء البورصة المصرية في 2018، جاء أقل من التوقعات، وهو ما يعزز فرص عودة نشاطها القوي في 2019، متفقا رأي مع محمد عسران العضو المنتدب لشركة ايفا لتداول الأوراق المالية، في أن الصعود القوي للسوق في الشهور الأربعة الأولى من العام جاءت استكمالا للتفاؤل ببرنامج الإصلاح، مشيرًا إلى أن ذلك صاحبه أنباء إيجابية قوية على بعض الشركات الكبرى والقيادية، منها ما هو صفقات استحواذ وأخرى اتفاقات اندماج، مع إعلان نتائج أعمال قوية لبعض الشركات عن 2017، وخاصة البنوك والقطاع العقاري والبنية التحتية والصناعة.

وأضاف أن التحول في أداء البورصة المصرية في 2018، بدأ لأسباب خارجية مع تصاعد الحرب التجارية الأمريكية الصينية، والإجراءات المتبادلة بين الطرفين، تلاها بعد وقت قصير أزمة الأسواق الناشئة وقيام الأرجنتين برفع تاريخي للفائدة في أسبوعين من 15 في المائة إلى 60 في المائة، أعقبها أزمة العملة التركية التي خسرت 50% من قيمتها، وقامت تركيا على إثرها برفع الفائدة إلى معدلات قياسية، ونفس الحال بالنسبة لنيجريا وجنوب أفريقيا وفنزويلا وغيرها من الأسواق الناشئة.

وأوضح أن أزمة الأسواق الناشئة كانت سببا رئيسا في خروج نحو 15 مليار دولار من السوق المصرية سيولة أجنبية كبيرة من سوق أدوات الدين، وهو رقم كبير وفي زمن قصير، ما دفع المركزي لإرجاء سياسة الخفض المتواصل للفائدة كما كان معلنا، وهو أمر يحسب للمركزي لكنه أثر على الرؤية بشأن أسواق الأسهم التي تسير في حركة عسكية مع معدلات الفائدة.

ورأى نائب رئيس مجلس إدارة شركة هوريزون لتداول الأوراق المالية، أن قيام العديد من الشركات المقيدة بالبورصة بزيادات رؤوس أموالها ساهم في سحب أكثر من 5 مليارات جنيه من السوق، بجانب الاكتتابات التي طرحت وسحبت أكثر من هذا المبلغ تقريبا، ما أثر على معدلات التداول بالبورصة، فضلا عن المشكلات التي ارتبطت ببعض الطروحات والتي ساهمت في تأجيل تفعيل برنامج الطروحات الحكومية بالبورصة والذي طالما انتظره المستثمرون.

وأشار إلى أن توسع المستثمرين في الحصول على الائتمان من الشركات خاصة في الأشهر الأولى من العام مع ارتفاع السوق، ساهم في زيادة حدة الخسائر بالبورصة نتيجة حالة الاندفاع نحو البيع لتسوية المراكز المالية والمديونيات، خاصة بعد الإعلان عن فشل بعض صفقات الاستحواذ التي أعلنت في بداية العام، ما خلق مزيدا من الضغوط البيعية.

واعتبر أن التصريحات بشأن عملية تسعير أسهم الشركات ضمن برنامج الطروحات الحكومية، ساهم أيضا في هبوط السوق، مشيرا إلى أنه كان من الأفضل بدء طرح شركات جديدة بالبورصة، وليس حصصا لشركات مقيدة بالبورصة، ما كان يعزز من سيولة السوق ويجذب شرائح جديدة من المستثمرين.

ورأي الشهيدي أن قيام هيئة الرقابة المالية برقابة أكثر حزما على السوق والمتلاعبين كان أحد أهم العوامل الإيجابية للبورصة خلال عام 2018، ما أسهم في رفع كفاءة السوق، إضافة إلى صدور تعديلات قانون سوق رأس المال ولائحته التنفيذية، وهو أمر سيكون له انعكاسات إيجابية على أداء البورصة في السنوات المقبلة.

من ناحيته، يقول سمير رؤوف خبير أسواق المال، إن عام 2018 بدأ على ارتفاع ملحوظ من مستويات 15100 نقطة للمؤشر الرئيسى فى يناير الماضى، واستمر فى عملية الارتفاع نتيجة تدفق السيولة، وسط تفاؤل من المستثمرين العرب والأجانب بالإصلاحات الاقتصادية، محققا قمة تاريخية فى أبريل 2018 عند 18400 نقطة، ونفس الوضع بالنسبة لمؤشرات السوق الثانوية الأخرى.

ولفت إلى حدوث طفرة في أحجام التداول بالبورصة في الأشهر الأولى من العام، مع تخطى رأس المال السوقى حاجز التريليون جنيه بدعم من نشاط الأسهم القيادية مع التفاؤل ببدء سياسة خفض الفائدة على الودائع والتدفقات الاستثمارية الكبيرة، وخاصة في قطاعات الغاز البترول والمشروعات القومية، وحديث الحكومة الأكثر جدية عن طرح لأسهم الشركات قطاع الأعمال العام.

أما سامح هلال العضو المنتدب بشركة الهلال السعودي، فيشير إلى أن الحكومة المصرية اتخذت حزمة من القرارات الاقتصادية استكمالا لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، تنوعت ما بين السياسات المالية والنقدية والتي كان لها التأثير الإيجابى الأكبر، وبخاصة في الأشهر الأولى من العام، وأيضا ساهمت في تقليص حجم خسائر السوق في النصف الثاني وعززت صموده أمام هزات أسواق المال العالمية.

وقال إن الموجة التصحيحة التي شهدتها البورصة في النصف الثاني من العام كانت متوقعة، لكنها كانت أكثر حدة من التوقعات بفعل بعض الأحداث العالمية، خاصة التي شهدتها بعض الأسواق الناشئة، ما أدى إلى خروج رؤوس الأموال من العديد من الأسواق، ومنها السوق المصرية، وتسبب ذلك في حالة التقلبات التي شهدتها البورصة في الأوقات المتبقية من العام لتخسر أكثر من 6 آلاف نقطة، وأكثر من 250 مليار جنيه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى