خرجت ولم تعد .. بقلم هويدا دياب
أين ذهبت الأخلاق التي كانت تحكم التعاملات البسيطة بين الناس في كل مكان والتي كانت هي الفيصل بين البائع والمشتري وهي نفسها التي كانت تربط العلاقة بين الأب والإبن في البيت والطالب وأستاذه في المدرسة أو في الجامعة وهى نفسها التي كانت تجبر سائق التاكسي علي الالتزام بآداب المهنة ! حينما كانت لها آداب وأصول . فهل حقا انتحرت الشهامة .. التي كانت تميز مجتمعنا علي مر العصور؟ وهل بالفعل هاجرت القيم النبيلة .. بتأشيرة خروج بلا عودة؟ وهل اصبحت الندالة هي الدستور الذي يحكم العلاقات الاجتماعية التي تحولت هي أيضا وبقدرة قادر إلي مرتع للغوغائية والفوضي المرفوضة حتي لو كانت من نوع الفوضي الخلاقة ؟
التحولات التي تحدث حاليا جعلت الخروج عن القانون عادة مقبوله وممكنة طالما يمكن التهرب من المساءلة والعقاب، كما أصبح السبب الأكثر شيوعا للالتزام هو الخوف من القانون وليس الضمير للاسف، وكلما أمن شخص أو جماعة ما من العقاب زادوا في استهتارهم بالقانون. اننى انادى بأن عناصر بناء القيم وتحديد السلوك في أي مجتمع تتمثل في خمس عناصر على الأقل هي؛ الأسرة والدين والثقافة العامة والتعليم والقانون، ولا يمكن ان نبني مجتمع قوي بدون هذه الاسس .. طرأ على كل هذه العناصر تغيرات كثيرة، باتت تهدد بتغيير منظومة القيم لقد تحولت الاخلاق الأصيلة الى النقيض. فحينما تذهب إلي محل ملابس تجد البائع يقنعك بأن بضاعته مستوردة وهي في حقيقة الأمر مستوردة من مصانع بير السلم التي تضرب الماركات .. في غياب الرقابة والضمير أيضا .. وما ان تذهب إلي المدرسة أو الجامعة حتي تفاجأ بأن التلاميذ والطلاب هم الذين يربون أساتذتهم بممارسة كافة أشكال الابتزاز اللا أخلاقي .. أما العلاقات الأسرية التي كانت في الحفظ والصون فقد صارت سيرتها علي كل لسان ولم تعد البيوت أسرار كما كانت من قبل بل اصبحت حياتنا مكشوفة للجميع من خلال مواقع التواصل الاجتماعي اما عن دور الاعلام فى تدمير الاخلاق فى عصر التحولات والتغيرات التى تشهدها مصر تبدل كل شىء وأصبح التخاطب بين الناس مغلفاً بالتخوين ،والسباب وغدت الجمل مبتورة ، والكلمات مكذوبة والحلول معدومة والطموحات مفقودة لم يأت هذا الانهيار من فراغ وإنما نتيجة برامج التوك شو التي تتنافس على استضافة صاحب اللسان السليط السباب واصبحنا نسمع ابشع الالفاظ داخل بيوتنا من خلال التلفزيون وتحول الأشخاص الذين كنا نعتبرهم القدوة والمثل الاعلي” سواء المؤيد أو المعارض ” إلى نجوم فضائيات يتراشقون بالألفاظ النابية، وكأنهم تربوا فى الشوارع ولم يجلسوا يوماً فى بيوت يسكنها الادب والاحترام، فقد أصبح الكثير ممن يدعون أنهم ” وطنيون مستقلون ” يشربون من السياسة آثامها بدلاً من أن ينزعوا منها سمومها ، فأصبحوا، يكيدون بالمختلفين معهم ، ويقضون الليل فى الفضائيات يقدمون تبريرات ساذجة لأخطائهم الفادحة ، فهل هذه هي أخلاقنا كمصريين- عدم الاحترام اصبحنا لا نحترم كبيرنا ولا نحترم تاريخنا – واصبحنا لا نفعل شئ غير الاختلاف هل هذه هي عادتنا وقيمنا .. التي نشأنا وتربينا عليها أجيال وراء أجيال أم أنها أخلاق القرية السياحية بمفرداتها الغربية العجيبة التي ما أنزل الله بها من سلطان. واصبح الجفاء بديلاً عن الإبتسامة السمحاء التى كانت تميز المصريين .. وداعا لإخلاق خرجت ولم تعد
هويدا دياب