ختام الدورة الرابعة لمهرجان الأقصر للسينما العربية والأوروبية اليوم

يختتم مساء اليوم الجمعة الدورة الرابعة من مهرجان الأقصر للسينما العربية و الأوروبية بين أحضان الحضارة الفرعونية العريقة ووسط معبد الكرنك بالأقصر.
وكان المهرجان قد شهد في دورته الرابعة التي انطلقت السبت الماضي 30يناير العديد من التحديات و الأزمات، أولها كما جاء علي لسان رئيس المهرجان الناقدة ماجدة موريس، اعتذار كثير من الضيوف الأجانب عن الحضور عقب حادث الطائرة الروسية – وهو أمر خارج عن إرادة الجميع و يعاني منه قطاع كبير علي رأسهم السياحة – لذا وجب علينا ألا نحاسب إدارة المهرجان عن اختفاء الضيوف الأجانب.
يبقي أن نتناول الجانب الفني من الاحتفالية التي يقاس عليها القيمة الفنية لأي مهرجان بالعالم وهي لجنة التحكيم و جودة الأفلام .
أما لجنة التحكيم التي ترأسها مدير التصوير رمسيس مرزوق وهو قيمة وقامة فنية لا غبار عليها و عضوية اللبنانية الممثلة كارمن لبس، والمخرج والمنتج الإيطالي أدريانو دى سانتيس، و الكاتبة و المخرجة الإماراتية نجوم الغانم، و المخرجة الفرنسية ساندرين راي، و المنتج الجورجي نيكولوز أبراما شفيلي، و أخيرا الموسيقار راجح داوود، بعد اعتذار الفنان أحمد كمال عن المشاركة في لجنة التحكيم بسبب ظروف مرضية أصابت والدته.
و بمتابعة أسماء لجنة التحكيم نلمس تنوع و اختلاف المدارس الفنية التي يتبعها أصحابها، فضلا عن تنوع جنسياتهم و ثقافتهم في مجال الفن السابع مما ينبئ عن قوة لجنه تحكيم الدورة الـ4 من مهرجان الأقصر للسينما العربية و الأوروبية.
ونأتي للأفلام التي تجاوز عددها خمسون عملا فنيا بين12 فيلما روائيا طويلا و22 فيلما روائيا قصيرا بـ”المسابقة” غير أفلام التكريمات، فضلا عن فيلم الافتتاح. وتلك الاختيارات وهذا الكم الفيلمي أمامه جهد مشكور لا يمكن لإنسان أن يغفله، ويحسب لإدارة المهرجان أيضا عرض الفيلم الفلسطيني (3000ليلة) للمبدعة مي المصري التي أمتعتنا في الليلة الأولي للمهرجان بل أكاد أجزم أنه في تاريخ المهرجانات المصرية يحدث لأول مرة أن تمتلئ القاعة العرض، و يقبع ضيوف المهرجان حتى آخر مشهد من الفيلم في سابقة فنية مصرية.
وفيلم ثلاث آلاف ليلة يعرض قصة مدرسة فلسطينية متزوجة حديثا ، يتم القبض عليها عند أحد المعابر وتجد نفسها قيد الحبس لـ8 سنوات و تضع صغيرها الأول في المعتقل، واختارت مخرجة العمل أن يكون زمن الفيلم القرن الماضي قبل مجزرة صبرا و شاتيلا ، في وقت كانت يجمع فيه بين المعتقلات السياسيات و بين السجينات بسبب جرائم جنائية من الإسرائيليات، و تكشف أحداث الفيلم عن العنصرية الفجة من قبل اليهود، إلي أن تقرر المعتقلات عمل إضراب احتجاجا علي تدهور الأوضاع.
وهناك الفيلم اللبناني القصير” ومع روحك” إخراج كريم رحباني الذي يدور في 18 دقيقة حول الأب جريس الذي يعيش بسلام في المراحل الأولي من مدرسة اللاهوت بدير بلبنان التي تؤهله ليصبح قسا، ويجد جريس نفسه متورطا في حادث مأساوي عندما يخرج عن تعاليم السيد المسيح و يثور و يغضب من بائع اللحم فيدفعه غاضبا بعد خلاف دب بينهما ، ويسقط الجزار علي حافة الطاولة ميتا ، ويقع الراهب في الخطيئة المركبة. فيقوم بدفن التاجر في سكون ويسقط في سلسلة من الأكاذيب ، ورغم حاله التوتر و الارتباك التي تبدو واضحة لزملاء جريس من الرهبان ، إلا أنه يستمر في مداراه الحقيقة ويستمر في الكذب ، حتي عندما تأتي زوجة الجزار تـبحث عنه. ويختم الفيلم مشاهده بالأب الكاهن جريس يلقي كلمته داخل الكنيسة عن التطهر و أن الكذب خطيئة كبري . الفيلم في النهاية يحمل رسالة واضحة أن رجل الدين بشر، وليس معصوما عن الخطأ الخطيئة.
ونجح المهرجان باقتناء فيلم آخر وهو “السلام عليك يا مريم” في عرض أول في مصر من إخراج باسل خليل، وهو العمل الذي رشح للأوسكار كأفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية 2016، بالإضافة إلي الجوائز التي حصدها في عدد من المهرجانات.
وإذا كانت إدارة المهرجان قد نجحت في تحقيق التنوع و التناغم بين أعضاء لجنة التحكيم، إلا أن هناك خطأ لا يستهان به عندما ألغت إدارة المهرجان لجنة المشاهدة وجاء انتقاء الأفلام من جانب آحادي الرؤى للمدير الفني للمهرجان، مع أننا لا نقلل من خبرة وقيمة اختيارات الناقد محمد عاطف المدير الفني، ولكننا نسعى للتنوع بهدف علو شأن المهرجان، الذي يسعي البعض للنيل منه. كما أن المادة الثانية من لائحة المهرجان تنص علي ” أن تتولي لجنة مشكلة من عدد من النقاد و السينمائيين اختيار أفلام مهرجان الأقصر للسينما العربية و الأوروبية تحت مسئولية رئيس المهرجان “. وبذلك أخلت إدارة المهرجان ببند من اللائحة وهو أمر ضروري . و أتمني أن يدرك القائمون علي المهرجان ذلك الخطأ في الدورات القادمة.
فالأقصر للسينما العربية و الأوروبية ولٍد قويا و يحمل أسماء أعلام في السينما المصرية ونتمنى له الاستمرار و النجاح .