خبير أثري : ثروات منطقتنا الأثرية تجسد قبولنا للآخر

قال الخبير الأثرى الدكتور سامي البياضي إن تاريخ منطقتنا وما تزخر به من مواقع مقدسة وأثار ذات قيمة كبيرة إنما يؤكد قبول الحضارة الإسلامية للآخر فضلا عما يجسده من حقيقة تضافر وتبادل التأثير والتأثر بين الحضارات والثقافات والعقائد المختلفة في هذه المنطقة من العالم.
جاء ذلك خلال محاضرة للدكتور البياضي الخبير بوزارة الآثار اليوم ضمن فعاليات مؤتمر “الفن الإسلامي في مواجهة التطرف” المنعقد حاليا بمكتبة الإسكندرية أشار فيها الى العديد من الآثار الإسلامية، التي تؤكد قبول الحضارة والفن الإسلامي للآخر، حيث ظهر دور العنصر غير العربي وغير المسلم في نهضة وتطور الحضارة والفكر والفن الإسلامي كما تأثر غير العرب وغير المسلمين بالحضارة والفن الاسلامي.
وتطرق البياضي إلى إسهامات الروم والقبط في الحضارة العربية السابقة على ظهور الإسلام ، ففي مجال البناء والتشييد والفنون نجد الكثير من العرب ممن تعلموا فنون البناء والتشييد والزخرفة مع الرومان، وكثير من المشيدات التي وصلت إلينا في بلاد العرب صممها ونفذها مهندسون من أصول عربية .
فمدن مدائن صالح، والبترا، وبُصرى ، وتدمر، ولبدة، ومصراته وغيرها تشتمل على منشآت معمارية شيدها مهندسون عرب خدموا زمن احتلال الرومان لهذه البلاد، وأن من وجد بعد الفتوحات الإسلامية ساهم في بناء الحضارة الإسلامية من مهندسين وفنيين وحرفيين ، فاستمرت التأثيرات الرومانية – البيزنطية في الحضارة والفنون الإسلامية .
وأضاف أنه بعد الفتوحات الإسلامية كان لأهل البلاد التي تم فتحها إسهامات مهمة في ازدهار الحضارة والفنون الإسلامية خاصة تلك المشيدات التي شُيدت خلال العصور الإسلامية المبكرة، لافتا الى أن الخليفة الأُموي الوليد بن عبدالملك عندما عزم على إعادة بناء المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة استعان بصناع من الروم، ومواد خام لعمل الفسيفساء التي تم بها تزيين جدران المسجد النبوي؛ كما أن جامع أحمد بن طولون أشهر مساجد مصر صممه مهندس مصري “مسيحي” كما تمت الاستعانة بصناع من القبط عند تأسيس دور صناعة السفن في البلاد الإسلامية الواقعة على البحر المتوسط خاصة في كل من مصر وتونس لخبرتهم بصناعة السفن.
واوضح أن الآثار الباقية خاصة الأُموية منها وبعض الأثار العباسية تُوضح لنا استمرار الكثير من التقاليد الفنية السابقة على الإسلام في الحضارة والفنون الإسلامية ونماذجها في المساجد والعمائر المبكرة، ما يُؤكد استمرار أهل البلاد التي تم فتحها في العمل بمجالاتهم المختلفة ما ساعد على النهضة الحضارية الإسلامية في شتى المجالات، وبما لا يخالف عادات وتقاليد وثقافة وعقيدة هؤلاء الفاتحين.