آراءشويّة دردشة

خاف الله ولاتخف من الله| بقلم الدكتور القس جرجس عوض

الله هـو أصل كـل الاشياء، وواهب الحياة، فهو الأزلي الأبدي، الألف والياء، البدايـة والنهايـة، الأَول والآخر فهو الوجود وكل الوجود، وكلِّ المعرفة، وكلِّ القدرة، الصانع للسماوات والارض وكل مافيها.

فالله يتعالى بما لا يُقاس، فهو أعظم من الكل، وهو الجدير والأَولى بالمخافة والتوقير والخشوع فوق الجميع، وليس مجرد الخوف منه، الله هو المصدر للحب والاحسان والمراحم والخير والنور والشفاء وهو دائما يشرق شمسه وخيره واحسانه علي كل البشر سواء، علي الصالحين والطالحين علي الابرار والاشرار، ويهب هباته وخيراته للجميع ولكل خليقته دون تمييز.. وعلينا ان نفرق بين مخافة الله والخوف من الله.

فمخافة الله هي التقدير والاحترام والحب والرغبة في طاعته ونيل لذة رضاه، لكونها لذة مختلطة في صميمها بمحبتـه الغافرة ورحمته التي بلا حدود، مخافة متجردة مـن الرعب والخوف والفزع واستهوال الوقـوف أمامـه أو الاقتراب منـه، لقد صور مجتمعنا المتدين عدة صور مختلفة عن الله اذكر منها صورتين:

الصورة الاولي:

هي التي نشأنا وترعرعنا، كاطفال، وتناقلنا مفاهيم دينية مغلوطة من خلف الي سلف تلك المفاهيم التي ترسخت في اذاننا واذهاننا وهي ان الله، وحاشا لله ان يكون هكذا، هو البعبع المخيف والشخصية المرعبة، فحينما كنا نخطئ في طفولتنا ومنذ نعومة اظافرنا كنا نسمع عبارات مرعبة عن الله مثل، الله سوف يدخلك النار، الله سوف يعلقك من رموش عينيك، الله سوف يعذبك ويجلدك وينتقم منك الخ ..؛؛؛؛ هذه الصور المغلوطة التي رسمت وصورت في الاذهان ابشع الصور عن الخالق الرحيم تخيل معي ماهو موقف الله مني لكوني استخدمته فزاعة للخوف والارهاب ؟ سواء لطفلي او احفادي او لشعبي لو كنت رجل دين او مدرس، وما هو موقف الطفل او السامع من الله ؟ تلك هي الصورة السلبية التي توارثناها وتناقلناها عن الله، ولم ننال من تلك العبارات سوي الكوابيس والاحلام المزعجة والهلع والتقلقل، الي ان ينتابنا الشعور بالذنب بين ارضاء الله او التمرد عليه، وعدم القبول لنفسي او للاخر او لمجتمعي.

وحالة التمرد هذه تنشئ زخما هائلا من التصورات التي لا تصل إلى حد اليقين بقدر ما تفرز شكوكا جما من شأنها إضعاف ايمان الإنسان وإسقاطه ووقوعه في فخ المكابرة والالحاد والتمرد والخروج عن الدين او العقيدة والاعراف، سواء في السر او العلن، وهذه الصور ما اكثرها.

الصورة الثانية:

هي محاولة ارضاء هذا الخالق، وعلي بالعبادة وتقديم القرابيين لكوني مرعوب من هذه الشخصية المتجبرة، صرنا نتعبد خوفا ورعبا بسبب الوعد والوعيد وليس الحب والترغيب، وعلي ان احاول بكل المقاييس ان ارضي هذا الاله، واتقي شره، وعلي ان ادين نفسي، وافحص ذاتي، واقدم طقوسي ونسكي وعبادتي، لعلي وعسي ان اجد رحمة في عينيه، حتي ولو طلب مني ان افجر واهلك نفسي والاخريين وادمر مجتمعي، حتي انال رضاه وارحم من غضبه، لذا لاعجب لو خرجت ارهابي بالفكر او القول او الفعل، اومغتصب او ناقم او حاسد او قاتل او مخرب اومدمر، لذا علي ان اصحح لنفسي وللاخرين كل مفهوم سلبي ورثته عن الله، وعلي ان ادرك ان الله الخالق العظيم احب الانسان وحباه بعقل مفكر يتحدي به كل معوقات جسدية اونفسية، وان باب رحمة الله مفتوح للجميع، وهذا الباب يستقبل كل مرضي الخطيئة الراجعين والنادمين الراغبين في العلاج، وبابه عبارة عن مستشفي به كل التخصصات ومدير المستشفي هو الله بنفسه وهذا الاله مليان بالصلاح والمراحم والحب لايقتل او يهمل مرضاه، او ينتقم منهم، فهو الغفور الصفوح والوحيد الذي يملك دواء ضد الكذب والسرقة والنميمة والقتل والزني والكراهية والحقد والحسد.. الخ الدواء لاينقص وممتد الصلاحية بحسب صلاح الله نفسه… هذا هو الله الغفور الرحيم.

الدكتور القس/جرجس عوض

راعي الكنيسة المعمدانية القاهرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى