تحتفل كولومبيا اليوم الثلاثاء بإنهاء القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك)، حركة التمرد الرئيسية في البلاد، عملية إلقاء سلاحها بعد نزاع دام أكثر من نصف قرن، في مرحلة محورية في اتفاق السلام التاريخي المبرم في 2016.
ومن المقرر تنظيم حفل رسمي في الساعة 10,00 (15,00 ت غ) في ميسيتاس بوسط البلاد، بحضور الرئيس خوان مانويل سانتوس وقائد القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك، ماركسي) رودريغو لوندونيو الملقب “تيموشنكو” الذي وصل أولا في مروحية مساء الاثنين.
وكتب لوندونيو على تويتر بعيد وصوله “أشعر بتأثر عارم ولدي تطلعات كبرى”، وارتدى قميصا يحمل علم النروج في تحية الى البلد الذي لعب إلى جانب كوبا دورا ضامنا لاتفاق السلام المبرم في نوفمبر.
البعثة الاممية في كولومبيا يعلن نزع الاسلحة الفردية المسجلة لحركة فارك
أعلنت البعثة الاممية في كولومبيا أمس الاثنين المكلفة الاشراف على نزع السلاح وتدمير الاسلحة عن اتمام “تخزين كل الاسلحة الفردية المسجلة لحركة فارك وعددها 7132 قطعة سلاح، باستثناء تلك التي ستستخدم، وفقا لخارطة الطريق، لضمان أمن المعسكرات الـ26” التي سيصار فيها الى تجميع حوالى سبعة آلاف عنصر من فارك.
واثر الاعلان علق سانتوس على تويتر بالقول ان “نزع السلاح يشكل انطلاقة كولومبيا جديدة تتقدم نحو السلام. شكرا لبعثة الأمم المتحدة على دعمها وعملها”.
وتهدف العملية الاجمالية المنبثقة من اتفاق السلام الموقع في نوفمبر الماضي بين الحكومة وقوات فارك والذي عاد على سانتوس بنوبل السلام، الى طي صفحة النزاع المسلح الأطول في اميركا اللاتينية الذي اسفر عن مقتل اكثر من 260 الف شخص وفقدان اكثر من 60 الفا ونزوح 7,1 ملايين.
وقال سانتوس في الاسبوع الفائت خلال زيارة الى باريس ان “الفارك، التمرد الأقوى والأقدم في اميركا اللاتينية، سيزول من الوجود”، معتبرا ان هذا اليوم “سيغير تاريخ كولومبيا”.
المرحلة الاخيرة لنزع السلاح تخللها اعتداء بالقنبلة
غير ان المرحلة الاخيرة لنزع السلاح التي تخصص لتسليم الـ40% من الاسلحة المتبقية الى الامم المتحدة، تخللها اعتداء بالقنبلة في 17 يونيو في مركز تجاري في بوغوتا، ادى الى مقتل ثلاثة بينهم فرنسية.
ونسب الهجوم الى حركة الشعب الثورية التي اوقف تسعة من اعضائها، فيما كشف عن استمرار التوتر الناجم عن العنف في البلاد رغم الرغبة في السلام.
لكن حتى اتفاق السلام مع فارك، الذي يشمل تعويضات للضحايا واصلاحات زراعية ومكافحة الاتجار بالمخدرات، لقي في مرحلة أولى رفض السكان من خلال استفتاء، ما دفع إلى إعادة التفاوض عليه، في صيغة نهائية أقرها البرلمان.
عودة الحياة المدنية
يتلقى كل متمرد يتخلى عن سلاحه وثيقة استلام ويترتب عليه التوقيع على تعهد بعدم حمله مجددا.
وصرح أحد كبار قياديي فارك ماوريسيو خاراميلو لوكالة فرانس برس مؤخرا ان الأسلحة “أدت وظيفة محددة في وقت محدد. اليوم اننا نتخذ قرارا سياسيا ولم نعد نحتاجها”.
وبموجب اتفاق السلام، فان الاسلحة التي سلمتها فارك الى الامم المتحدة سيتم صهرها وسيستخدم المعدن المصهور لصنع ثلاثة نصب ترمز الى انتهاء النزاع. وستوضع هذه النصب في كل من نيويورك وكوبا، مقر مفاوضات السلام، وكولومبيا.
ومع انتهاء عملية تسليم السلاح تبدأ فارك التي نشأت من تمرد فلاحين في 1964 ووصل عدد عناصرها في اوج حركة التمرد الى 20 الف عنصر، عملية تحولها الى حركة سياسية شرعية.
وفي الاشهر الماضية، تجمع عناصرها في 26 منطقة من البلاد حيث يعدون لعودتهم الى الحياة المدنية.
وطوال اكثر من نصف قرن، شاركت في النزاع العسكري الكولومبي المعقد حوالى ثلاثين مجموعة مسلحة وميليشيات شبه عسكرية من اليمين المتطرف بالاضافة للقوات النظامية.
جميع الاطراف تضع انتخابات 2018 العامة نصب أعينها
تضع جميع الاطراف انتخابات 2018 العامة نصب أعينها حيث قد تطرح فارك مرشحا رئاسيا. ومن المقرر عقد مؤتمر الحزب العام في اغسطس.
عندئذ تبقى مرحلة أخيرة قبل التوصل إلى “السلام التام” الذي يتمناه سانتوس، تقضي بالتفاوض على اتفاق مشابه مع حركة التمرد الأخيرة الناشطة في البلد، “جيش التحرير الوطني” الذي يستلهم الثورة الكوبية ويضم حوالى 1500 مقاتل.
وبدأت مفاوضات بالفعل في فبراير في كويتو لكن تخللتها اعمال خطف ما زال “جيش التحرير الوطني” ينفذها. وجرت آخر عملية خطف الاسبوع الفائت واستهدفت صحافيين هولنديين أفرج عنهما بعد خمسة أيام بصحة جيدة.