جدد كالنسر شبابك | بقلم بقلم د. جيهان عفت
يعيش النسر ما يقارب سبعين عاما و لكن ليصل الى هذا العمر يجب عليه اتخاذ قرار على جانب كبير من الصعوبة فحين يصل الى سن الاربعين تفقد أظافره قدرتها فيصبح من الصعب الامساك بالفريسة و بالتالي يتأثر غذائه ثم في نفس المرحلة يزداد منقاره المعقوف انحناء و بسبب تقدمه في العمر تصبح اجنحته ثقيلة بسبب ثقل وزن ريشها و تلتصق بصدرة ليصير الطيران مهمه أصعب !! و في ظل هذه الظروف يبقي أمام النسر خياران .
أما ان يستسلم للموت أو يقوم بعمليه تغيير مؤلمه جدا لمده مئة و خمسين يوما حيث يقوم النسر بالتحليق إلى قمه جبل عال و يقوم بضرب منقاره بشده على الصخر حتي ينكسر، و عندما يبدأ منقاره الجديد بالنمو يقوم بكسر مخالبة حتي تنمو من جديد، بعدها يقوم بنتف ريشه كله …
و في ختام هذه المعاناة بخمسه أشهر، يقوم النسر بالتحليق في السماء و كأنه ولد من جديد .
عزيزي القارئ
قد تشعر بالرثاء على هذا الطائر الذي عليه ان يمر بتلك المعاناة حتي تستمر حياته بقوة و شباب … لكن عليك أيضا ان تنظر للجانب الآخر و الاخير من تلك القصة و هي وقتيه المعاناة ..فمهما طالت المعاناة و مهما كانت قسوتها حتما ستنتهي يوما ما ليجني النسر ثمار الآمه و تعبه و معاناته من تجديد لشبابه و التحليق عاليا في سماء متسعه خلابة حيث الحرية و الانطلاق و القوة .
اصدقائي الاحباء بعد قراءتي لحياه النسر بدأ سؤال يراودني بقوة .. ماذا عنك ايها الانسان؟؟؟ فهل عندما تصيبك مشاعر اليأس وفقدان الرجاء نتيجة مرورك بتجارب غير ناجحة سواء في العمل أو في الدراسة أو في حياتك الشخصية أي تصل لمرحلة الشيخوخة النفسية…. هل تستسلم لتلك المشاعر لتنهي حياتك أم أنك تختلي بنفسك لتحاسبها و لتكتشف الاخطاء التي وقعت فيها ليس لجلد الذات انما لتأخذ منها درسا لتفادي الوقوع فيها مرة أخري .. أو لتعرف نقاط ضعفك لتقويها أي تبدأ مرحلة تجديد روحك بالأمل و تجديد ذهنك بتغيير بعض الافكار و تجديد حياتك العملية و حياتك الشخصية باكتساب العديد من المهارات التي قد تساعدك على البدء مرة اخرى بداية جديدة ناجحة، ايضا تجديد حديثك الذاتي مع نفسك و نوعيه الرسائل التي تخاطب بها نفسك ” انا استطيع ، انا قادر” و تجديد صورتك الذاتية عن نفسك بصورة ايجابية و التي يمكنها أن تجدد ثقتك بنفسك و تزيد حماسك و تحفزك علي تحقيق أحلامك.
ثم جال بخاطري سؤال أخر ….هل هناك نسور من البشر أي أشخاص مروا بمرحله الشيخوخة النفسية من احباطات و فشل لكنهم بمعونه الله و عزيمتهم استطاعوا ان يجددوا شبابهم النفسي و حلقوا في سماء المجد ، حفروا لأنفسهم اسماء مضيئة في التاريخ ..فوجدت العديد من النسور، اسمحوا لي بعرض بعض منها :
توماس اديسون: عندما بلغ السابعة من عمره اصيب بالصمم لكنه لم يستسلم بل تفرغ للقراءة مبتعدا عن الضوضاء ثم بدأ يهتم بالاختراعات و كان شعاره إن العبقرية “واحد في المائة وحي و إلهام و تسعه و تسعون في المائة عمل و عرق و جهد”، لم يشعر باليأس بل واصل كفاحه و تجاربه و اختراعاته الكثيرة التي وصلت الى اكثر من ألف اختراع ..كان اهمها المصباح الكهربي .
فهل كان في حياه اديسون مرحله شيخوخة نفسيه أخري بخلاف الصمم …الإجابة نـــــعم
ففي عام 1914 م احترق معمله في مدينه نيوجيرسي و قدرت خسائره بأكثر من اثنين مليون دولار .. مبلغ كبير بلا شك في ذلك الوقت و كان قد تجاوز السابعة و الستين من العمر الا انه قال ” هذه كارثه حقا لكنها لا تخلو من نفع …. لقد التهم الحريق جهدي و مالي لكنه خلصني من اخطائي… شكرا لله فنحن نستطيع أن نبدأ من جديد بلا اخطاء”. رحل اديسون عن عالمنا 1931 بعد ان نقل الانسان الى عصر الكهرباء، لم يعرف اليأس طوال حياته بل هزم اليأس بإصراره.
هنري فورد: أعلن إفلاسه سبع مرات و الإفلاس بأمريكا يعني ان يبقي خمس سنوات لا يثق به أي بنك أو شخص لكن بعد كل تلك المعاناة و الشيخوخة النفسية و بعد كل تلك السنوات أكتشف الموديل T للسيارة و بعدها توالت نجاحاته و اصبح مليونيرا و صاحب مصنع سيارات فورد .
يقول روبرت فروست ” أستطيع أن ألخص كل شيء تعلمته في الحياه في ثلاث كلمات “ان الحياه مستمرة” ، و طالما الحياه مستمرة عليك أنت ايضا ان تستمر أما اذا شعرت بأعراض شيخوخة النفس فخذ وقفه مع نفسك و ابدأ بتجديد شباب عقلك و عزيمتك و قوتك بثقتك الكاملة في الله ، أقبل ذاتك، ثق بقدراتك مهما كانت قليله من وجهه نظرك ،يقول هنري فان دايك ” استخدم الموهبة التي لديك مهما كانت، لو لم يغني الطير سوي الذي يغني الافضل لأصبحت الغابات صامته تماما” و لا تستسلم لليأس الذى هو شيخوخة النفس بل أسأل نفسك اذا كنت فعلت افضل ما لديك ،أنظر للفشل كما نظر اليه هنري فورد على انها بداية جديدة بفكر افضل .
كن نسرا محلقا في سماء احلامك