أخبار عربيةعاجل

جامعة الدول العربية: شعب العراق يستحق أن ينعم بالسلام والاستقرار

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن شعب العراق يستحق أن ينعم بالسلام والاستقرار والأمن، وأن يجني ثمار التنمية والرخاء بعد طول معاناة، مشددا على أهمية مساندة العراق ودعمه في هذا النضال.

وقال أبوالغيط – في كلمته اليوم السبت، أمام قمة بغداد للتعاون والشراكة – إن العراق، الذي يحتفل هذه الأيام بمرور مائة عام على تأسيس دولته الحديثة، عانى كثيراً عبر العقود الماضية، ودفع أثماناً باهظة لمغامرات وصراعات عطلت انطلاقته وأبطأت مسيرته، مشيرا إلى أن الإمكانيات العراقية، في المورد البشري والمادي على حد سواء، ضخمة.. والتاريخ والحاضر شاهدان على ما يُمكن أن يُحققه الشعب العراقي إن توافرت له ظروف مواتية.

وأضاف: “نرى العراق اليوم، وهو يسعى إلى صناعة هذه الظروف، بإرادة جديدة وعزم لا تخطئه عين”.

وأشار إلى أن العراقُ خاض حرباً شريفة ضد الإرهاب الأسود منذ 2014، تكبد خلالها تضحياتٍ هائلة، وكُلفة تفوق الوصف، في الأنفس والأموال، لكنه صمد رافعاً راية المدنية في مواجهة البربرية، وخاض المعركة دفاعاً عن قيم الحضارة والإنسانية في كل مكان، وليس في العراق وحده.

وتابع: “نجتمع هنا اليوم في مدينة السلام لنقول للعراق إنه لا يقف في هذه المعركة وحيداً، وأن الدماء التي نزفها هي دماء غالية علينا جميعاً، وأن شعبه يستحق أن ينعم بالسلام والاستقرار والأمن، وأن يجني ثمار التنمية والرخاء بعد طول معاناة، إن مساندة العراق ودعمه في هذا النضال هو واجبٌ علينا، وحق لشعبه”.

وأعرب أبو الغيط عن اعتقاده بأنه ليس هناك ثمة خلاف على أن حالة التوتر الإقليمي والاستقطاب أضرت بالعراق، وحرمته من الاستفادة من إمكانياته، وأدخلته – لسنوات طويلة – في دوامة من المُعضلات الأمنية والسياسية، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية.

ولفت إلى أن العراق يسعى إلى بناء علاقة جديدة مع الإقليم على أساس من المنفعة المتبادلة والاحترام والتعاون، وهو توجه محمود انعكس إيجابياً على مجمل العلاقات في الإقليم، وأسهم في طرق أبواب للحوار بين الأطراف، وفتح مجالات للتعاون الاقتصادي بينهم، معتبرا أن اجتماع اليوم يُمثل خطوة مهمة على هذا الطريق.

وقال: “ما نريده جميعاً هو عراق لا يكون ساحة للصراع بقدر ما يمثل جسراً للتواصل.. عراق لا يغدو حلبة للتناطح وإنما فضاء للتصالح”.

وأعرب عن قناعته الراسخة بأن دول هذا الإقليم، بما لها من رصيد حضاري وخبرات تاريخية ممتدة، ووشائج وطيدة بين شعوبها، بإمكانها إدارة علاقات مُثمرة بمنطق المنفعة للجميع وليس المعادلة الصفرية، مشيرا إلى أن تحقيق دولة ما لأمنها ومصالحها لا ينبغي أن يكون على حساب الآخرين، فالاضطراب والتوتر يخصم من الجميع، ولا يضيف لأي طرف.

وقال إن أحداً لا يتوقع أن تتفق كافة الدول في هذا الإقليم على كل شيء وفي كل شيء.. فلكل دولة مصالح، ومنطلقات لتحقيق هذه المصالح.. غير أن المطلوب والمرغوب هو الاتفاق على الأسس والمبادئ.. فالأسس السليمة هي التي تصنع جيرة جيدة.. والعلاقات بين الدول إن لم تتأسس على مفاهيم مشتركة أساسية.. تصير عرضة لسوء الفهم وسوء التقدير.. وصولاً إلى الخلاف والنزاع.

وأضاف “إن الدول العربية موقفها واضح من الأسس المطلوبة لعلاقات صحية ومُثمرة في هذا الإقليم.. وهو موقف عبرت عنه هذه الدول مراراً بصورٍ شتى.. كما تبنته المنظمة الإقليمية التي أشرف بتولي أمانتها العامة، والتي تُعبر عن الموقف العربي في شموله”.

وشدد على ضرورة احترام السيادة والامتناع – قولاً وفعلاً، شعاراً وممارسةً – عن التدخل في الشئون الداخلية للدول، باعتبار ذلك واحداً من المبادئ المؤسسة للعلاقات الدولية الحديثة، مؤكدا مركزية الدولة الوطنية في العلاقات الإقليمية؛ فالدول، العربية وغير العربية، في الشرق الأوسط تضم داخلها مكوناتٍ سكانية مختلفة، في الدين والمذهب والعرق، وطالما كان هذا التنوع الخلّاق مصدراً لثراء هذه المنطقة، غير أن هذا التنوع ذاته قد يتحول إلى مصدر للفتن وإثارة النعرات وتمزيق النسيج الوطني الجامع.

واستطرد: “آن الأوان أن تُمحى كلمة الطائفية من قاموس هذا الإقليم،وأن يبقى الدين لله وحده،بينما العلاقات السياسية تديرها دولٌ وطنية، تتمتع بالسيادة الكاملة، وتتعامل مع بعضها البعض على أساس من الاحترام المتبادل والتعاون وحسن الجوار”.

كما أكد أهمية أن تقوم العلاقات الإقليمية على مكافحة الإرهاب، لاسيما الجماعات التي تُمارس الإرهاب، ومن يقدمون الغطاء السياسي والتبرير الأخلاقي لمن يمارسون هذا الإرهاب.

وتابع أبو الغيط قائلا: إن “انتصارنا على الإرهاب رهن بألا يجد ملجأ في أي مكان بين ظهرانينا، وأن تحاربه دولنا، بشتى صوره وأشكاله، وأياً كان لونه السياسي أو الراية التي يتخفى وراءها”.

وأشار إلى أن هذا الإقليم يواجه تحديات مشتركة، لكنه شدد على أنه يُمكن أن تُحقق دوله الكثير، إن هي توافقت على هذه الأسس التي تُشكل أساساً للعلاقات المستقرة بين الدول في أي منظومة إقليمية في أي مكان في العالم.

وقال: “إن العالم العربي طالما تطلع، بحسن نية، إلى علاقات جوار طيبة مع كافة الأطراف الإقليمية.. وللجامعة العربية في ذلك مبادراتٌ ومحاولات في السابق.. واليوم، فقد جمعتنا محبة العراق.. ولا أحد منا يختلف على العراق.. فجميعنا يريد أن يرى عراقاً مزدهراً ومستقراً.. سيادته مصونة ورايته مرفوعة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى