تهانى الجبالى.. حكاية تتكرر!! .. بقلم نصر القفاص

تهانى الجبالى.. حكاية تتكرر!!
عشت فى مطلع الثمانينات تفاصيل مؤامرة على أستاذى – الله يرحمه – “جلال سرحان” المبدع صحفيا.. كانوا قد أقنعوه أن يكون واحدا من الذين أسسوا “جريدة مايو” رغم رفضه للاتجاه السياسى ورجاله.. وأخلص الرجل للفكرة, فقدم جهدا متميزا وإبداعا لفت الأنظار.. فظهرت فكرة إصدار جريدة تحاور الشباب وتعكف على مناقشة همومهم.. صدمهم أن الرئيس “أنور السادات” قال أن هذه مهمة لا يصلح لها غير “جلال سرحان” ومن هنا دارت ماكينة المؤامرات ضده.. بشكل سلبى لعبت أجهزة الدور الرئيسى فيه, لتحذر من خطورته.. وإيجابى لترشيح من يرونه الأفضل وسط قصار القامة وعديمى الموهبة.. وكانت النتيجة أن صدرت جريدة “شباب بلادى” برئاسة – الله يرحمه – “عبد الفتاح الديب” وكان مهنيا متميزا.. لكنه حذف من قاموسه كلمة “لا”!!
شاءت أقدارى أن أشهد الحكاية تتكرر مع المستشارة “تهانى الجبالى” البطلة التى تجيد قول كلمة “لا” وتحترم “نعم” إذا صدرت من أصحاب الضمائر.. فهى الناسكة فى محراب القانون.. إحترمته فأعطاها الرصانة والحكمة.. إحترمت مهنتها كمحامية فرفعها أقرانها فوق الأعناق.. توجوا عنقها بثقتهم فيها لتمثلهم فى نقابة المحامين المصريين واتحاد المحامين العرب.. إحترفت “تهانى الجبالى” الصدق مع الناس والوطن.. أجادت احترام النفس, فغمرها الشعب بحبه وتقديره.. وبقدر ما حاربها أعداء الوطن, إلتف حولها أبناؤه.. حفرت إسمها بأحرف من نور فى تاريخ القضاء الدستورى.. أحرجت خصومها فتربصوا بها.. فأعلنت التحدى.. إعتقدوا أن إبعادهم لها يعنى نهايتها, إبتسمت فى صمت وقبلت التحدى فى غضب.. أشعلت النار تحت أقدام “جماعة الإخوان” تحولت مع أمثالها إلى عناوين للثورة على لصوص الثورة!!
المستشارة “تهانى الجبالى” سيرة تحتاج إلى كاتب يعرف عنها, بأكثر ما يعرفها.. وقصة إخلاص يتربص بها “هاموش الانتهازية” لعلهم يفرضون عليها الضجر.. لكنها تملك القدرة على الابتسام, بقدر ما تملك الصرامة عند إعلان موقفها.. تعشق مصر فتعتبر كل خسارة فى سبيل تقدمها, ثمنا تلزم نفسها بأن تدفعه.. وفى وسط الحصار, تملك يقين بالقدرة على كسر جدرانه.. إنتقلت من خانة المضطهدة التى وضعتها فيها “عصابة الإخوان” إلى مربع الانتصار والتحدى.. تخوض معركة البناء بكل ما تملك من علم وشجاعة.. ويحاربها أشباه الرجال بالشائعات والكلام الفارغ.. تعتصم بحب الناس وتقدير الشعب, فيحاولون تخويفها, بالأكاذيب ودق الأسافين.. ترفع راية الدفاع عن الجمهورية, فأعلنت انحيازها للرئيس “عبد الفتاح السيسى” من موقع المحاور.. حاولوا إبعادها بتصدير “شلة المنتفعين” للنيل منها.. راهنت على الضمير الحى والفهم الصحيح لمعدن الشعب.. لأنها تعلمت أن خسارة معركة لا تعنى خسارة حرب.. مكتوب عليها أن تتحدى وتنتصر, ومكتوب على خصومها أن يتجنبوا مطالعة وجوههم فى المرآة!!
أتذكر “جلال سرحان” ضمير الصحافة الراحل.. لكى أكتب عن “تهانى الجبالى” ضمير الشعب المطلوب اغتياله.. لكن الحقيقة ستبقى حقيقة, والأكاذيب لن تكون غير سموم.. مع احترامى للأستاذ “عبد الفتاح الديب” الذى كان أشرف بكثير, عندما تحرك لانتزاع حق “جلال سرحان” منه.. لأن خصم “تهانى الجبالى” لا يستحق الاحترام بعد أن ماتت كلمته لأن ضميره مات!!
نصر القفاص