إسلامياتعاجل

تعرف حكم الغش في لجان الامتحانات

ما حكم الغش في لجان الإمتحانات سؤال ورد إلى دار الافتاء وأجاب عليه الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية السابق.

حيث أكد الدكتور على جمعة أن الشريعة الإسلامية حثت على الأمانة والصدق وطلب العلم وإتقان العمل الصالح وبذل النصيحة النافعة للآخرين ليقوم الناس بالقسط ويسود العدل والإحسان بين الناس، وذلك وفقًا لمكارم الأخلاق التي بعث الله تعالى نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ليتممها؛ ففي الحديث الشريف عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ» أخرجه أَحْمَدُ في “مسنده”.

والغِشُّ في اللغة: نَقِيضُ النُّصْح، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الغَشَش المَشْرَب الكدِر. انظر: “لسان العرب” (6/ 323، مادة: غَ شَ ش، ط. دار صادر).

وأوضح المفتي أن الامتحان: عبارة عن تكليف طالب العلم بإجابة أسئلة في علم أو أكثر لمنحه شهادة رسمية من جهة مؤسسة تعليمية تكشف عن مستواه في استيعاب المادة العلمية نظريًّا أو تطبيقيًّا.

مشيراً أن الغش في الامتحانات يقصد به اعتماد الطالب في إجابته عن أسئلة الامتحان على أمر خارج عن ما حصله في ذهنه من العلم الذي يمتحن فيه، وذلك بطريقة فيها مخادعة للجهة التي تقوِّم مستواه العلمي، كاختلاس نقل الإجابة أو بعضها من شخص آخر أو من كتاب أو مذكرة أو تسجيل صوتي ونحو ذلك، وقد يتمّ الغش أيضًا بتسريب أسئلة الامتحان وتداولها بين الطلاب لمعرفة إجاباتها قبل حضور الامتحان.

ولفت المفتي إلى أن هذا النوع من الغش والخداع يندرج كغيره في مسمّى الغش المحرم، الذي يتنافى مع أخلاق الإسلام ومقاصده وأحكامه؛ حيث يشتمل على كثيرٍ من المفاسد الأخلاقية والاجتماعية، مما يجعل ذلك من أخطر المشاكل العصرية التي تواجه العملية التعليمية وما يتبعها من عمل غير الأكفاء وتصدرهم في مختلف الوظائف التي يراد بها إقامة مصالح المجتمع، وحرمان المستحق ذي الكفاءة من شغل تلك الوظائف وتقديم المنفعة الكبرى والخدمة الجيدة لأفراد المجتمع، ولا شك أن في ذلك ضررًا، و”لا ضرر ولا ضرار في الإسلام”.

قال الله عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 58].

وأكد المفتي أنه قد حرّمت الشريعة الإسلامية الغش بكل أنواعه؛ سواء كان في البيع أو في غيره من المعاملات بين الناس؛ لما فيه من الإثم والعدوان والخروج عن مقتضى الفضائل والمكارم التي يجب على المسلم التحلي بها؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» أخرجه مسلم.

وعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَالْمَكْرُ وَالْخِدَاعُ فِي النَّارِ» أخرجه الطبراني في “المعجم الكبير” و”الصغير” بإسناد جوَّده ابن حجر الهيتمي في “الزواجر”، وأخرجه ابن حبان في “صحيحه”، وفي رواية: «الْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ وَالْخِيَانَةُ فِي النَّارِ» أخرجه أبو داود عن الحسن مرسلًا.

وقد حذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الغش وتوعد فاعله؛ فقد أخرج الإمام مسلم في “صحيحه” عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي».

قَالَ أَبو عُبَيْدَةُ: مَعْنَاهُ لَيْسَ مِنْ أَخْلاقِنا الغِش، وَهَذَا شَبِيهٌ بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ: ما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه «يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ» أخرجه البيهقي في “السنن الكبرى”.

فهذا النهي والوعيد يدل على تحريم الغش مطلقًا سواء كان الغش في البيع أو في غيره من المعاملات بين الناس.

واختتم المفتي فتواه أن الغش في الامتحانات حرامٌ شرعًا، ويستوي في الحرمة ارتكابه أثناء أداء الامتحان في المواد الأساسية أو التكميلية، ومن يعين غيره على الغش سواء كان بالمساعدة والتلقين أو كان بتقاعس المسئول عن الرقابة على الامتحان عن أداء واجبه يكون قد أثم واعتدى على حقوق الآخرين.

والطالب الذي يغش يظلم نفسه؛ من حيث ارتكابه عملًا محظورًا شرعًا يأثم عليه، ثم بسعيه لأخذ حق ليس له؛ فإنه يختلس مجهود زملائه وإجاباتهم دون علمهم، ويتعدى على حقوق من يستحقون التقدم عليه في الترتيب بحسب التفوق في نيل الدرجات التي مناط تحصيلها يتطلب مزيدًا من الجهد في التحصيل العلمي عند التلقي والأداء، ويشاركه في هذا الإثم المراقب الذي يسهل ذلك الأمر؛ فهو من باب التعاون على الإثم والعدوان، والوسائل تأخذ أحكام المقاصد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى