تركى آل الشيخ .. برهان على فشلنا فى الإستثمار | بقلم وليد عبد الرحمن
لم يكن تركى آل الشيخ الا عنوانا عريضا لفشل مصر فى الإستثمار والإعلام والرياضة فشلا كبيرا فى جذب الاستثمارات والحفاظ عليها وتشجيع المستثمرين ، فهو مستثمر كان يأمل فى الاستثمار فى مصر مستغلا مناخ الاستثمار الحالى والتسهيلات الكبيرة التى يتم تقديمها للمستثمر من اجل اجتذاب المستثمرين من كل دول العالم لضخ استثماراتهم فى مصر التى تعد من الاسواق الواعدة والتى من المفترض ان تساعد حكومتها من اجل ذلك.
وباعتبار أن آل الشيخ مستثمر سعودى والعلاقة بين مصر والسعودية اخوية ووطيدة و تاريخية عبر التاريخ بل وزاد وثاقها خلال السنوات الاخيرة وبخاصة مع تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى سدة الحكم ، كل تلك الاعتبارات دفعت آل الشيخ الى ضخ استثماراته فى مصر ولكن فى المجال المحترف فيه وهو مجال الرياضة .
ولان الاستثمار يسعى إلى المكسب بالطبع فبدأ المستثمر السعودى العمل فى مجال الرياضة فى مصر داعما للنادى الاهلى الذى يعد الأكبر والأشهر بين الأندية العربية ، لكنه سرعان ما وقعت خلافات بينه وبين إدارة نادى القرن انسحب على اثرها آل الشيخ وبدأت رحلة الهجوم على الرجل من زبانية اعضاء مجلس إدارة النادى الاهلى وبالطبع كان للالتراس دورا هاما فى الهجوم وسب ومرمطة الرجل والتطاول عليه وعلى اهله وعلى كل دولته باعتبارهم يدافعون عن جمهورية الاهلى المستقلة التى تجرأ المستثمر وانسحب من دعمها .
ولان آل الشيخ كان مؤمنا بالاستثمار الرياضى فى مصر فبدأ فى التفاوض لشراء نادى يخوض به بطولة الدورى العام ويضع قدما للاستثمار الرياضى الناجح، وهى ليست التجربة الاولى فى انشاء ناد خاص فى مصر حيث سبقه ماجد سامى منذ سنوات بانشاء نادى وادى دجلة بما له من فروع عديدة ونادى الجونه الذى اسسه آل ساويرس ، فالتجربة مطبقة وناجحة ، ولكن انصار النادى الاهلى والمستغلين لم يشأ أى منهم ترك الرجل يكمل تجربته سالما ولم تتدخل الحكومة فى حماية استثمارات كان يمكن لها أن تنجح .
آل الشيخ مستثمر وليس مانحا فهو يضخ استثمارات مقابل أرباح سيحصل عليها ونتائج سيحققها وهو الامر الذى كان يجب أن يفطن اليه مجلس ادارة النادى الاهلى واتحاد الكرة وكل العاملين فى الحقل الرياضى ممن تعاملوا مع الرجل لانه لم يأت إلى مصر لدعم النادى هذا أو ذاك أو بناء صالة مغطاه تحمل اسمه كمنحة منه، ولكنه جاء لضخ استثمارات فى مجال الرياضة والاعلام .
إن تجربة آل الشيخ والتعامل المصرى الحكومى والخاص مع الاستثمارات والمستثمرين تدل على أننا ابعد ما يكون عن تطبيق الافكار الاستثمارية السليمة أو توفير مناخ جاذب للاستثمار قادر على ان ينجح فى استقطاب استثمارات عربية واجنية وحتى مصرية والحفاظ عليها وتنميتها.
اننا أمام تجربة متكررة تتمثل فى عزوف وهروب مستثمرين من العمل فى مصر فشروط وأسس وقواعد العمل الاستثمارى فى اى دولة من دول العالم معروفة وتنجح اذا تم تطبيقها باحتراف ولدينا من الأمثلة الناجحة الكثير والكثير فى مختلف دول العالم ولكننا مصرون على صم اذاننا وطمس عقولنا عن كل ما هو صحيح فى مجال الاستثمار.
وحسب ادعاءات البعض بأن آل الشيخ له العديد من الاخطاء والتجاوزات فى عمله فى مصر فأن هذا الأمر مردود عليه بان هناك قوانين تحكم كل شىء فى مصر لانها دولة مؤسسات وهناك حساب دقيق لاى تجاوز، وليس الحل أن نوجه السباب لاى شخص اذا انسحب من الاستثمار فى أى نادى حتى لو كان النادى الاهلى وانصاره .
يجب أن نعترف جميعا اننا فشلنا فى كل مجالات الاستثمار وابرزها الاستثمار السياحى الذى تراجع بقوة ما بعد احداث يناير 2011 والاستثمارات الصناعية التى تراجعت بقوة وكل انواع الاستثمار التى تراجعت باستثناء الاستثمارات العقارية التى تنتعش من حين لاخر.
واذا اردنا أن نكون منصفين فى مجال الاستثمار العقارى فاننا يجب أن نذكر ما تم من سحب اراضى شركات أجنبية كبرى أدى إلى زعزعة الثقة فى هذا المجال الحيوى الهام وإن عملت شركات المقاولات المصرية فى انشاء العديد من المشروعات فى المدن الجديدة ، وانصافا ايضا يجب ان نشير إلى تحرك القوات المسلحة فى مجالات الطرق والكبارى والمشروعات السكنية التى قامت بتشييدها وعملت معها المئات من شركات المقاولات المصرية سواء فى الظاهر أو من الباطن .
المحصلة النهائية التى يجب أن نكون فيها صرحاء مع انفسنا اننا فشلنا فى إدراة ملف الاستثمار بصورة كبيرة ، وفشلنا فى إدارة ملف الاعلام بصورة أكبر ، وفى إدارة الملف الرياضى حققنا ذات الفشل ومن قبلهم بالطبع ملف السياحة الذى ندفعه إلى قمة الفشل والخسارة … تلك الملفات وفشلنا فيها تؤكد اننا امامنا الكثير والكثير من العمل لتحقيق معجزة النهضة الإقتصادية .
يا سادة إذا اردنا تحقيق نهضة إقتصادية حقيقية وتقدم فى المجتمع يجب أن نواجه انفسنا بالخطايا التى نقوم بها والتى تدفع لهروب المستثمرين أو امتناعهم عن الإستثمار فى مصر وعدم قدرتنا على التقدم فى الملفات المختلفة التى تحقق التقدم الإقتصادى المنشود والتى كان يعتمد عليها حتى نهاية العام 2010 .
اننا فى مفترق الطرق لتحقيق النمو الإقتصادى المنشود ونمتلك الإمكانيات والقدرات التى تساعدنا على تحقيق هذا النمو إذا اردنا وأول خطوة فى هذا السبيل علاج مشكلاتنا وعدم الإعتماد كليا على القوات المسلحة فى حل كل المشكلات حتى فى القطاعات الاقتصادية المختلفة حتى أصبحت المسئوليات الملقاة على عاتقها أثقل مما يجب وباتت متورطة فى كل قطاعات الحياة وحل كل المشكلات بدلا من المسئولين والوزراء، نعم القوات المسلحة هى الحل الأوحد حاليا ولكن لا يجب أن نظل هكذا .
مصر تحتاج إلى كل دعم وكل تحرك من أجل نهضتها ، اعملوا من أجل مصر يرحمكم الله