الحياة الزوجية هي أقوى الروابط الإنسانية بين البشر، والتي تبنى على المودة والرحمة والسكن، وهي مليئة بالمواقف والتفاعلات اليومية التي قد تصيب العلاقة مع مرور الوقت، وفي كثير من الأحيان، ببعض الفتور والملل أثناء الزواج، مما يؤثر في قوة العلاقة بين الزوجين وحالتهما النفسية كما كانت في البداية، بالسياق التالي، التقت “سيدتي” استشاري العلاقات الأسرية علياء محمود، في حديث حول أهم أسباب الفتور العاطفي بين الزوجين.
الفتور يحدث بسبب خلل في بنيان الحياة الزوجية
تقول استشاري العلاقات الأسرية علياء محمود، “عادة ما يحدث الفتور العاطفي بين الزوجين بعد فترة من الزواج طويلة أو قصيرة، نتيجة الاعتياد وتكرار الأحداث اليومية أو عدم التفاهم وتفاوت الطباع، أو قد يحدث بسبب الاستسلام للملل وتوغل الروتين الحياتي، على أن هذه الأمور لو حدثت؛ لا تعني موت الحب والمودة بين الزوجين نهائياً، ولا يعني أن الحياة الزوجية فقدت رونقها وجمالها، فهناك أمل دائماً ما دام الحب والاهتمام والاحترام موجوداً، ويمكن تدارك الخلل الذي أدى لهذه النتيجة، وإعطاء الحياة الزوجية دفقة من المشاعر القوية؛ لإحياء الحب والشغف بها من جديد.
تؤكد علياء أن الفتور العاطفي بين الزوجين عادة ما يحدث شيئاً فشيئاً، فهو يتسرب بهدوء، وإن لم ينتبه الزوجان لهذا الأمر؛ فسوف يتراكم عبر الأيام والسنوات؛ ليُحدث شرخاً وفجوة في العلاقة، ومن ثم قد تكون العواقب سيئة، -كما ذكرنا آنفاً- ولذلك لا بد من الانتباه من البداية بألا نترك الملل أو الفتور يعشش بخيوطه العنكبوتية في جوانب الحياة الزوجية؛ فيقوض أركانها ويهدم جدران العِشرة والألفة بين زوجين ما زال قلباهما ينبضان بالحب والمودة.
أهم أسباب حدوث الفتور العاطفي بين الزوجين:
انعدام لغة الحوار الإيجابي
من الضروري أن تكون هناك لغة للحوار المستمر بين الزوجين، فعدم امتلاك أحدهما -أو كليهما- مهارات الحوار والحديث والاستماع إلى الآخر، وعدم اختيار الأوقات المناسبة للحوار والمناقشة في أي موضوع، وافتقاد الحوار لخصائصه ووسائله الناجحة والإيجابية، ليتحوَّل إلى حوارٍ سلبيّ، كالصوت العالي، والنغمة المستفزة من أحدهما، أو النظرة السلبية والتحديق في الوجه أو لغة الجسد المستفزة؛ بالتأكيد سيُفقد الشريكين امتلاك أفضل الوسائل لحل الخلافات بينهما، وسيؤدي إلى عدم الوصول لنقطة التقاء، ثم إلى الفتور العاطفي بينهما.
كثرة المشاكل الزوجية
تؤثر الخلافات والضغوط اليومية التي يتعرض لها الزوجان في حالتهما النفسية؛ فتجعل الزوجين في حالة سيئة، وتؤدي إلى تفاقم المشاكل الزوجية الموجودة بالفعل، مما يجعل الحياة الزوجية أشبه بساحة للعراك، وبالتالي تنعكس على مزاجهما العام، ويكثر الخصام والقطيعة المستمرة، فتختفي المشاعر والعواطف، وبالتالي يزيد الفتور العاطفي بين الزوجين.
الاستسلام للروتين
بعد فترة من الزواج، وبعد تعوّد كل من الزوجين على بعضهما، قد يحدث الروتين، فتكرار تفاصيل الحياة اليومية يوماً بعد يوم، وبنفس الإيقاع يومياً، يقتل الشعور بالسعادة والحياة، ويصيبها بالملل والرتابة في حياتهما، نتيجة استسلامهما للروتين اليومي، فيحدث فتور في العلاقة العاطفية.
الانتقادات بشكل مستمر
إذا كانت اللغة السائدة هي الانتقاد الجارح والشجار المستمر، بالتأكيد سيؤثر هذا بدوره على الكيان الأسري، وسيسبب الشعور بالضيق والانزعاج، كما أن كثرة العتاب بشكل غير لائق وغير لطيف، وعدم التغاضي عن العيوب والأخطاء والنقد الجارح والدائم، لإثبات وجهة نظر معينة وفرضها على الآخر؛ تُفقد الحياة شكلها الطبيعي واستقرارها.
فقدان الشغف
الشغف هو سر الاستمتاع بكل تفاصيل الحياة، وعند الإصابة بفقدان الشغف؛ تظهر الصعوبة في العثور على الدافع أو الإلهام والاستمتاع بالأمور المحببة له مع شريكه الآخر، والانخراط في متابعة اهتماماتهما معاً، والتي كانت جزءاً لا يتجزأ من شخصيتهما معاً، مما يؤدي إلى تراجع الحالة العاطفية والحسية والاهتمام بين الشريكين.
السلبية وإغفال التجديد
تؤدي الخلافات والضغوط اليومية إلى تفاقم المشاكل الزوجية، لذلك لابد من إحياء شرارة الحب والاستمتاع بعلاقة عاطفية أكثر حيوية؛ بالتجديد في الحياة من خلال فهم احتياجات كل شريك للآخر، والاستماع إليه بعناية، وإعادة اكتشاف الهوايات المشتركة بينهما وتفعيلها، وتحقيق الأهداف المشتركة والتخطيط للمستقبل؛ من أجل تجديد روتين الحياة المشتركة.
الضغوط المادية
الانخراط في الضغوط اليومية، خاصة الأمور المادية، يجعل الحياة الزوجية أشبه بجسد بلا روح، فأحياناً تتهم الزوجة زوجها بالبخل وقلة إنفاقه على الأسرة، وأحياناً يتهم الزوج زوجته بالتبذير وعدم القدرة على إدارة شؤون البيت، فيكتفي الطرفان بالشكوى والإحساس بثقل مسؤولية الزواج على عاتقهما؛ فتكثر الخلافات، وتؤثر الالتزامات المادية بالسلب على حياة الزوجين.
الخرس الزوجي
وهو يكون بالعزلة وانعدام التفاعل العاطفي بين الزوجين، وتفضيل كل طرف الجلوس بمنأى عن الطرف الآخر، وينشغل كل طرف عن الآخر أثناء وجودهما في أي وقت معاً، بدلاً من حديثهما مع بعضهما البعض، وهو مؤشر على فتور العلاقة العاطفية وجمودها.
عدم وجود الاحترام
ينبغي أن يكون الاحترام المتبادل بين الزوجين مكوّناً أساسياً من مكونات الزواج، فالزوجان طرفان متكاملان، ولا يصح أن يعامل أي طرف منهما الآخر بتعالٍ أو بتكبر أو احتقار وازدراء أو باللوم المستمر والسعي للتقليل من شأن الآخر، مهما كانت الفوارق بينهما؛ لأن التقليل من احترام الآخر يحطم العلاقة ويهدمها.
غياب المشاعر
قد تنتاب الشريكين حالةٌ من غياب المشاعر والعواطف، فيتعايش الزوجان في منزل واحد وتحت سقف واحد؛ لكنهما غريبان عن بعضهما، فعدم الشعور بالحب المتبادل بين الزوجين؛ يجعل العلاقة بينهما مجرد مساكنة بلا روح ولا حياة ولا دفء فيها، لذلك تؤدي إلى الفتور.