بلطجة وخمر وحشيش وبنات ليل.. “القدوة الغائبة” في “الأغاني الخائبة”
افتتاحية بروباجندا
لا يمكن لأي شخص إدراك حجم ما وصلت إليه حالة الفن من ملهاة وكارثية إلا بعد مشاهدة كليب “رايحين نسهر” لنجم الشباك الأول في مصر “عبده موتة” الذي صدق نفسه أنه “نمبر وان” ، إلى جانب متابعة حجم الدخول على أغنية “بنت الجيران” للمغني الشعبي “حسن شاكوش” والذي يزيد كل ساعة بمعدل 1000 مشاهدة لدرجة أنه أصبح ثاني أعلى زيارات عالمياً على موقع يوتيوب.
وفي واقع الحال فإن ما شهدته الأيام الأخيرة من جدل خطير حول شخصية الممثل محمد رمضان والمغني حسن شاكوش، كنموذج للممثلين والمغنيين الشبان، تدعو إلى ضرورة التفكر فيما يمثلانه من ظاهرة تؤثر بصورة أو بأخرى على عقول وسلوكيات الأجيال الحالية والقادمة.
ولعل منبع تفجير بطل القضية الأولى وهو الممثل محمد رمضان كانت هذه المرة من خلال أزمته مع الطيار أشرف أبو اليسر، اذي تعرض لعقوبة الإيقاف عن العمل وسحب رخصة قيادته الجوية مدى الحياة ومنعه من الالتحاق بأي مؤسسة طيران في العالم، على خلفية الخطأ المهني الذي ارتكبه هو شخصياً عندما سمح لـ “رمضان” بالدخول إلى قمرة القيادة والسماح له بالتحكم في الطائرة المدنية التي كانت تقل مئات الركاب من باب الدعاية والتذكار.
وغني عن التعريف ما استتبع هذه الأزمة من خراب بيت الطيار وحرمانه من جميع مستحقاته على اعتبار أنه عرض حياة الأشخاص للخطر الداهم، وكانت اللطمة الأخرى كما رواها “أبو اليسر” أن الممثل تخلى عنه تماماً ولم يقدم له أي تعويض أو دعم عما لحق به من ضياع مستقبل بسببه.
فما كان من محمد رمضان إلا الخروج على جماهير مواقع التواصل الاجتماعي ساخراً مستهزءاً من ضحيته على النحو الذي شهدناه وهو يردد ” على كده لو الدكتور صورني وأنا في أوضة العمليات هيتوقف عن العمل وأنا أدي له 9.5 ملايين جنيه (في إشارة إلى المستحقات التي حرم منها الطيار الضحية بسبب خطأه) مما استفز مشاعر ملايين المتابعين بصورة كبيرة.
بعدها مباشرة انطلقت حملة طافت جميع مواقع التواصل الاجتماعي وكان لها صدى كبير تحت اسم “قاطعوا محمد رمضان” في دعوة صريحة لمقاطعة الأعمال الفنية التي يقدمها رمضان والتي في مجملها إما أنها تشجع على البلطجة أو تعاطي المخدرات أو مصاحبة بنات الليل.
أما بطل القضية الثانية المغني حسن شاكوش فكان حديث الصباح والمساء طوال الأيام الماضية نظراً للاكتساح الكبير الذي حققته أغنيته “بنت الجيران” رغم احتوائها على كلمات خادشة للحياء العام وتحض على تعاطي الخمر والحشيش، ورغم هذا تفاعلت معها قطاعات جماهيرية كبيرة في مصر والعالم حتى أن مذيعي الفضائيات خرجوا عن وقارهم وتيادلوا وصلات الرقص الشعبي على وقع كلماتها وأنغامها.
وبعد تدخل الفنان المخضرم هاني شاكر، بصفته نقيب المهن الموسيقية، تعهد “شاكوش” بحذف الكلمات المسيئة من أغنيته، إلا أنها أذيعت بدون حذف أمام 80 ألف من جماهير ستاد القاهرة وملايين المشاهدين في المنازل خلال احتفال “الفلانتين” مما أثار استياءً كبيراً لدى من يهمهم الحفاظ على الذوق العام وحماية النشء من تسويق مثل هذه القيم الهدامة.
وبين “عبده موتة” و”شاكوش” يبقى السؤال الحائر: ما هي القيمة التي يضيفها هذا أو ذاك لبناء منظومة قيم اجتماعية ونفسية وسلوكية للمجتمع، خصوصاً ونحن في مسيرة البناء والتنمية الشاملة والمستدامة، وهل الأفضل لنا أن نربي أبنائنا على أن يكونوا مثل “موتة” و”شاكوش” أو يكونوا أشخاص أسوياء مثل الفرعون المصري محمد صلاح نجم كرة القدم الذي انطلق نحو العالمية بموهبته الرياضية الفذة وخلقه القويم الذي أبهر العالم كما أدهشهم برياضته فكان خير سفير لبلاده أمام العالم وليستحق عن جدارة أن يكون قدوة حسنة.
كلمة أخيرة
مصرنا الغالية تستحق أن نحشد من أجلها جميع القيم البناءة وأن نبعد عنها كل معاول الهدم