بعد روبوتات الطيارين والمذيعين والمهندسين.. الصحفي هيقشر بطاطس

افتتاحية بروباجندا
بعد إنتشار الروبوتات التي يشهدها العالم الآن باختراع انسان آلي يقوم بعمل قائد الطائرة والطبيب الجراح وقارئ النشرة الآلي وخادم المنزل ومهندسي المصانع بل ومقاتلي الحروب.. ليحتلوا محل الإنسان العادي المخلوق من لحم ودم ويخفضوا حجم العمالة المطلوبة إلى أقل من العشر، ما يعني تسريح مئات الملايين من البشر حول العالم وتحويلهم إلى بطالة حقيقية وليست مقنعة.. يبقى السؤال الخطير الذي يطرح نفسه: يا ترى الدنيا هتكون إزاي لما يخترعوا لنا الصحفي الآلي؟.
رغم أن الموضوع يبدو للوهلة الأولى على أنه ترفيهي وكوميدي وخيالي.. إلا أن الواقع العملي يفرض علينا الاستعداد للإجابة على هذا التساؤل الجوهري.. ما مصير مهنة الإعلام وخصوصاً الصحافة إذا ما استيقظنا ذات يوم على واقع مفاده اختراع صحفي إليكتروني، وهنا علينا بالتأكيد التفرقة بين المواقع الإليكترونية والصحفي الإليكتروني، فبعد ظهور المؤشرات الأولى لابتكار إنسان آلي قادر على تأليف الروايات وكتابة السيناريو والحوار بل وترشيح الممثلين.. فكل المؤشرات تؤكد أننا بتنا على مقربة من الوصول إلى مرحلة “الروبوت الصحفي“.
وفي واقع الحال وعلى محمل الجد فإنه على جميع العاملين بالحقل الإعلامي إعداد العدة لتطوير آدائهم لمواجهة مثل هذا التحدي لنقدم للقراء البديل المقنع بمميزات الإنسان الصحفي عن الروبوت، وهذه بالمناسبة ليست مهمة سهلة بل في غاية الصعوبة خصوصاً إذا ما وضعنا في حسباتنا المزايا الرهيبة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي القادر بلا شك على إنتاج هذا النموذج ولعل في مقدمتها توفير الأموال الطائلة التي يستلزمها الحقل الإعلامي وطاعة الأوامر دون مجادلة أو طلب مرتبات أعلى.
إن دور الإعلام والصحافة في التأثير في الجماهير، ليس موضع تشكيك، إلا أن درجة التأثير ترتبط ارتباطاً كبيراً بالفروق الأساسية بين البشر، وإطاراتهم المرجعية، واهتماماتهم التي تحدد درجة تقبلهم لما يقرأون ويسمعون ويشاهدون.. فهناك من يرى أن “الناس زهقت سياسة”.. فهل نواجه ذلك بتقديم جرعة ترفيهية مثلاً.. وإذا أخذنا مثالاً حديثاً لحالة التفوق والانتشاء التي أوجدها نجم كرة القدم “محمد صلاح” في نفس كل مصري لدرجة أن اي حرف يكتب عنه يتلقفه القراء بلهفة وشغف.. فهل في هذه الحالة علينا بالالتجاء إلى الصحافة الرياضية مثلاً.
كلمة أخيرة
اننا بتنا كمنتمين لبلاط صاحبة الجلالة وكإعلاميين في أمس الحاجة لوقفة حاسمة مع الذات يتم خلالها تقييم ما قد سبق وما سيأتي.. وإن لم نفعلها ونمسك بذمام تطوير أنفسنا أولاً وأدائنا ثانياً فإننا على الأرجح سنكون مضطرين “لتقشير البطاطس في المنزل” وما أقساها من مهمة على أي صحفي حقيقي يؤمن برسالته وأن له قيمة حتى لو كان وزن هذه “البطاطس” ذهباً.