بشرة خير.. مؤسسات مالية دولية تشيد بالاقتصاد المصري وتتوقع مزيداً من النمو

تحقيق ـ عادل محمد
أشادت مؤسسات مالية دولية بالإصلاحات الاقتصادية التي انتهجتها مصر خلال السنوات الخمسة الماضية والتي هدفت في الأساس إلى التخلص من جميع العقبات والقيود التي تحول دون تعافي الاقتصاد المصري وتلك التي تلتهم ثمار أي خطة تنمية.
ومنذ ساعات أصدرت وكالة ” فيتش سوليوشنز” للتصنيفات الائتمانية العالمية تقريراً مالياً أشارت خلاله إلى تراجع العجز المالي في مصر من 9.4% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2017 – 2018 مشيرة إلى أنه بناء على هذه النتيجة فإنه من المتوقع تراجع هذا العجز إلى 7.8٪% في 2018 – 2019، وإلى 6.4% من الناتج المحلي الإجمالي في 2019 – 2020.
وتوقعت الوكالة أيضاً أن تؤدي الإصلاحات الضريبية ونمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي القوي إلى زيادة الإيرادات الضريبية، مؤكدة أن العجز المالي سيستمر في الانكماش خلال السنوات المقبلة، مستفيدًا من النمو الاقتصادي القوي والإصلاحات المالية وزيادة الإيرادات.
ولفتت في تقريرها المالي إلى أن مصر نفذت إصلاحات مالية كبيرة في السنوات الأخيرة، أدت إلى تحقيق فائض أولي بنسبة 0.2% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2017 – 2018 (من يوليو 2017 إلى يونيو 2018)، وهي المرة الأولى التي يسجل فيها الاقتصاد المصري فائضًا أوليًا منذ العام المالي 2003 – 2004 .
وتوقعت الوكالة أن يرتفع الفائض الأولي إلى 2.1% في العام المالي 2018 – 2019، وأن يصل إلى 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2019 – 2020، لافتة إلى زيادة الإيرادات الحكومية بدعم من قطاع الغاز بما يتماشى مع ارتفاع الإنتاج، ومتوقعة أن يرتفع إنتاج الغاز بنسبة 20% في 2019 و5.6% في 2020.
كما توقع التقرير، انخفاض الدين العام الإجمالي من 89.4% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2017 – 2018، إلى 84.3% في 2018 – 2019، على أن يصل إلى 78.6% في العام المالي 2019 – 2020، مدعومًا من استمرار تعزيز الصلابة المالية والنمو الاقتصادي القوي .. وأوضحت ” فيتش” أن إجراءات إعادة هيكلة منظومة دعم الطاقة، من شأنها احتواء زيادة النفقات.
البنك الدولي : اقتصاد مصر اجتاز تحديات صعبة
على صعيد متصل أشاد تقرير البنك الدولي ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، وقدرته على مواجهة التحديات في المرحلة السابقة، مثل أزمات الأسواق الناشئة وارتفاع أسعار الأصول، بالإضافة للحرب التجارية القائمة بين الولايات المتحدة والصين”.
وأوضح التقرير أن كثيرًا من المؤثرات السلبية على الاقتصاديات العالمية بشكل عام أثرت على الكثير من الدول النامية بشكل مزعج، إلا أن الاقتصاد المصري استطاع اجتياز هذه المرحلة بنجاح واستقرار .
حيث أبرز التقرير قدرة مصر على التركيز وتنويع مصادر الموارد التي وفرتها بالفعل من خفض الدعم على الطاقة واستطاعتها ضخ هذه الأموال في الاستثمار في رأس المال البشري، وتوفير دعم أكثر للصحة والتعليم والخدمات العامة وما إلى ذلك، موضحًا أن التقرير تناول بعض الرؤى للبنك الدولي وضرورة اهتمام الحكومة المصرية بمزيد من الشفافية في المشتريات الحكومية وتحسين كفاءة إدارة الشركات العامة المملوكة للدولة في هذه المرحلة والاهتمام باللوجيستيات والنقل بشكل عام ودعم القطاع الخاص للاستثمار في مشروعات طويلة الأجل، بحيث لا تكون المشروعات هامشية أو تحقق ربح سريع أو استثمار غير مباشر في أوراق مالية وهو بشكل عام يوضح نقاط قوة وما يمكن التركيز عليه من الحكومة المصرية.
ووفق توقعات البنك الدولي، فإنه من المنتظر أن يصل معدل النمو الاقتصادي المصري إلى 6% العام المقبل، لافتًا إلى أن نتائج برنامج متعدد السنوات للبنك الدولي لتمويل سياسات التنمية جعلت الإصلاحات في قطاع الطاقة إمدادات الكهرباء لمنشآت الأعمال والناس أكثر انتظامًا، وساعدت على اجتذاب ما يربو على 15 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ما أدى إلى توفير الموارد المالية في الموازنة العامة وزيادة المخصصات الموجهة للاستثمار في برامج شبكات الأمان الاجتماعي بأربعة أضعاف.
وقال تقرير البنك الدولي: ساعدت قوانين جديدة للتراخيص الصناعية والاستثمار في إيجاد بيئة مواتية للاستثمارات الخاصة، وخلقت زخما يهدف المشروع الجديد إلى المحافظة عليه وتوسيع نطاقه، كما أن إعادة هيكلة الدعم، عزز من ثقة المؤسسات الدولية في قدرة الاقتصاد على النمو.. وأضاف أن الاصلاحات الهيكلية في منظومة الضرائب والاتجاه نحو تطبيق الفاتورة الالكترونية سيعزز من زيادة الإيرادات العامة للبلاد، فضلا عن ضم قطاع عريض من الاقتصاد غير الرسمي إلى المنظومة الاقتصادية الرسمية، الأمر الذى يعزز من زيادة الايرادات، ويخفف العبء عن الموازنة العامة للدولة في مواجهة المصروفات، وبالتالي تراجع نسبة عجز الموازنة.
وكان البنك الدولي أعلن عن برنامج تمويل جديد بقيمة مليار دولار لدعم الجيل الثاني من برنامج الإصلاح في مصر يركز على تنمية القطاع الخاص وفي الوقت ذاته تحقيق نمو يعود بالنفع على كافة فئات المجتمع، ويهدف البرنامج الجديد إلى تعزيز منشآت الأعمال الصغيرة لخلق وظائف في البلاد، وتحسين قدرات أجهزة الحكم المحلي على تقديم الخدمات للمواطنين وتوجيه التنمية المحلية.
وقالت سامية مصدق القائمة بأعمال المدير الإقليمي لمصر واليمن وجيبوتي في البنك الدولي: سجل عام معدل نمو اقتصادي 4.2% في عام 2017 وارتفع إلى 5.3% في 2018، وأجرت مصر إصلاحات اقتصادية غير مسبوقة في السنوات الأربع الماضية، والأولوية الآن لخلق الوظائف لجميع المصريين خلال هذه المرحلة التالية والحاسمة لبرنامج الإصلاح، وتتألف محفظة استثمارات البنك الدولي في مصر حاليًا من 16 مشروعًا تبلغ جملة ارتباطات إقراضها 6.69 مليار دولار.
في هذه الأثناء توقع الدكتور محمود محيى الدين، النائب الأول لرئيس البنك الدولي، ارتفاع معدلات النمو في مصر خلال العام المقبل ، وقال “محيى الدين”، خلال حواره عبر فضائية “العربية” ، ليلة أمس الأربعاء ، أن معدلات النمو في عام 2019 ستكون أفضل من العام الجاري، موضحا أن التغير في أسعار النفط سوف تنعكس بشكل كبير على معدلات النمو في مصر وكذلك الأمر فإنه تحسن إيجابي في ميزان المدفوعات والموازنة العامة.
الاتحاد الأوروبي : مصر على الطريق الصحيح
كما أشاد تقرير الشراكة بين الاتحاد الأوروبي، ومصر للفترة من يونيو 2017 إلى مايو 2018 ، بتعافي الاقتصاد المصري، حيث سلط التقرير الضوء على التطورات الرئيسية في التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي مع التركيز بشكل خاص على تحقيق الأهداف المحددة في إطار أولويات الشراكة 2017-2020، والتي تم اعتمادها خلال مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر في يوليو 2017، ويغطى تقرير المفوضية الأوروبية عن الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر في الفترة من يونيو 2017 إلى مايو 2018 ويقيم التطورات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في مصر، مع التركيز على المجالات ذات الأولوية.
وفيما يتعلق بالاقتصاد، جاء في التقرير المكون من 16 صفحة، أن مصر تنفذ خطة إصلاح اقتصادية طموحة، منذ منتصف عام 2016 مدعومة من قبل صندوق النقد الدولي من خلال قرض يبلغ 12 مليار دولار أمريكي، بهدف استعادة استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز النمو ، وكلاهما تضررا بشدة بعد أحداث عام 2011.
وأشاد التقرير بالتدابير الرئيسية التي اتخذتها مصر لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي، واستعادة القدرة التنافسية مثل تعويم العملة في نوفمبر عام 2016 ورفع معدلات الفائدة لاحتواء التضخم، وإصلاح برنامج الدعم وإدخال ضريبة القيمة المضافة بنسبة 14 ٪ فضلا عن عدد من الإصلاحات الهيكلية في بيئة تمكين الأعمال.
وأوضح التقرير، أن تعويم الجنيه المصري أدى إلى انخفاض قيمته بأكثر من 50% مما رفع تكلفة الواردات غير المدعومة ، بشكل كبير ليسفر ذلك بدوره عن ارتفاع مستويات التضخم، ومن ثم زيادة تكاليف المعيشة، ولكن صاحب ذلك تعزيز تدابير الحماية الاجتماعية، و زيادة الدعم الغذائي لتخفيف الضغوط الناجمة عن ارتفاع تكاليف المعيشة لاسيما على الشرائح الضعيفة من السكان.
وتعد هذه التقارير وغيرها بمثابة شهادة ثقة جديدة للاقتصاد المصري ما يؤكد سلامة البوصلة الاقتصادية التي انتهجتها مصر عبر القرارات الجريئة التي اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسي والتي بدأت بتحرير سعر صرف الجنيه جزئياً أمام باقي العملات مما ساهم في تداوله بالسعر الحقيقي لقيمته المالية ، إضافة إلى قرارات تحريك أسعار المحروقات بمعدلات تدريجية لتتماشى نسبياً مع تكلفة الانتاج وسعر البيع للمستهلك.
ويعكس إصرار القيادة السياسية التي يمثلها الرئيس عبد الفتاح السيسي على تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي إيماناً غير محدود بضرورة اتخاذ كل ما يلزم لتصيح أخطاء طالما تقاعست القيادات السابقة عن اتخاذها خوفاً من تراجع شعبيتها بين المصريين بالإضافة إلى ثقة لا تنتهي من الرئيس في وعي ووطنية أبناء مصر المخلصين الذين احتملوا تبعات هذه الإصلاحات بتفهم كامل وتغليب لمصلحة الوطن على أي حسابات أو مصالح شخصية أخرى، ومما يكشف حجم الإنجازات التي تحققت طوال السنوات الخمسة الماضية أن الرئيس عبد الفتاح السيسي خاض معركتين في وقت واحد : الأولى ضد الإرهاب والثانية الاصلاح الاقتصادي، ونجح في تحقيق نتائج مبهرة في المعركتين، كل هذا بفضل الانطلاق من ثوابت وطنية لا تقبل المزايدة في مقدمتها وضع صالح وأمن الوطن والمواطنين فوق أي اعتبار آخر.