تحقيقات و تقاريرعاجل

بالصور | تفاصيل اليوم الأول من مؤتمر القاهرة للإعلام

بحضور عدد كبير من الصحفيين وخبراء الإعلام من مصر والمنطقة العربية والنرويج، انطلق صباح الثلاثاء مؤتمر القاهرة للإعلام، الذي يناقش التغييرات الحادة التي طرأت على الإعلام والصحافة في العصر الرقمي في محاولة لمواكبة المستجدات وطرح سبل لجذب الجمهور الذي تحول إلى مواقع التواصل الاجتماعي.

ركّزت فعاليات اليوم الأول من المؤتمر الذي ينعقد على مدار يومين بمقر الجامعة الأمريكية بميدان التحرير، بشكل خاص على الدور الذي يمكن أن تلعبه كليات الإعلام في الجامعات، في مستقبل صناعة الإعلام، وشهد المؤتمر نقاشات حول التحديات التي تواجه وسائل الإعلام التقليدية في العصر الرقمي، والطرق التي يمكن للمؤسسات الأكاديمية المساهمة بها في صناعة الأخبار من أجل “سد الفجوة” بين غرف الأخبار وقاعات الدرس.

وألقى الكلمة الرئيسية إيسبن إيجل هانسن، رئيس التحرير والرئيس التنفيذي لجريدة “أفتنبوستن” النرويجية، في القاعة الشرقية بالجامعة الأمريكية في العاشرة صباحًا، حيث أوضح أن الثورة التكنولوجيا تعطي للصحافة والإعلام الكثير من الفرص لكنها تفرض في الوقت ذاته تحديات كبرى، مضيفًا أنه يجب على الصحفيين أن يستخدموا كل السبل والأدوات التي تمكنهم من نشر المعلومات حتى تصل قصصهم إلى القراء.

وأشار “إيسبن” إلى أنه على الصحفيين أن يدركوا أنهم لم يعودوا وحدهم من ينتج القصص والأخبار،  فمع التطور التكنولوجي وزيادة عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي اصبحت  المعلومات غير احتكارية ومقصورة على فئة معينة كما كانت من قبل، مشددًا على أن “فيسبوك أثّر كثيرًا على الصحافة، فهو ليس منصة لعرض المحتوى فقط، وإنما يقوم بتحرير المحتوى وتحديد مسار المعلومات وإلى أين تذهب”.

في نفس السياق، لفت “إيسبن” إلى النجم المصري محمد صلاح، المحترف في صفوف نادي ليفربول الإنجليزي، وقال: “إن محمد صلاح جعل مصر قريبة من دول كثيرة، وجعلني مهتمًا أكثر بمصر، وهذا الرجل مهم وعكس التقارب بين الدول عن طريق كرة القدم، أنا أشجع ليفربول منذ السبعينات، ومنذ انضمام صلاح للفريق أتابع أخباره منذ اليوم الأول”.

من جهتها، قالت الإعلامية اللبنانية الشهيرة جيزيل خوري، مقدمة برنامج “المشهد” على شاشة BBC  عربي، خلال ندوة “التفكير الرقمي”، إن لفظ محرر صحفي يأتي من الحرية، وهذا هو المبدأ لأي عمل صحفي، متسائلة: “أين نحن من ذلك الآن؟”، مشيرةً إلى أن هناك تحديات كبيرة تواجه وسائل الاعلام في مقدمتها الاقتصاد، قالت: “يجب أن يكون هناك قانون لتمويل الوسائل الإعلامية، بحيث نضمن استقلالية هذه الوسائل عن الحكومات أو أي جهة، وهناك نماذج كثيرة في الغرب يمكن أن نحتذي بها”.

أضافت “خوري” أن الواقع العربي اليوم لا يسمح للصحفيين بممارسة مهنتهم، وحرية التعبير تواجه أزمة كبيرة، مؤكدةً أن الإعلام يدفع ثمن الخلافات السياسية، وهو الخاسر الأكبر في تلك الخلافات، مضيفة: “في لبنان أيضا يوجد محاكمة الصحفيين، وهذا أمر مرفوض وظاهرة خطيرة جدًا”.

كما ذكرت أن مواقع التواصل الاجتماعي سدّت فراغًا موجودًا في المعلومات، وللأسف حتى الآن ليس هناك قانون يخص مواقع التواصل الاجتماعي، مختتمةً حديثها بالقول: “علينا كصحفيين أن نطرح أسئلة في مجتمعاتنا العربية التي اعتادت أن تجاوب فقط، ولبنان إحدى الدول الرائدة في الصحافة الاستقصائية، لكن لا أحد ينافس الصحفي المصري في ذلك المجال”.

وتحدث أرني جنسن، أمين عام رابطة المحررين النرويجيين، وقال إن كرة القدم باتت تشغل مساحة أكبر من الرأي العام في التليفزيون، مضيفًا أن الصحافة المطبوعة والتليفزيون والراديو لا يزالون يتمتعون بشعبية ويحافظون على نسبة مشاهدة ومتابعة رغم التطور التكنولوجي الهائل.

تابع: “الصحافة التقليدية والمطبوعة لاتزال مؤثرة، وإنْ فقدت جزءًا من شعبيتها، ومنذ 10 سنوات قلنا إنه لن يكون هناك صحافة مطبوعة لكن ثبت خطأنا”، مضيفًا: “الصحافة المطبوعة ستتحول لرقمية، ستستمر لكن ستكون شيئا مختلفًا عن ما هو الآن، ولكن علينا أن نطور نماذج احتياجات المستخدمين الجدد، ونستخدم مهاراتنا الصحفية كي نجعل المحتوى الصحفي مثيرًا وجاذب للجمهور على الوسائط المختلفة، ولا شك أن التكنولوجيا الحديثة منحتنا فرصًا لم تكن موجودة في الماضي”.

من جانبها، قالت الدكتورة نائلة حمدي، مدير الدراسات العليا بقسم الصحافة والإعلام بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إنه يجب تقليل الفجوة بين الكليات الإعلامية وغرف الأخبار، بحيث نجمع بين الجانبين النظري والعملي، ويجب علينا أن نستثمر في مجال البحث في الدراسات الإعلامية، مضيفةً: “يجب علينا أن نتعاون في ترسيخ مبدأ الأبحاث ودراسة المشكلات التي تواجه المؤسسات الصحفية بطريقة علمية”.

واختممت الندوة التي أدارها طارق سعيد، منسق منتدى المحررين المصريين، الإعلامية ميراي إبراهيم، مذيعة ومراسلة بتليفزيون لبنان، حيث ذكرت أنه بعد ثورات الربيع العربي سطع نجم الإعلام الرقمي ووجدت الصحافة التليفزيونية نفسها أمام تحديات كبيرة من أجل ملاحقة التطورات وسرعة نقلها للمشاهد، مؤكدةً: “يجب علينا أن نستفيد من محتوى مواقع التواصل الاجتماعي في عملنا الصحفي ولكن بشرط التدقيق والتحقق من المعلومات المتداولة”.

وشهدت قاعة هيل في الساعة الثانية ظهرًا، فعاليات ندوة “هل يمكن للمؤسسات الأكاديمية المساعدة؟”، التي أدارتها فاطمة فرج، عضو مجلس إدارة المنتدى الدولي للمحررين، وتحدثت فيها سميرة إبراهيم بن رجب، وزيرة الإعلام البحرينية السابقة، وقالت إنه لا توجد صناعة كبيرة في الإعلام العربي ذات تأثير في أوساط الرأي العام، مضيفةً: “صناعة الإعلام في العالم العربي تمر بأزمة شديدة فالبرامج الحوارية العربية جميعها متواضعة وذات طابع محلي ولا تستطيع مخاطية الخارج، وليس لدينا وكالة أنباء عربية ذات تأثير عالمي”.

وأكدت على أن التقارب بين الجامعات والمؤسسات الصحفية أمر هام جدًا لكنه ليس المفتاح الوحيد لنهضة صناعة الإعلام، موضحة أن كليات الإعلام العربية ترتيبها في ذيل الكليات على مستوى العالم، وذكرت أنه يجب أن تكون هناك بحوث عربية منشورة تتعلق بالدراسات الصحفية، مختتمةً حديثها بالقول: “الإعلانات كل أفكارها قديمة وتقليدية وكذلك هناك غزو للأفلام الأجنبية، ولا توجد خبرة فيمن يقودون الإعلام العربي”.

من جهته، تحدث إيهاب الزلاقي، رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة “المصري اليوم”، وقال إن هناك مشاكل كثيرة تواجه صناعة الصحافة، منها ما يتعلق بالجانب الاقتصادي فضلًا عن إمكانية تقديم محتوى تنافسي على المستوى الإقليمي، مضيفًا أن المشهد الإعلامي داخل صالات التحرير وغرف الأخبار لا علاقة له بالمشهد الإعلامي داخل قاعات الدرس في الجامعات.

تابع “الزلاقي”: “جزء من المشكلة التي تعاني منها الميديا والصحافة أن كل شخص لديه حساب على فيسبوك أصبح وسيلة إعلام بمفرده، وهذا ساهم في التقليل من دور وسائل الإعلام لدى الجمهور”، لافتًا إلى أن التطور التكنولوجي وثورة الإنترنت أثر كثيرًا على الصحافة والإعلام، وعلى الصحفيين ان يواكبوا هذا التطور السريع، ويقدموا للجمهور محتوى مختلفًا غير ما اعتاد عليه.

في سياق متصل، أكد فراس أطرقجي، رئيس قسم الصحافة والإعلام بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، على أهمية أن يهتم الصحفيون بتنمية مهاراتهم، فـ”المسألة ليست أن تكتب قصة صحفية وحسب، لكن هناك كثير من الأدوات الأخرى والعلوم التي تحتاجها من أجل تنفيذ قصتك”، مضيفًا: “علينا أن ندفع المجتمع إلى مزيد من المعرفة، ونحتاج إلى ابتكار أدوات وأشكال جديدة لمحو الأمية الإعلامية”.

وقالت إليزابيث أيدي، أستاذ صحافة ومدير المركز الصحفي والإعلامي الدولي قسم الصحافة والإعلام بجامعة أوسلو متروبوليتان، إنه يجب على الصحفي أن يكون متعدد المواهب وتتحول “رؤوس وعقول الصحفيين إلى رؤوس وعقول رقمية”، مشددةً على أهمية التمتع بالعقل النقدي، فـ”على الصحفي أن ينظر إلى مصدر المعلومات نظرة نقدية ويطرح أسئلته”.

واختتمت فعاليات اليوم الأول بندوة تحت عنوان “مكافحة الأخبار المزيفة وخطاب الكراهية”، تحدثت فيها تارا القاضي، أستاذ مساعد بقسم الصحافة والإعلام بالجامعة الأمريكية، وأكدت أنه علينا أن نتحقق من الأخبار التي ترد الينا والتأكد من مصدرها ومن مدي صحته قبل ان نقوم بإعادة نشرها ونكون ترس في ماكينة نشر الأخبار المزيفة.

من جهته، شدد أحمد عصمت، مؤسس والرئيس التنفيذي لمنتدى الإسكندرية للإعلام على أهمية مكافحة الأخبار المزيفة، وقال إن ضرر وتأثير الأخبار المفبركة لا يقتصر على صناعة الإعلام وحدها، وإنما هي ضرر على الوعي الجمعي للأفراد، مضيفًا: “الفبركة أو الخلل المعلوماتي ليس جديدًا وإنما استخدم في الماضي في الحروب والغزوات من خلال نشر الشائعات. ومواجهتها تكون بالتربية الإعلامية وبناء وعي جمعي”.

اختتم عصمت حديثه قائلًا: “لا يجب أن نحمّل السوشيال ميديا أكثر مما تحتمل، فنحن من ساهم في صناعة سطوتها، وعلينا أن نستخدمها في جوانب إيجابية”.

يشار إلى أنه يشارك في تنظيم المؤتمر الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وجامعة أوسلو ميتروبوليتان بالنرويج، والبرنامج المصري لتطوير الإعلام، ومنتدى المحررين المصريين، ورابطة المحررين النرويجيين. وتستمر فعالياته حتى اليوم الأربعاء .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى