افتتاحية بروباجنداتحقيقات و تقاريرتقاريرعاجل

انجازات تشبه المعجزات.. العملية الشاملة سيناء 2018

تقرير ـ عادل محمد

 

(مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) .. تعتبر هذه الآية الكريمة وبحق ميثاق الشرف الذي يضعه كل جندي يحمل روحه على كفه ويهب حياته فداءً لوطنه الغالي مصر .

وانطلاقاً من هذه العقيدة الراسخة، فقد جاء قرار الحرب المقدسة الذي اتخذه الرئيس القائد عبد الفتاح السيسي وكلف به أبطال القوات المسلحة الباسلة والشرطة المدنية لتطهير كل شبر في مصر من جميع العناصر الإرهابية والإجرامية، منتصف شهر فبراير 2018 ، بمثابة النصر المبين .. حيث تحققت على الأرض انجازات لم يكن لها أن تتحقق في سنوات عديدة بفضل وطنية جنودنا البواسل وإيمانهم بروعة وعظمة الواجب المنوط بهم .

وكما عود الرئيس السيسي أبناء شعبه فإنه كلما وعد أوفى .. فقد عاهد الرئيس شعبه بأن يواجه رجال الجيش والشرطة رصاص ومتفجرات الإرهابيين .. وهو ماحدث بالفعل حيث تصدى هؤلاء الرجال الذين لا يهابون الموت بل يحتضنونه بقلوبهم وصدورهم فداء لكل حبة تراب ولكل مصري .

فبعزيمة لا تلين وتصميم لا يتراجع عن إحراز النصر حققت القوات المشاركة في العملية الشاملة سيناء 2018 نتائج عظيمة في تفكيك بنية التنظيمات الإرهابية والأوكار الإجرامية وقطع خطوط الإمداد والتموين ومحاصرة هذه العناصر التي تتآمر بكل ما أوتيت من إجرام وحقد ضد بلدنا الأمين مصر وذلك ليس في سيناء وحدها بل في جميع المحافظات .

 

 

نتائج مبهرة على أرض المعركة

ومن واقع المعلومات الدقيقة التي تضمنتها البيانات الرسمية التي أعلنها العقيد أركان حرب تامر الرفاعى، المتحدث العسكري للقوات المسلحة، فقد حققت العملية الشاملة نتائج مبهرة على مسرح العمليات، فقد استهدفت تأمين كافة المنافذ الحدودية للدولة، والأهداف الحيوية داخل المحافظات المصرية، بجانب استهداف قيادات التنظيم الإرهابى فى شمال ووسط سيناء، وتدمير كافة البؤر الإرهابية المكتشفة، والقبض على أعداد كبيرة من العناصر الإرهابية والمطلوبة جنائياً بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية للعناصر الإرهابية، واكتشاف وضبط أعداد كبيرة من العربات والدراجات النارية الخاصة بالعناصر الإرهابية وكميات كبيرة من المواد المتفجرة والأسلحة والقنابل والعبوات الناسفة، كما نجحت القوات المشاركة في تأمين الانتخابات الرئاسية بنجاح تام، وكذا تأمين امتحانات الثانوية العامة وامتحانات العام الدراسى لطلبة الجامعات .

وعلى الصعيد الميداني .. فقد شملت العمليات العسكرية كافة الاتجاهات والمحاور المستهدفة وليس فى شبه جزيرة سيناء فقط، ما أسهم خلال الفترة الماضية في تراجع كبير جداً في تنفيذ العمليات الإرهابية ضد الأهداف المدنية بفضل قطع طرق الإمداد المالى أو اللوجيستى للعناصر الإرهابية فى سيناء وغيرها من البؤر المستهدفة، وذلك بسبب نجاح عمليات الرصد الدقيق من أجهزة الاستخبارات وتضييق الخناق عليهم وانتشار القوات فى كافة الأماكن .

وبالاتجاه شرقاً .. فقد نجحت القوات المسلحة في استكمال إقامة المنطقة العازلة على الشريط الحدودى لقطع طرق الإمداد، فضلًا عن اكتشاف وتدمير عدد كبير من الأنفاق بهذه المنطقة للحد من الأضرار التى لحقت بالقوات المسلحة والأمن القومى المصرى بسبب استخدام العناصر الإرهابية للأنفاق على الشريط الحدودى، للانتقال أو تهريب أسلحة وذخائر أو مواد متفجرة أو مخدرة، بالإضافة لفرض حصار كامل على البؤر الإرهابية فى سيناء، مع تشديد الإجراءات الأمنية على المعابر والمعديات فى قناة السويس لمنع انتقال العناصر الإرهابية من أو إلى سيناء .

أما عن العمليات العسكرية بالاتجاه الغربى الجنوبى للبلاد، فقد نجحت قوات حرس الحدود بالتعاون مع القوات الجوية في تكثيف ضرباتها الناجحة لمكافحة التسلل وتهريب الأسلحة والذخائر على الاتجاهين الغربى والجنوبى، مع تمشيط الطرق والمدقات لملاحقة أى عناصر إرهابية أو إجرامية، حيث تم اكتشاف بؤرة إرهابية فى الصحراء الغربية واستطاعت أجهزة الاستخبارات رصدها حيث كانت تسعى لاستهداف إحدى منشآت الدولة الحيوية وتم القضاء على أعداد كبيرة من العناصر التكفيرية والإجرامية بالإضافة لضبط عدد من الأسلحة والذخائر .. كما فرضت القوت البحرية السيطرة التامة على ساحل البحرين الأحمر والمتوسط وكذلك فى مناطق رفح والعريش .

وبتعليمات حاسمة من القيادة السياسية التي يمثلها الرئيس عبد الفتاح السيسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، تستمر مراحل العملية الشاملة حتى يتم القضاء تمامًا على البؤر الإرهابية وتأمين جميع الاتجاهات الاستراتيجية، بالإضافة لإجراءات التنمية والتطوير بالتوازى مع العملية الشاملة، وقطع الطريق على وصول الدعم الخارجى للجماعات الإرهابية سواء بالتمويل المادى أو المعلوماتى أو الأسلحة المتقدمة، وبرز ذلك خلال عمليات الضبط، بالإضافة للمعدات المتقدمة، بالإضافة لبعض الجهات التى تيسر انتقال العناصر الإرهابية للبلاد لزعزعة الاستقرار .

 

الإنسانية في صدارة الاهتمام

وتتجلى روعة هذه الحرب الشاملة على العناصر الإرهابية والإجرامية في أنها التزمت بجميع الضوابط والمعايير المتعلقة بالمدنيين، والحفاظ على الضوابط والقواعد المتعلقة بحقوق الإنسان، وتوفير الحماية الكاملة للمدنيين فى كافة المناطق التى تشهد عمليات أمنية مع الالتزام الدقيق بقواعد الاشتباك المعمول بها دوليا، بجانب التنسيق الكامل مع باقى مؤسسات الدولة لتوفير المواد الغذائية والتموينية والخدمات الصحية والاجتماعية لرفع كفاءة المشاءات الإدارية التى تخدم أهالى سيناء .

حيث تحرص القوات على تحرى أقصى درجات الدقة عن البؤر الإرهابية قبل استهدافها من تواجد مدنين من عدمه، وبعد التأكد من خلوها من المدنيين، يتم مهاجمة البؤر الإرهابية، أما اشتراك القوات الجوية فيستهدف المناطق خارج التجمعات السكانية لعدم الإضرار بأى فرد أو منشأة مدنية، حيث تبذل القوات المسلحة مدعومة بعناصر القوات الخاصة من الشرطة المدنية كل جهودها بغرض إحكام السيطرة الكاملة لعودة الحياة لطبيعتها للمدنيين بسيناء، مع استمرار وزارة الداخلية فى تقديم الخدمات والتيسيرات لأبناء شمال سيناء وتوجيه كافة أوجه الرعاية لهم، ما أسهم في تطهير غالبية المناطق بوسط وشمال سيناء، في ظل تواجد رجال الشرطة المدينة لفرض السيطرة الكاملة وإعادة الحياة لطبيعتها وتخليص المدنيين من شبح الإرهاب ومن شبح استخدامهم كدروع بشرية .

وقد خصصت قيادة العملية الشاملة 12 رقم تيلفونى لتلقى بلاغات المدنيين ضد الإرهابيين ما اسفر عن وجود دعم معنوى هائل من أهالى سيناء منذ بدء العملية الشاملة 2018 ما ساعد على تحصيل كم هائل من المعلومات، وقد تضاعف هذا الدعم مع تطهير المناطق من البؤر الإرهابية حيث قدم أبناء مصر المخلصين دعماً غير محدود للقوات المسلحة من خلال المعلومات الاستراتيجية عن العناصر الإرهابية والإجرامية المستهدفة .

 

يد تبني ويد تحمل السلاح

ومع نجاح العمليات العسكرية في القضاء على البؤر والعناصر الإرهابية والإجرامية فقد بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها لمعظم المناطق والقرى بشمال سيناء، وانتظام الدراسة وإعادة فتح الطريق الساحلى وتحرر السكان من شبح الإرهاب وكل هذا بفضل التخطيط الجيد ودقة معلومات الأجهزة الأمنية والاستخبارات وتعاون أهلى سيناء إضافة إلى ملاحقة البؤر الإرهابية بالدلتا والظهير الصحراوى، مع تعزيز قدرات التأمين الشاملة للحدود الخارجية للدولة ومجابهة أى عمليات تسلل، وتأمين الأهداف الحيوية والإستراتيجية داخل الدولة المصرية، مع تأمين مصادر الثروات بالمياه الإقليمية والاقتصادية المصرية وتقديم الدعم المباشر للقوات، ومنع تسلل أى عناصر إرهابية عبر البحر المتوسط أو الأحمر، وتجهيز احتياطيات للتدخل السريع للتعامل الفورى مع المواقف الطارئة حيث أن القوات المشاركة فى العملية الشاملة عبارة عن عناصر ذات تدريب وتسليح خاص فى مجابهة الإرهاب من الصاعقة والمظلات، بالإضافة لعناصر من الشرطة المدنية .

وبالتزامن مع العمليات العسكرية فقد تم تنفيذ خطة تأهيل نفسى ومعنوى للقوات المشاركة فى العملية الشاملة، ترتكز على عقيدة رجال القوات المسلحة ” إما النصر أو الشهادة فى سبيل أمن واستقرار الوطن”، كما حرصت القيادة على تواجد مخطط شامل للتعامل مع أنفاق الشريط الحدودى، مع رفع جاهزية المنشآت والوحدات الإدارية والخدمية الخاصة بمحافظة شمال سيناء، من مخابز ومستشفيات ومواد تموينية، وتوفير كافة الإمدادات والاحتياجات اليومية.

وفي إطار تنفيذ توجيهات القيادة السياسة بالارتقاء بالأوضاع الاجتماعية لأهالى شمال سيناء، مع إرساء عدد كبير من المشروعات التنموية فى جميع المجالات، حيث تم تكليف الهيئة الهندسية للجيش بتنفيذ 310 مشروعات بتكلفة قدرها 195 مليار جنيه، وتم الانتهاء من تنفيذ 145 مشروعا وجارى تنفيذ 165 مشروعا آخر، أبرزها المزارع السمكية والبحيرة الصناعية والمنطقة الصناعية ببورسعيد، بالإضافة لتنفيذ 9 طرق بإجمالى أطوال 460 كيلو، بالإضافة لـ15 طريقا بإجمالى أطوال 1462 كيلو مترا جارى تنفيذها الآن، ليصل الإجمالى لـ1922 كيلو مترا من الطرق فى شبه جزيرة سيناء.

 

روح معنوية في السماء

ومع كل التقدير لهذه الإنجازات العسكرية التي أعادت الحياة للعديد من المناطق التي طالما تعرض أهلها لنيران الإرهابيين والعناصر الإجرامية، إلا أن الملاحم الإنسانية التي التصقت بهذه العملية الشاملة كانت جديرة هي الأخرى بالإجلال والتقديس .

فخلال إحدى جولاته في مهمة عمل بمعسكر في شمال سيناء دار حوار لا ينسى بين قائد عسكري وأحد الجنود .. حيث سأل القائد المجند عن أحواله وبلدته فعرف أنه من احدى محافظات الوجه البحري وتحديداً الغربية .

فقال القائد للمجند : جاوبني بصراحة تحب تتنقل وترجع تقضي باقي مدة خدمت في محافظتك قرب أهلك وناسك .. وكان الرد البطولي عبارة عن سؤال أيضاً من الجندي وبدون تفكير أو تردد : “يا فندم أرجع لأهلي واسيب الكفار ييجوا ياكلونا هناك .. ولا أكمل رسالتي اللي ربنا أكرمني بيها وأحارب الإرهابيين لحماية أولادي وعيلتي اللي عايشين في بلدنا .. وأرف المقاتل البطل قائلاً : يا قائد انا شوفتهم بعيني ومش هسيب الكتيبة ولا هارجع لأهلي غير لما أطهر وأخلص البلد من الاشكال دي .

ولنا أن نستشعر الحالة المدهشة التي تتجسد في هؤلاء الجنود .. وأي روح فداء تلك التي تجعل أحد المقاتلين يتنازل عن ترك ساحة القتال بكل ما تحمله من خطر على حياته وهو يعلم تماماً أنه لو تمنى على قائده لأوفى بوعده ونقله لمحافظته مسقط رأسه .

فعلى عكس جميع نظريات علم النفس والاجتماع ودوافع السلوك .. يقدم هؤلاء الجنود نموذجاً فريداً من التضحية والإيثار والحرص على الاستشهاد في سبيل الله والدفاع عن كل حبة تراب مصرية .. فهناك على أرض المعركة لا مجال للإحباط الذي تحول بثه جماعات الظلام والتنظيمات الإرهابية .. ومعنويات المقاتلين مرتفعة إلى عنان السماء .

فكلمات المجند على بساطتها وتلقائيتها وخروجها بدون تكلف أنما تحمل طاقة إيجابية غير محدودة .. فهي تبث الأمل وتزرع البطولة وتدحض جميع دعاوى أنصار تصدير البؤس واليأس والطاقة السلبية في نفوس المصريين .. وهي تعطي أروع الدروس للمتخاذلين وهواة دفن الرؤوس في الرمال .. فلعله أجاب بكل حسم على مسألة جدلية مفادها : ما قيمة أن أعيش وسط أهلي في وطن يحيط به الخطر ولا أقوم بدور إيجابي لمواجهته .

ومن بين أروع المشاهد التي تستوجب الانحناء أمامها إجلالاً هؤلاء الجنود الأبطال الذين انتهت مدة خدمتهم في القوات المسلحة إلا أنهم رفضوا مغادرة أماكنهم أو مفارقة أقرانهم إلا بعد الثأر لأرواح الشهداء والعودة بالنصر .. وكان ذلك وعداً حقاً من الله جل وعلى .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى