انتصار العاشر من رمضان .. عندما حطم المصريون أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر

افتتاحية بروباجندا
هل فكرت في إجابة على السؤال الجوهري: لماذا تتفرد مصر بالقدرة على وقف اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي ضد ابناء الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي تكتفي فيه باقي الدول إما بالصمت المطبق أو بالنحيب والولولة وبث روح اليأس والتخوين لزرع الفتنة بين أبناء الوطن العربي كما تفعل قطر وتركيا وحسن نصر الله وغيرهم ممن لا يعرفون إلا الكذب والخداع والتآمر على الأوطان .
فهل سمعت يوماً أن دولة هنا أو حتى منظمة هناك تدخلت على النحو الذي تتصرف به مصر وكأن أبناء الشعب الفلسطيني بما فيه سكان قطاع غزة وحركة حماس وباقي فصائل المقاومة الفلسطينية له كل الأولوية كما لو كانوا مصريين تماماً، فتفرض على جيش الاحتلال الغاشم وقف العدوان فوراً في الوقت الذي تتبع فيه أطراف أخرى أسلوب “اعمل نفسك ميت”.
في الواقع فإن الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها تتلخص في إجابة واحدة: مصر رافعة رأسها ورأس جميع العرب .. فنحن الذين صمدنا حتى انتصرنا وانتزعنا من ” الصهاينة ” جميع حقوقنا حتى آخر حبة تراب في سيناء وأجبرناهم على الخروج المهين من أراضينا .. ثم فرضنا سلام الأقوياء على إسرائيل ومن ورائها أمريكا وأوروبا قاطبة .
وتحتفل مصر هذه الأيام بذكرى النصر المبين على العدو الإسرائيلي في حرب العاشر من رمضان 1393 الموافق السادس من أكتوبر 1973 والذي تمكنت فيه القوات المسلحة المصرية الباسلة من عبور قناة السويس، التي كانت توصف بأنها أصعب مانع مائي في العالم، وتحطيم أكبر ساتر ترابي ألا وهو خط بارليف الذي كان جبلا من الرمال والأتربة، ويمتد بطول قناة السويس في نحو (160) كيلو متر من بورسعيد شمالاً وحتى السويس جنوباً، ويتركز على الضفة الشرقية للقناة، وهذا الجبل الترابي، الذي كانت تفتخر به القوات الصهيونية لمناعته وشدته، كان من اكبر العقبات التي واجهت القوات الحربية المصرية في عملية العبور والانتصار .
وكان من روعة هذه الحرب المقدسة أنها كانت في شهر الصوم العظيم وكان مباحاً للجنود الإفطار فهم ليسوا على سفر بل على حرب، إلا أنهم أبوا إلا النصر أو الشهادة وهم صائمين .. فكان تأييد الله ونصره حليفهم .
حياة أوموت
لقد خاض الجيش المصري البطل تلك المعركة وهو يعلم أنها معركة مصير، لأن هزيمة الجيش المصري فيها لو حدثت فإنه يعني سيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي على المنطقة كلها، خصوصاً أن الجيش تعرض قبلها بستة سنوات لنكسة 5 يونيو (1967م)، التي أتاحت للعدو الصهيوني أن يقدم نفسه للعالم كأقوى جيش في المنطقة، وأن جيشه هو الجيش الذي لا يُقهر، لكنه لم يكن يدري أن عقيدة الجيش المصري تنبني في الأساس على الكرامة وعدم قبول الهزيمة وأن الجندي المصري لا يترك ثأره أبداً .
لقد أنهت حرب العاشر من رمضان أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر، وكانت بداية الانكسار للعسكرية الإسرائيلية، ومن ثم سيظل هذا اليوم العظيم، العاشر من رمضان (1393هـ) السادس من أكتوبر (1973م) ، مصدر مجد وفخر يحيط بقامة العسكرية المصرية على مر التاريخ، ويظل وساما على صدر كل مسلم وعربي .
تدريس خطة الحرب
ورغم مرور نحو 46 عاما على هذا الانتصار الكبير، إلا أنه مازال يخضع للتحليل والدراسة في المؤسسات العسكرية في العالم لما شهده من براعة في القتال من الجندى المصرى ومن مفاجآت عجزت إسرائيل عن مواجهتها وانهارت على إثرها أسطورة القوة العسكرية الاسرائيلية التي لا تقهر .
فى هذا اليوم عبر الأبطال الهزيمة، وعاد العلم المصري الحبيب يرفرف علي الضفة الشرقية للقناة .. واقيمت الجسور لتنقل الدبابات والمعدات .. وتلقى جيش الاحتلال الصهيوني ضربة جوية مباغتة وقاصمة .. وقد أدت سيطرة نسور مصر البواسل على سماء المعركة ونجاح الجنود فى تحطيم خط بارليف الى النصر الذى جعل العالم يتعرف علي المقاتل المصري الحقيقي.. الذي ظُلم في عام 1967 .
وكانت إسرائيل قد أمضت السنوات الست التي تلت حرب يونيو في تحصين مراكزها في الجولان وسيناء، وانفقت مبالغ ضخمة لدعم سلسلة من التحصينات على مواقعها في قناة السويس، فيما عرف بخط بارليف .
دور يتعاظم للجيش المصري
وتؤرخ هذه الحرب لبطولة الجيش المصري ومن ثم فإنها تلقي عليه بمسئوليات جسيمة، فمنذ ذلك الحين أدركت القوات المسلحة المصرية جيداً أن قدرها أن تكون الذراع العربي الطولى وأنها حصن العرب المنيع .
ومن ثم كان هذا النصر إيذاناً بتعاظم أدوار الجيش المصري مع زيادة التحديات والمسئوليات، لذا كان مفهوم الأمن القومى الشامل وأهمية المحافظة عليه وحمايته فى كل المجالات حاضراً بل ويحتل مكان الصدارة في أي مقال ومقام .
لذا كان الدور المهم الذى تلعبه فى عملية التنمية الشاملة للدولة، ففى الوقت الذى تقوم فيه القوات المسلحة المصرية بتنفيذ عملياتها العسكرية فى سيناء لتطهيرها من العناصر الإرهابية تقوم بمساهمة فعالة لإعادة بناء الدولة المصرية من خلال تنفيذ المشروعات القومية الكبرى التى تضع مصر على خريطة الاستثمار العالمية، وفتح مجالات وفرص عمل جديدة للشباب، وكذلك المساهمة فى تخفيف العبء عن كاهل المواطنين .
التنمية ودحر ارهاب
فمنذ 30 يونيو 2013 أخذت القوات المسلحة المصرية على عاتقها إعادة بناء الدولة مرة أخرى والمساهمة فى التنمية الشاملة، بانحياز جيش مصر الوطنى للشعب والقيام بحمايته، وكما حمى الجيش المصري الإرادة الشعبية ولم يتصادم معها أثناء أحداث 25 يناير، فقد احترم ذات الإرادة في 30 يونيو، واجتمع مع القوى السياسية والشبابية وممثلي الأزهر والكنيسة، لإعلان خارطة المستقبل في 3 يوليو، والتي أسست لمرحلة جديدة في الثورة المصرية .
كما أحرزت القوات المسلحة المصرية إنجازات ضخمة على الأرض في حربها على الإرهاب، بل إن العديد من دول العالم لم تقوَ على تلك المواجهة، فى الوقت الذى يتم فيه الاستعداد للتنمية الشاملة في سيناء بعد تطهيرها من دنس الإرهاب .
ومن هنا فلم تقتصر أهداف ” العملية الشاملة سيناء 2018″ على تطهير البلاد من دنس الإرهاب، ولكنها بمثابة رسالة للجميع أن لمصر جيش يحميها ويدافع عنها ولديه القدرة والجاهزية والاحترافية في تنفيذ المهام ويستطيع أن يجابه بشجاعة وكفاءة أي تهديدات، من خلال سيمفونية تعاون بين جميع الأسلحة والتخصصات لأداء الأدوار المحددة .
فبإرادة الله وعزيمة أبنائها المخلصين، ستمضي مصر فى مشروعها الذى يستهدف الأمن والأمان والخير والرخاء للمصريين وتحقيق تطلعاتهم فى وطن عظيم، ودائما ما تعبر كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسي عن حقيقة لا تقبل التشكيك مفادها أن المصري لا ينسى ثأراً ولا يفرط في أرض .. ولا يرضخ ولا يرضى أو يستسلم لهزيمة .. وإننا قادرون شعباً وجيشاً وشرطة على حماية هذه الأرض المقدسة التي تشكل لنا مصدراً للعزة والفخر .
وهكذا سيظل نصر العاشر من رمضان / السادس من أكتوبر ، ورجال القوات المسلحة مبعث اعتزاز وفخر، وستظل ذكريات وبطولات النصر تتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل، توضح وتظهر مدى عبقرية وشجاعة المقاتل المصرى الذى لقن الإسرائيليين درساً لن ينسوه فى فنون القتال والتخطيط والخداع الإستراتيجى، فتحية لكل شهداء مصر الأبرار من رجال القوات المسلحة، الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة ودماءهم الزكية فداء لمصر وحفاظا على أمن أراضيها واستقرار وسلامة شعبها .