النيران الصديقة تقتل الاعلام المصرى | بقلم وليد عبد الرحمن

منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى سدة الحكم فى ولايته الاولى وهو ينتقد فى كثير من حواراته واحاديثه الصحافة والاعلام المصرى بصورة أو بأخرى، وبخاصة فى عدم دعمهم لجهود القيادة السياسية من اجل بناء الوطن بالصورة التى ترضى الرئيس، حتى قال كلمته الشهيرة ( يا بخت عبد الناصر بإعلامه ) وفسرها الرئيس حينها ولكن يبدو أن هذا التفسير لم يستوعبه البعض جيدا وبخاصة المتحكمين فى الاعلام، فبدأت مرحلة التعامل مع الاعلام باعتباره من الاعداء.
وتم نشر ثقافة العداء للاعلام والاعلاميين على كافة الاصعدة وفى كافة الاوساط وكافة طبقات المجتمع حتى بات الاعلام متهما بصورة او باخرى ويتم توجيه اللوم اليه فى كل الاوقات والمناسبات بسبب وبدون سبب، وأصبح الجميع يتعامل مع الاعلامى او الصحفى باعتباره عدو يجب البعد عنه أو محاربته إن أمكن.
وبات حال المسئولين فى الدولة على نفس النسق حيث قام المسئولون بعزل انفسهم عن الاعلام بصورة كبيرة وتم حجب المعلومات كما لو كان الاعلامى من جواسيس دول معادية تسعى للايقاع بالدولة المصرية وتسريب معلوماتها المعلنة اصلا.
كان العظيم ادولف هتلر ابرز المهتمين بالإعلام عن طريق جوبلز الذى نجح حينها فى ادارة الاعلام لصالح هتلر واهدافه، وتعلم من هتلر الكثير من القادة ورؤساء الدول وكان ابرز من تعلم من منهج هتلر الاعلامى الدولة الصهيونية التى روجت كثيرا لمحرقة وهمية لليهود فى ألمانيا على يد هتلر ولم يذكر احد لماذا كانت المحرقة والتى كانت فعليا لبناء الدولة الألمانية التى نتشدق حاليا بمدى تقدمها وعظمتها.
على كل من هو مسئول عن الاعلام فى مصر العلم بان الاعلام رسالة وبامكانه توجيه المجتمع وبناءه وتصحيح أفكاره وأوضاعه وأخلاقه التى باتت متردية بصورة غير مسبوقة، ولكن التعامل مع الاعلام على انه ترفيهي فقط ولا يجب أن يتحدث فى السياسة الا المنافقين للنظام أو ارجوزات الملك الذين يتم استدعائهم للترويج لقرارات ما غير مدرك ان هؤلاء انتهى دورهم وتأثيرهم على الشعب وحتى البسطاء منهم.
إن التأميم الناعم للاعلام كان يمكن أن يكون مفيدا فى ظروف اخرى وأوضاع مغايرة للدولة وليس فى وضع تكون فيه الدولة فى مرحلة إعادة بناء وتصحيح مسار فى كل المجالات والتى يجب أن يكون الاعلام فيها داعما إيجابيا وشريكا اساسيا فى البناء ومحاربة الفساد الذى ينخر فى جسد الدولة العليل لعدم وجود رقابة إعلامية عليه.
يا سادة المقولة الشهيرة للكاتب و الاديب الانجليزى اوسكار وايلد والتى يجب أن نتذكرها دائما الكاتب والروائي الانجليزي … ( في أمريكا، يحكم الرئيس لأربع سنوات، بينما تحكم الصحافة إلى الأبد)، فحتى لو جاءت الضربات من نيران صديقة تحكم الاعلام بطريقة غير صحيحة، وحتى لو كانت أهدافها نبيلة فانها لن تستطيع ان تقضى عليه أو تستبدل دوره.
اذا ارادت الدولة أن تتقدم فعليا فيجب عليها تطوير الاعلام واستخدامه بطريقة مهنية سليمة تساعد على اداء الرسالة الاعلامية التى تبنى وتقوم وتصحح، والاعتماد فى هذا على أهل الخبرة وليس أهل الثقة، وعدم التعامل مع الاعلام على انه لا صاحب له أو انه مهنة لقيطة يمكن أن يديرها أى شخص بغض التظر عن مؤهلاته او خبراته او امكانياته المهنية.