النساء في السعودية يقدن السيارات بعد منع استمر عقودا

بدأت النساء في السعودية، اليوم الأحد، قيادة السيارات في شوارع المملكة بعد رفع الحظر الذي استمر لعقود، في خطوة اصلاحية تاريخية قد تفتح أبواب المملكة المحافظة على مرحلة جديدة من المرونة الاجتماعية بعد عقود من التشدد.
تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لنساء سعوديات يقدن السيارات بشكل قانوني لأول مرة في تاريخ المملكة، وذلك بعد أن دخل قانون رفع الحظر عن قيادة السيدات حيز التنفيذ بداية من منتصف ليل السبت.
في السياق ذاته أكد علماء الشريعة الإسلامية لصحيفة “عكاظ” السعودية أن قرار السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة يعد من مقتضيات المرحلة الحالية، وأنه جاء بناء على أسس شرعية، مطالبين النساء بالالتزام بالأنظمة والضوابط.
وكانت دائرة المرور في السعودية قد أعلنت في وقت سابق أنه تنفيذا للأمر السامي رقم “905” سمح للنساء اللاتي يحملن رخص قيادة مناسبة بقيادة المركبة على الطرقات في عموم المملكة اعتبارا من الساعات الأولى لليوم الأحد.
وقالت سبيكة الدوسري بعد قيادتها سيارتها في مدينة الخبر في شرق السعودية، “انها لحظة تاريخية في حياة كل امرأة سعودية”.
وتابعت الاعلامية وهي تجتاز جسر الملك فهد باتجاه مملكة البحرين حيث تعمل “لا يمكن وصف شعوري الآن. أريد الصراخ عاليا”، مضيفة “لن يوقفني شيء بعد اليوم عن زيارة أهلي”.
وينظر الى رفع الحظر، الذي يأتي بعد سلسلة توقيفات طالت ناشطات سعوديات في مجال حقوق الانسان، على انه أبرز التغييرات الاجتماعية التي تشهدها المملكة منذ تسلم ولي العهد الشاب الامير محمد بن سلمان منصبه قبل عام.
ومن المتوقع ان تبدأ آلاف النساء قيادة السيارات فورا في السعودية التي كانت حتى آخر دقيقة من يوم السبت البلد الوحيد في العالم الذي يمنع النساء من القيادة.
وكان ينظر الى الحظر على انه أكثر الاجراءات قمعا للمرأة، وسيؤدي رفعه الى تغيير كبير في الحياة اليومية للنساء اللواتي لن يعدن بحاجة الى سائقين ذكور للتنقل وسيتمكنّ من توفير الأموال التي كانت تدفع لصالح هؤلاء السائقين.
وقالت هاتون بن دخيل (21 عاما) طالبة الصيدلة “لم نعد بحاجة الى رجل”.
وفور بدء تطبيق قرار رفع الحظر، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى شاشات القنوات السعودية صور النساء وهن يقدن في شوارع المملكة.
ونشر الملياردير السعودي الامير الوليد بن طلال تسجيلا مصورا على حسابه بتويتر وهو يجلس في سيارة الى جانب ابنته ريم التي كانت تقود، وقال “المرأة الآن انطلقت وأخذت حريتها”.
وصفّق شبان وقفوا على جانب الطريق في أحد شوارع الرياض لسيدات وهن يعبرن بسياراتهن، بينما قام رجال المرور في جدة بتوزيع الورود على سائقات.
وكانت المملكة بدأت في يونيو الحالي بإصدار رخص القيادة للنساء للمرة الاولى منذ عقود، وقامت النساء اللواتي يمتلكن رخصة قيادة دولية باستبدالها برخصة سعودية.
وتشير شركة “برايس واتر هاوس كوبرز” للاستشارات الى ان عدد السعوديات اللواتي سيمتلكن رخص قيادة بحلول عام 2020 قد يصل الى ثلاثة ملايين.
وسمحت السلطات، منذ صدور القرار الملكي القاضي برفع الحظر في سبتمبر الماضي، بفتح معاهد تعليم قيادة السيارات والدراجات النارية.
وعلى مدى عقود، قال رجال دين متشددون في المملكة ان السماح للنساء بقيادة السيارة “معصية”، وان المرأة تفتقد للذكاء الكافي للممارسة حقها هذا.
ويرى خبراء ان القرار جاء بتحفيز من الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها المملكة بسبب تراجع اسعار النفط.
وتقدّر وكالة بلومبرغ المالية ان الخطوة ستساهم في إضافة 90 مليار دولار الى الناتج الاقتصادي بحلول عام 2030.
لكن السيدات اللواتي يرغبن بقيادة السيارات يتخوفن من ان يصبحن عرضة لهجمات من المحافظين، في دولة يمارس فيها الاقارب الذكور – سواء الاب او الزوج او غيرهم من الذكور – الوصاية على النساء من خلال نظام “ولاية الرجل”.
وتمهيدا لرفع الحظر عن قيادة السيارات، قامت السعودية بإقرار قانون يعاقب المتحرش بالنساء تصل العقوبة فيه الى السجن مدة خمس سنوات ودفع غرامة قدرها 300 الف ريال (80 ألف دولار).
والسماح للنساء بقيادة السيارات في المملكة سبقته خطوات اصلاحية اجتماعية عديدة، بينها اعادة فتح دور السينما واقامة فاعليات موسيقية مختلطة، ضمن حملة تغييرات قال ولي العهد انها تهدف الى اعادة المملكة للاسلام المعتدل.
وعلى الرغم من الايجابية التي تُرافق وضع قرار السماح للنساء بقيادة السيارات موضع التنفيذ، تراجَع الى حد ما التفاؤل حيال الإصلاحات بعد اعتقال نشطاء بارزين لطالما دعوا الى رفع حظر القيادة.
وأعلنت السعودية في مايو الماضي اعتقال 17 ناشطا وناشطة بارزين في مجال حقوق المرأة، واتهمتهم وسائل اعلام محلية بالخيانة والعمل على تقويض استقرار المملكة. وتم الافراج عن عدد منهم ثم اعتُقل آخرون.
ومن بين المعتقلات لُجين الهذلول البالغة من العمر 28 عاماً، والتي احتُجزت في العام 2014 لأكثر من 70 يوماً لمحاولة دخول المملكة وهي تقود السيارة من دولة الإمارات العربية المتحدة، وعزيزة اليوسف، الأستاذة المتقاعدة من جامعة الملك سعود بالرياض.
فيديو | اللحظات الأولى بعد دخول قرار قيادة المرأة للسيارات حيز التنفيذ #الإخبارية #المرأة_السعودية_تسوق pic.twitter.com/PESmfyZPhq
— قناة الإخبارية (@alekhbariyatv) June 23, 2018