المناطق الصناعية.. شريان التنمية الاقتصادية في 2018
تقرير ـ عادل محمد
بخطى ثابتة واستراتيجية تسعى لتأمين مستقبل الأجيال القادمة تنتهج مصر طريق التنمية المستدامة وذلك عبر تدشين عدة مشروعات وطنية تقوم على تنشيط قطاع الصناعة بهدف توفير فرص عمل حقيقية والاعتماد على المنتجات المصرية كبديل للاستيراد .
وتنطلق هذه المسيرة من المبادئ الحاكمة التي وضعها الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة أن تتبوأ مصر المكانة التي تليق بها بين سائر الأمم لتحقيق رؤية ” مستقبل مصر في 2020″ والتي من المقرر أن تجني خلالها البلاد ثمار المشروعات الكبرى التي بدأتها على عدة محاور من بينها تطوير العشوائيات والمجتمعات غير الآمنة، أو تلك التي لا تليق بحقوق المواطن المصري، وذلك جنباً إلى جنب مع تأسيس المناطق الصناعية الجديدة والتي تعتبر وبحق جسر العبور الاقتصادي في العام 2018 .
ففي إطار خطة الدولة للنهوض والتوسع في إنشاء المناطق الصناعية، خصصت الحكومة بمشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2018/ 2019، مبلغ قدرة 3 مليارات جنيه لدعم المناطق الصناعية، مقابل مليار و400 مليون جنيه في العام المالي السابق، بزيادة مليار و600 مليون جنيه، تمثل قيمة ما تتحمله الدولة من دعم لإنشاء وتوصيل المرافق للمناطق الصناعية وفقا لأحكام القرار الجمهوري رقم 350 لسنة 2005 .
يُذكر أن هذه المخصصات تتاح للهيئة العامة للتنمية الصناعية، باعتبارها الجهة المنوط بها وضع وتنفيذ سياسات تنمية الأراضي للأغراض الصناعية وإتاحتها للمستثمرين وتيسير إجراءات حصولهم على التراخيص الصناعية، وتم إدراجها ضمن استثمارات وزارة “التجارة والصناعة” بالباب السادس شراء الأصول غير المالية (الاستثمارات) .
وبحسب البيان المالي لمشروع الموازنة العامة للدولة 2018/ 2019 الذى ألقاه وزير المالية أمام البرلمان، بلغ إجمالي ما تم تدبيره خلال السنوات السابقة وحتى نهاية السنة المالية 2016/ 2017 نحو 6.1 مليار جنيه لتوصيل المرافق إلى المناطق الصناعية .
وفي السطور الآتية تقدم ” بروباجندا” استعراضاً لأهم المحطات التي مر بها قطار المناطق الاقتصادية :
مدينة القماش والبلاستيك
منذ ساعات أصدر الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، قرارًا بإنشاء منطقة حرة خاصة باسم الشركة الوطنية المصرية للتطوير والتنمية الصناعية (ش.م.م تحت التأسيس) على مساحة تعادل 429 فدان تقريبًا، بمدينة بدر، ومقسمة إلى مرحلتين، المرحلة الأولى على مساحة 203 أفدنة تقريبًا، والمرحلة الثانية على مساحة 226 فدانا تقريبًا .
وتعمل المنطقة بنظام المناطق الحرة الخاصة، في أنشطة الغزول الرفيعة والسميكة، وإنتاج الأقمشة سواء القطنية أو الصناعية، وكذلك إنتاج وتصنيع الملابس الجاهزة، وتصنيع وتجهيز كافة أنواع المهمات والأدوات المكتبية والأثاث سواء الخشبي أو المعدني أو البلاستيكي، بنسبة مكون محلي تصل إلى 80%، فيما عدا الملابس الجاهزة وصناعة الخيوط الغزلية المخلوطة بألياف مثل (البوليستر، الفوسكوز، الكتان) بنسبة 100%، والمنطقة تستهدف تصدير سلع ومنتجات تقدر بنحو 400 مليون دولار، وبها استثمارات بواقع 200 مليون دولار، وعدد العمالة المتوقع توفيره 3 آلاف عامل .
منطقة الروبيكي الصناعية
وتعد مدينة ” الروبيكي” لإنتاج الجلود واحدة من أبرز مدن الأحلام الصناعية على مستوى الشرق الأوسط، وتُعد بلا أدنى مبالغة رافدا أساسيا من روافد الصناعة المصرية وتمثل نقلة حضارية لصناعة متكاملة ومتطورة في دباغة وصناعة الجلود بأياد مصرية أصيلة، والمدهش أنها تلبي احتياجاً غاية في الأهمية يحقق عدة وظائف إيجابية، فمن ناحية استوعبت هذه المنطقة سكان منطقة سور مجرى العيون الذي كان يعتبر ضمن أخطر بؤر العشوائية والتلوث في قلب العاصمة، ومن ناحية أخرى تم من خلالها تحقيق المعادلة التي كانت مستحيلة بتوفير مسكن حضاري ملائم بجانب المناطق الصناعية، ومن ناحية ثالثة أتاحت للحكومة تطوير المنطقة الأصلية بحيث تتحول إلى مجتمع يليق بصورة مصر .
فمنذ أكثر من 100 عام ظلت صناعة الجلود في مصر بين جنبات سور مجرى العيون، وهى منطقة تحولت بمرور الوقت إلى بؤرة تلوث خطيرة بسبب الغازات والمخلفات السامة التي تمثل خطرا داهما على حياة المواطنين مما جعل من نقلها إنجازا حضاريا، إلى أن تحقق الحلم بنقل نحو 95% من القوى الإنتاجية بمجرى العيون إلى المشروع القومي الحديث بمدينة الروبيكى المقام على مساحة تتخطى 515 فدانا والذى ارتفعت معه دباغة الجلود من 125 مليون قدم مربع ” منتج نصف تشطيب” إلى 350 مليون قدم مربع كامل التشطيب؛ مما يحقق معدل نمو صناعي بقطاع الجلود ويخلق نحو 25 ألف فرصة عمل جديدة مباشرة باستكمال مراحل المشروع، كما تحتوى المدينة على كل سبل التأمين والأمن الصناعي، ومنها وجود نقطة إسعاف وشرطة ومطافئ ومحلات وأنشطة تجارية، بالإضافة إلى توفير 1008 شقق سكنية يتم تسليمها لأصحاب المصانع تباعاً، ويعد قطاع الجلود من اكثر القطاعات الاقتصادية تنافسية ويهدف إلى الوصول بصادرات مصر من الجلود إلى مليار دولار بحلول 2020، مقارنة بـ 200 مليون دولار حاليا .
أول منطقة صناعية بالعلمين
وخلال العام 2018 وقعت الحكومة مذكرة تفاهم بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، ومجموعة سي جي سي لما وراء البحار الإنشائية (CGCOC) الصينية، بهدف إنشاء أول منطقة صناعية في مدينة العلمين الجديدة، وهو ما يمثل بداية تأسيس مدينة العلمين الجديدة باعتبارها العاصمة التجارية والإدارية الجديدة للساحل الشمالي لمصر .
ومن المقرر أن تتضمن هذه المنطقة أنشطة متعددة وخدمات مختلفة بمدينة العلمين الجديدة، بحيث تكون مدينة صالحة للسكن، والإقامة طوال العام، ولذا يضم تخطيط المدينة منطقة صناعية، في الجنوب، وتم عقد عدة اجتماعات مع مطورين ومستثمرين صناعيين مصريين وغيرهم، ووافق مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة على توفير الأراضي اللازمة بالمنطقة الصناعية بالعلمين الجديدة، للمستثمرين، بتيسيرات متعددة، وجاء هذا التوقيع كأول خطوة على طريق إنشاء منطقة صناعية متميزة بالمدينة، تمثل أساسا اقتصاديا مهما بها، وتسهم فى توفير العديد من فرص العمل للشباب .
ومن بين الفوائد المترتبة على هذه المنطقة الصناعية بالشراكة مع مجموعة CGCOC نظرا لما تملكه من خبرات طويلة، ومتعددة، حيث سيتم العمل معا لتخطيط وتطوير منطقة صناعية خضراء كاملة الاستدامة، بمدينة العلمين الجديدة، ومن المقرر أن تستمر المنطقة باستخدام الطاقة المتجددة ومرافق تحلية المياه، وعلاوة على ذلك، فمن المقرر تحويل قطع الأراضي الضخمة من صحراء المدينة إلى الحقول الخضراء للمنتجات الزراعية، التي سيتم استخدامها في المجمع الصناعي .
وهي أيضا بمثابة خطوة إلى الأمام في دعم العلاقات الاقتصادية والصناعية المتبادلة بين مصر والصين، ومع تنفيذ هذا المشروع يتوقع قدوم المزيد والمزيد من المستثمرين من الصين والسوق الدولية، نظرا لما تقوم به الدولة حاليا من خطوات وقرارات تسهم في تشجيع المستثمرين المصريين وغيرهم، على ضخ الاستثمارات العملاقة في مشروعات تنمية مستدامة
منطقة كوم أوشيم بالفيوم
وخلال العام 2018 قررت الحكومة انشاء منطقة كوم أوشيم الصناعية بالفيوم والتي تبعد عن المدينة نفسها بنحو 30 كيلو مترًا، وتقع على يمين طريق القاهرة الفيوم الصحراوي، وتضم نحو 250 مصنعاً تقريبا يعمل منها نحو 210 مصنعًا والبعض تم إغلاقه، ومنها 23 مصنعًا تقرر سحبها من أصحابها بقرارات تصفية .
هذه المصانع التي تعتبر العمود الفقري للاستثمار بالفيوم، ويعمل بها الآلاف من أبناء المحافظة ما جعل الرئيس عبد الفتاح السيسي يُعلن عن إنشاء أكبر مدينة صناعية تقع في الفيوم، بعدما وقعت الهيئة العامة للتنمية الصناعية مذكرة تفاهم مع شركة سنغافورة القابضة لإنشاء مدينة صناعية متكاملة بمنطقة كوم أوشيم بالفيوم على مساحة 33 مليون متر مربع على أن تضم مشروعات صناعية عملاقة في مختلف المجالات وتجمع عمراني متكامل، ما يجعل منظومة الاستثمار في محافظة الفيوم تنطلق وبقوة .
وقد تصدرت منطقة الفيوم الصناعية قائمة المناطق الصناعية على مستوى الجمهورية في تصدير الإنتاج إلى الخارج، حيث تبلغ الطاقة الإنتاجية بالمنطقة الصناعية 960 مليون جنيه سنويًا بقيمة إنتاج شهري 80 مليون جنيه تقريبًا .
ونجحت مصانع منطقة كوم أوشيم في فتح آفاق جديدة للتصدير وتمكنت من تصدير 80 % من إنتاجها من السيراميك والمسامير والأثاث المعدني والأعشاب الطبية والمخللات والحاصلات الزراعية المصنعة بقيمة 120 مليون جنيه ، و 20 % من المنتجات بالسوق المحلية .
وتوفر المنطقة الصناعية بكوم أوشيم وفرت آلاف من فرص العمل لأبناء الفيوم وبعض المحافظات وتضمن عمل معظم المصانع بكفاءة عالية ، وأنها ستمثل نقلة نوعية في مجال الاستثمار الصناعي بمحافظة الفيوم خصوصاً وأنها تعد من المناطق الجاذبة للاستثمار .
117 منطقة صناعية بالمحافظات
وحسب الأرقام الرسمية فقد وفرت هيئة التنمية الصناعية نحو 30 مليون م2 أراضٍ كاملة المرافق فى كافة المحافظات، خلال الفترة من يوليو 2016 وحتى 2018 وهو جهد غير مسبوق لأي حكومة .
ووفق تقرير رسمي فقد تم تأسيس “شركة التنمية الصناعية” وهي شركة خاصة مسئولة عن ادارة 117 منطقة صناعية، وما يستجد من مناطق أخرى بجميع المحافظات ، وذلك وفقًا لأحدث معايير الإدارة العالمية .
ويشير التقرير إلى أن من أهم المشروعات التي تبنتها وزارة التجارة والصناعة، إطلاق خريطة الاستثمار الصناعي، والتي يتوفر بها 4949 فرصة استثمارية بمختلف القطاعات الصناعية فى كل محافظات الجمهورية وتمت إتاحة جميع الخدمات عبر الموقع الإلكتروني www.invegypt.com .
وذلك إيماناً من الرئيس عبد الفتاح السيسي وحكومة المهندس مصطفى مدبولي بأن القطاع الصناعي هو المحرك الرئيسي لاقتصاد أي دولة ، بمساهمته في تعزيز القيمة المضافة وخلق فرص العمل والتحفيز على الابتكار والتطوير التكنولوجي، وهو ما تدرك أهميته القيادة السياسية ويحرص على التوجيه إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في كل اجتماع بالوزراء ومسئولي الهيئات والمؤسسات الاقتصادية والاستثمارية، ولذلك تم ترجمة هذا الاهتمام من خلال إطلاق استراتيجية التنمية الصناعية 2020 التي تستهدف رفع معدل النمو الصناعي الى 8% سنويا مما يضمن زيادة مساهمة الناتج الصناعي في الناتج المحلى الإجمالي ليصبح 21% في 2020 وكذلك زيادة مساهمة قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي وزيادة معدل نمو الصادرات ليصبح 10% سنويا وتوفير 10 مليون فرصة عمل منتجة فضلا عن التطوير المؤسسي .
وتنطلق استراتيجية التوسع في إنشاء المناطق الصناعية من إيمان غير محدود بضرورة تعظيم الاستفادة من جميع فرص الارتقاء بالاقتصاد المصري وتهيئة المناخ الاستثماري الجاذب لرؤوس الأموال، وذلك كله في سبيل تحقيق الأهداف التي حددها الرئيس عبد الفتاح السيسي لتتحول مصر إلى أكبر مركز اقتصادي إقليمي بما يضمن مستقبل أفضل لبلدنا ويسهم بفاعلية في دوران عجلة الاقتصاد الوطني .