المصالحة الخليجية.. بين الخبر والتحليل| بقلم عميد د. عمرو ناصف

.. الخبر ..
.. بعد مشاورات مجتهدة مع مصر من دول الخليج وعلى رأسهم دولة الكويت، الخارجية المصرية متمثلة فى وزيرها سامح شكرى توقع اليوم على وثيقة المصالحة مع دولة قطر فى مركز المرايا بمدينة العلا الأثرية بالسعودية، بمناسبة الدورة الـ ٤١ لاجتماع مجلس التعاون الخليجي.
.. التحليل ..
١- العلاقات الدولية بين دول الخليج، والمصالحة الخليجية هما شأن خليجى بحت، وأياً كانت عواقب المقاطعات أو المصالحات بين هذة الدول وأياً كانت أسبابها فإن الخاسر أو الرابح الوحيد فى ذلك هى تلك الدول نفسها.
٢- أى تواترات، أو تجاوزات تصدر من أى دولة فى العالم، أو أى دولة عربية أو خليجية تجاه الدولة المصرية فمن حق مصر أن تنخذ من الإجراءات وردود الأفعال ماتراه مناسباً لذلك، وكرد فعل طبيعى، وفى الحين والطريقة التى تراهما مناسبين، وليس على أى دولة أو دول أخرى ان تدفع الثمن بديلاً عن الفاعل، اللهم إلا مساندة الدول العربية لبعضها البعض نظراً لروابط الأخوة والعروبة والقومية، ومحاولة منا جميعاً لتقويم المنحرف عن المسار، ولكن فى النهاية الفاتورة المستحقة للسداد هى لمن إستهلك وفقط.
٣- إن أكثر الدول المستفيدة من المقاطعة الخليجية المصرية لدولة قطر كان ولا يزال الدولة الإيرانية، وإن تلك الإستفادة تعد أكبر بكثير من أضرار قطر نفسها ودول الخليج مجتمعة من هذة المقاطعة، وقد اثبتت سنوات المقاطعة ذلك.
٤- المصالحة هى معادلة إعادة التوازن لكفتى الميزان والحل المنطقى لغلق شباك إيران على خليج العرب وبالتالى عزلها عن الشرق الأوسط والجزيرة العربية، ولتحقيق الإستفادة الأكبر لدول الخليج ( وحدها ) وعلى رأسهم دول مجلس التعاون الخليجي ( أصحاب معاهدة الدفاع المشترك ) ودول النطاق الأمنى الجغرافى مع قطر، وكذا المتضرر من إنقطاع المنفعة البترولية الغازية التجارية مع قطر وعلى رأسهم السعودية صاحبة الريادة فى ذلك الملف.
٥- مع تبلور مبدأ الخيانة لدى قطر فى إستغلالها للمقاطعة خلال السنوات الماضية لتقوية وتعميق علاقاتها بإيران وتركيا وهم أعداءاً لكثير من الدول العربية نجد أن الإستمرار فى المقاطعة ماهو إلا تصريح بزيادة الفجوة العربية العربية وتعميق التواجد الإيرانى التركى فى المنطقة، خاصة مع دولة غير رشيدة كدولة قطر.
٦- مع الأخذ في الإعتبار الضغوط الأمريكية على دول الخليج والسعودية بالأخص لإنهاء هذة المقاطعة ورجوع قطر إلى الداخل العربى مما يحقق هدف أمريكا فى عزل إيران وتشديد الخناق الجغرافى السياسى وبالتالى الاقتصادى عليها.
٧- ولكل ذلك فإن موافقة لمصر على إعتماد هذا السيناريو بتوقيع وثيقة المصالحة نبعت فى الأساس من منطلق إرضاء الإخوة فى السعودية والإمارات والكويت غير متناسية مواقفهم النبيلة فى كل حقبها الزمنية الحالكة، وبالتالى عدم الخروج عن المجموع، وحتى لاتكون مصر ( بتعنتها ) قد وضعت الأشقاء فى موقف الإختيار ( وهو مالا ترضاه مصر لنفسها ) وكذا حتى لاتكون هى حجر العثرة الذى يسبب المشكلات لاحقاً والتى قد تظهر مع دخول الإدارة الأمريكية الجديدة على الملف الخليجى _ الإيرانى، ولتكون مصر أيضاً هى الناجى الوحيد من عواقب ستظهر لاحقاً لهذة المصالحة مع دولة لا تؤمن جوانبها ولا عواقب أفعالها مثل قطر.
٨- ويبقى أن ننظر وننتظر تفعيل مصر ( من عدمه ) لتلك المصالحة على أرض الواقع مع قطر، ونوع وشكل وطبيعة العلاقة بينهما لاحقاً ( إن وجدت )، وهو ما نراهن عليه غير متناسين كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية المنتخب من شعب مصر حين ردد مراراً وعلى مر سنوات فى وجه جماعة الإخوان الإرهابية عقب ثورة ٣٠ يونيو، وفى وجه أردوغان حين أرسل مجساته تتحسس رد فعل مصر فى مصالحة تركيا بعد أن كانت مصر سبباً فى فشل أطماعها فى ليبيا: لاتصالح على الدم.
.. لننظر .. وننتظر ..