الفن والسياسة .. بقلم قدرى الحجار
فتحت المهرجانات الفنية في مصر أمامنا نوافذ حضارات دول مختلفة لنطل منها على فكر وثقافة هذه الشعوب من خلالأفلامهم ونحن فى ظل ظروف وتحديات تثبت ان للفن دور فعال فى بناء حضارة وتاريخ هذا البلد.. إن النجوم الذين حضرواالمهرجانات الفنية في مصر سواء مهرجان الاسكندرية او القاهرة لم يكن وجودهم شكلياً فقط، بل أساسياً وشاهد جمهورالإسكندرية والقاهرة نجومهم فى أروقة المهرجان.. فقد أصبح للفن دور فعال فى توعية وتثقيف الجمهور وطرح قضاياورسم واقعا بلا مجاملات زائفة للسلطة او محاولات للابتعاد عن المتاعب ربما طغت بعض الموضوعات على هذا التيار السامي الهادف لكنه فى النهاية كان هو الهدف الذى تهاجمه أبواق السلطة الفارغة .. فلقد كان للسينما المصرية فى الفترة الأخيرة دور لا يستهان به فى استنفار الجماهير وشحذ الهمم ضد ما آلت أليه الأوضاع في مصر سواء كان ذلك في عصر الرئيس الأسبق حسني مبارك او في عهد دولة الاخوان.
فمنذ ان بدأ الفساد السياسي يكشر عن أنيابة وبدأت السينما تتصدى له بالتهكم والسخرية وقد يكون نهاية مشهد فيلم ” طيور الظلام ” ملخص للكواليس السياسية التى كانت وما تزال عليها فكانت مصر مثل الكورة التى تتأرجح بين أرجل رجال الدين والعلمانيين وكذلك مجموعة الأفلام التى جسدت امتهان الطبقات المعدومة فى المجتمع وربما جاءت أفلام امثال الليمبى ودينا وسعد الصغير وبعرور وغيرهم من نوعية هذه الافلام لتوضح بشكل سافر ما ال اليه حال المواطن المصرى الذى دفعته السياسات النفعية التى لا تهتم الا بنفسها الى ان ينخرط فى المخدرات وربما هاجم الكثيرين تلك السينما ولكنها كانت للاسف تعرض شخصيات من واقع هذا المجتمع فتلك الانماط البشرية التى كان يهاجمها النقاد بشده بالفعل كانت موجودة فى ذلك المجتمع بل وتمثل طبقة من طبقات هذا المجتمع يسهل عليك ان تلتقى بهم فى يومك العادى فى شوارع مصر .
وجاءت ثورتي 25 يناير و30 يونية لتفتح نافذه لهذا الفن وهؤلاء الفنانين للالتحام بالشارع المصرى فكثير من الفنانين خاطروا باسمائهم ضد نظام لا يرحم وسعى جاهدا على مدار اكثر من 40 سنه لوئد الثقافة والمثقفين والحركات الفنية فى مصر او حينما اراد الأخوان أخونة الثقافة ليعرضوا أرائهم ويقفوا ضد هذا النظام بلا اى حسابات اخرى وهناك من خاف وتراجع بالفعل ولا ننكر هذا لكن لا يستطيع اى فرد منا ان ينكر أسماء وأصوات ونداءات هؤلاء الفنانين التى كانت تصدح فى القنوات الفضائية خلال الثورتين وربما منذ اللحظات الاولى لها منادية بتغير هذا النظام .. وان كانت هناك اسماء فنية كبيرة هوجمت لانها لم تشارك فى الثورتين بأجسادها لكنها بلا ادنى شك كانت من لبنات البناء لهذه الثورة باعمالهم الفنية ولا طالما واجهت تعنت السلطة بقلوب شجاعة فلا ننسى افلام عادل امام مع المبدع وحيد حامد فى أعمالهما التى هاجما فيها مجلس الشعب وفساد السلطة فى الوقت الذى لم يكن مسموح فيه بالتطرق الى مثل هذه المواضيع لا من قريب او بعيد وايضا افلام الراحل نور الشريف والراحل احمد زكى ومحمود ياسين الذى عبر بفلسفة بالغة فى فيلم الجزيرة حينما قال لاحمد السقا حينما تتاجر بعشر قطع سلاح فانت مجرم وعندما تتاجر بمائة قطعة سلاح تكون وزير .
لهذا ارجو من السيد وزير الثقافة الكاتب حلمي النمنم ان يعمل علي دعم هذه المهرجانات وعمل مهرجانات اخري بجميع محافظات مصر.