الفصائل الفلسطينية توقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل بعد التصعيد الأخير
أعلنت الفصائل الفلسطينية اليوم الخميس أنها قررت وقف إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، وذلك بعد جولة التصعيد الأخيرة على حدود قطاع غزة التي أدت الى مقتل ثلاثة فلسطينيين بينهم طفلة رضيعة وأمها.
وأثار التصعيد الأخير بين اسرائيل وحركة حماس مخاوف من فشل الجهود الرامية لتجنّب اندلاع نزاع جديد.
وقال مسؤول فلسطيني كبير في غزة لوكالة فرانس برس طالبا عدم نشر اسمه إن “الغرفة المشتركة للفصائل تعلن عن توقف كافة عمليات الردّ سواء إطلاق النار أو القصف بالصواريخ، حيث تعتبر الفصائل أن جولة التصعيد انتهت ردّاً على العدوان الإسرائيلي”.
واستدرك قائلا “لكن الأمر مرتبط بسلوك الاحتلال. في حال ارتكب أياً من جرائمه ستدافع المقاومة عن شعبها ولن تقف مكتوفة الأيدي”.
من جهته قال مسؤول آخر في الغرفة المشتركة لفرانس برس “نحن أوقفنا تماماً عمليات التصعيد في تمام الساعة 12 ظهراً (9,00 ت غ) وقد أبلغنا الوسطاء، الأخوة في مصر و(مبعوث الامم المتحدة نيكولاي) ملادينوف وقطر، بقرار الفصائل وبدورهم قاموا بإبلاغ الاحتلال الإسرائيلي، وأبلغنا الوسطاء أن سلطات الاحتلال ملتزمة بالتهدئة طالما كان هدوء في غزة”.
وساد الهدوء بعد قرار الفصائل رغم سقوط قذيفة قرب بئر السبع على بعد 40 كلم من غزة. ولم تسفر القذيفة عن أضرار أو ضحايا لكن وسائل الاعلام الإسرائيلية قالت إنها المرة الاولى منذ حرب 2014 تسقط قذيفة على هذه المسافة وليس في جوار قطاع غزة.
وقتل ثلاثة فلسطينيين هم طفلة تبلغ من العمر عاماً ونصف العام ووالدتها وناشط في حماس في سلسلة غارات جوية شنّها سلاح الجو الإسرائيلي منذ مساء الأربعاء ردّاً على إطلاق عشرات الصواريخ من قطاع غزة الأربعاء.
وأعلنت الغرفة المشتركة أنها أطلقت عشرات الصواريخ وقذائف الهاون باتجاه المواقع والبلدات الإسرائيلية الحدودية مع القطاع ردّا على “العدوان الإسرائيلي وآخره استهداف موقع للمقاومة (تابعة لكتائب القسّام في بلدة بيت لاهيا) شمال قطاع غزة” حيث قتل عنصران من الكتائب خلال “مناورة تدريبية”.
وأفاد مراسل لفرانس برس في القطاع أن الغارات كانت من العنف بحيث اهتزت لها أرجاء القطاع وأعادت إلى الأذهان حرب 2014 الأخيرة.
وقال أستاذ العلوم السياسية جمال الفاضي لفرانس برس “لم ينم أحد. هذه الليلة كانت الأعنف من حيث قوة الضربات الجوية الإسرائيلية منذ حرب 2014”.
وقالت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي صباح الخميس لفرانس برس إنه “تم حتى الآن رصد نحو 150 صاروخاً أطلقت من قطاع غزة نحو إسرائيل”. وكان الجيش الإسرائيلي أعلن في وقت سابق أن معظم هذه القذائف والصواريخ سقطت في مناطق غير مأهولة وتم اعتراض11منها.
ولكن صباح الخميس، نقلت امرأة تايلاندية في الثلاثين من عمرها إلى مستشفى سوروكا في بئر السبع جنوب إسرائيل والذي قال مديره يوهانان بيزر إنها خضعت لعملية جراحية جراء إصابتها “بشظايا في البطن” وأضاف أن “حياتها في خطر”.
ومساء الأربعاء، سقطت قذيفتان على مدينة سديروت حيث أصيب شخص بجروح طفيفة بالشظايا ونقل آخرون إلى المستشفى في حالة الصدمة، وفق الأجهزة الطبية الإسرائيلية.
وعرضت قناة التلفزيون الإسرائيلية صور منزل وسيارات متضررة في سديروت في حين دوّت صافرات الإنذار في عدة بلدات قريبة من القطاع لدعوة السكان للنزول إلى الملاجئ.
– “تدخل فوري”-
وفي قطاع غزة أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية أشرف القدرة أن القتلى الثلاثة هم “الطفلة الرضيعة بيان محمد خماش التي تبلغ من العمر عاما ونصف عام ووالدتها إيناس محمد خماش (23 عاما) وهي حامل والتي أصيب زوجها محمد بجراح متوسطة جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلي منطقة الجعفراوي بمخيم النصيرات في المحافظة الوسطى”.
أما القتيل الثالث فيدعى علي الغندور (30 عاماً) وهو عنصر في كتائب القسام، وقد قضى في غارة إسرائيلية قرب بيت لاهيا في شمال غزة.
وقال ناطق باسم الجيش الاسرائيلي اللفتانت كولونيل جوناثان كونريكوس انه ليس لديه أية معلومات حول مقتل المرأة وطفلتها، مضيفا “بالطبع نحن نضرب فقط اهدافا عسكرية تستخدمها حماس”. واصيب 12 فلسطينيا في هذه الغارات.
ودعت الامم المتحدة الى التهدئة معربة عن أسفها خصوصاً لإطلاق الصواريخ من قطاع غزة. ودعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف جميع الأطراف إلى “الابتعاد عن حافة الهاوية”، مذكّرا بأنه سبق له وأن حذّر من أن الأزمة الإنسانية والأمنية والسياسية في غزة “تنذر بصراع مدمّر لا يريده أحد”.
من جهته دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس “المجتمع الدولي إلى التدخّل الفوري والعاجل لوقفه وعدم جرّ المنطقة إلى مزيد من الدمار وعدم الاستقرار”، كما أوردت وكالة الانباء الفلسطينية (وفا).
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية انها “تدين” اطلاق الصواريخ وحضّت كل الاطراف على ضبط النفس.
وقال مصدر مصري لفرانس برس إنّ “مصر والأمم المتحدث تجري اتصالات مع كافة الأطراف المعنية، وتبذل جهودا مكثفة لاحتواء التصعيد وإعادة الهدوء”.
وتعقد الحكومة الامنية الاسرائيلية اجتماعا بعد ظهر الخميس لبحث القضايا الاستراتيجية، لكن أحد أعضائها وزير الطاقة يوفال شتاينيتز عكس أجواء تشاؤم.
وقال شتاينيتز في تصريح للإذاعة العامة “نحن على مفترق طرق، والسؤال هو معرفة ما اذا كنا نتجه نحو تسوية (مع حماس) او تصعيد او عملية عسكرية (اسرائيلية) كبرى؟ في الوقت الراهن يبدو اننا نتجه نحو الخيار الثاني”.
وأطلقت الصواريخ من غزة بعد غارة إسرائيلية قتل فيها عنصران من كتائب عزّ الدين القسّام التي توعّدت إسرائيل بـ”دفع الثمن”.
وذكرت عدة وسائل إعلام إسرائيلية أن قيادة الجيش أقرّت بأن الغارة تقرّرت بعد أن قدّر الجيش “من طريق الخطأ” أن إطلاق النار على جنوده صدر من ذاك الموقع.
وأكدّت حماس ان العنصرين القتيلين كانا يشاركان في تدريب وأن الغارة وقعت في حين كان وفد من المكتب السياسي للحركة لا يزال في القطاع.
ويتصاعد التوتر منذ أشهر بين إسرائيل وحماس اللتين خاضتا منذ 2008 ثلاث حروب مدمرة في القطاع المحاصر منذ 2006 والذي يزداد سكانه فقراً مع معاناة يومية جرّاء البطالة والانقطاعات المتكررة في الماء والكهرباء.
ويتظاهر الفلسطينيون منذ 30 آذار/مارس في إطار “مسيرات العودة” على الشريط الحدودي مع إسرائيل لا سيما أيام الجمعة للاحتجاج على الحصار والمطالبة بحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين هجّروا من أراضيهم إثر النكبة وقيام دولة إسرائيل في 1948.
وقتل 165 فلسطينيا على الاقل منذ نهاية آذار/مارس برصاص الجنود الإسرائيليين خلال الاحتجاجات الحدودية. وقتل جندي إسرائيلي في 20 تموز/يوليو خلال عملية للجيش بالقرب من السياج الفاصل وهو اول جندي إسرائيلي يقتل في المنطقة منذ 2014.