افتتاحية بروباجنداتحقيقات و تقاريرتقاريرعاجل

الشعب والسيسي

تقرير ـ عادل محمد

مصر أم الدنيا وهتبقى أد الدنيا .. لم تكن هذه العبارة مجرد كلمات قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي في أول عهده بالمصريين، عقب توليه مسئولية الحكم مباشرة، بل تحولت إلى عهد وميثاق شرف ودستور حاكم لجميع السياسات والقرارات والإجراءات التي اتخذها الرئيس لتحقيق هذا الوعد الذي قطعه على نفسه والحلم الذي طالما انتظره المصريون المخلصون .

فمنذ أن تحمل الرئيس عبد الفتاح السيسي أمانة ومسئولية مصر وشعبها لم يضع نصب عينيه إلا هدف واحد هو كيف تحتل مصر المكانة التي يستحقها شعبها الصامد القابض على كل حبة من تراب بلده الأمين، وكان تفهم المصريين وحرصهم على صالح بلدهم وإيمانهم الذي لا يتزعزع بمدى إخلاص الرئيس بمثابة القوة الدافعة التي استمدها السيسي في جميع مراحل إصلاح ما أفسده الآخرون بسبب أياد مرتعشة وخوف من ضياع شعبية زائفة أدت إلى ضرورة تدخل مشرط الجراح حفاظاً على حاضر ومستقبل مصر .

فلولا جسور الثقة المتينة بين الرئيس وشعبه لما أقدم على تزويد الترسانة العسكرية لمصر بطائرات الرفال الحديثة ولا حاملة الطائرات العملاقة ميسترال والتي ظهرت روعة قرار ضمهما للجيش المصري بعد اكتشاف حقل ظهر الذي يعتبر الأضخم في انتاج الغاز الطبيعي، وهذا على سبيل المثال لا الحصر من القرارات المصيرية التي اتخذها القائد عبد الفتاح السيسي ولم يكن بمقدوره كشف حيثيات اقتنائها في حينه، لكن ثقته غير المحدودة في شعبه، وثقة شعبه غير المحدودة فيه كانت هي المعيار الحاكم في جميع إجراءات مسيرة بناء مصر الحديثة بسواعد أبنائها الوطنية .

 

ثقة المصريين والقرارات المصيرية

ولعلنا نتذكر جيداً أول اختبار ثقة بين الرئيس وشعبه حين دعا السيسي المصريين لما يشبه الاكتتاب بجمع مبلغ 60 مليار جنيه لتنفيذ مشروع ازدواج الخط الملاحي لقناة السويس فيما عرف بمشروع قناة السويس الجديدة، حيث بادر أبناء مصر الأوفياء بالاستجابة الفورية بإيداع أكثر من 60 مليار جنيه في حساب قناة السويس الجديدة خلال أقل من أسبوع .

وبقراءة بسيطة في اختبار الثقة هذا سيتبين على الفور كيف يستمد الرئيس عبد الفتاح السيسي القوة الدافعة من نبض الجماهير التي تعي جيداً وتتفهم على أروع ما يكون طبيعة التحديات التي تواجه الدولة والتي طالما مثلت عقبات أمام ظهور أي ثمار لمشروعات التنمية، ومن هذا المنطلق اتخذ السيسي قراره الفدائي بتحرير سعر الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية ليتم تداوله بقيمته الحقيقية بما يساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية من أوسع الأبواب وأدى إلى تأمين جميع الاحتياجات الاستراتيجية للبلاد وساهم بقوة في ارتفاع الاحتياطي لدى البنك المركزي من النقد الأجنبي لدرجة غير مسبوقة .

تلى ذلك القرارات المصيرية بتحريك أسعار مواد الطاقة والوقود من كهرباء وبنزين وسولار لتنظيم حجم الدعم الذي يتم انفاقه على هذه المواد، ثم تحريك سعر تعريفة المواصلات .. وكان الرئيس في كل مرة يخاطب الجماهير الواعية بمنتهى الصراحة والشفافية ليضع المواطنين أمام الصورة الحقيقية التي تحتم اتخاذ مثل هذه القرارات .

 

تحصين محدودي الدخل

المدهش في جميع هذه الإجراءات والقرارات التي اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي ربما يعتبرها أي رئيس دولة آخر لعب بالنار ربما ينتقص من رصيد الشعبية التي ينشدها أي رئيس، لكنها في جميع مراحل تطبيقها كانت تضع نصب أعينها حماية البسطاء ومحدودي الدخل من عدم التضرر وذلك بتفعيل مظلة الحماية الاجتماعية لهم .

ومن هذا المنطلق تم منح معاش تكافل وكرامة الذي تنفذه الوزارة منذ عام 2015، وهو بمثابة أول برنامج دعم نقدى مشروط يقدم للعائلات الأكثر فقرًا والتي تعول أطفالًا دون سن الثامنة عشرة والفئات الأكثر فقرًا من المسنّين وذوي القدرات الخاصة، حيث نجح البرنامج خلال هذه الفترة في الوصول إلى 2 مليون و230 ألف أسرة .

ويعتبر القانون حجر الزاوية في إجراءات الحمايةَ الاجتماعيةَ في برنامجِ الإصلاحِ الحكوميّ، الذي يُركِّزُ على توجيهِ جانبٍ من وفوراتِ الموازنةِ المتحقِّقةِ من الإجراءاتِ الإصلاحيةِ نحو الإنفاقِ على التحويلاتِ النقديةِ الاجتماعية، وبالتحديد في مجالاتِ دعمِ الغذاءِ والتحويلات الاجتماعيةِ الموجهةِ إلى المستحقينَ والحفاظِ على مخصصاتِ التأمين والغذاء لمحدودي الدخل، والتأمين الصحي، والاستثمار في البِنيةِ التحتية، مع التركيزِ على المدخلِ التنمويِ في الحمايةِ الاجتماعية الذى يستهدفُ مساعدةَ الفقراءِ على الخروجِ من أزمةِ الفقر إلى الإنتاج من خلال تكريسِ ثقافةِ العمل وتجريمِ ثقافة الاستهلاكِ المُفرِط وغير المسئول أمام مهام التنمية الجِسام .

وتمكنت وزارة التضامن من خلال هذا البرنامج توفير ٩٠ ألف فرصة عمل للمستفيدين من برنامج تكافل وكرامة، حيث التحق بالعمل منهم 3840 فرد ضمن برنامج ” فرصة”، وكان هذا بمثابة خطوة في غاية الأهمية للخروج الحقيقي من دائرة الفقر عبر التأهيل لسوق العمل والتدريب والتشغيل .

كما توسعت الحكومة، بتوجيهات من القيادة السياسية، في صرف مقررات التموين المجانية بحيث شملت 70 مليون مواطن يحصلون على سلع تموينية شهرياً بالمجان حيث جاء إعلان الرئيس برفع قيمة ما يستحق الفرد في بطاقة التموين من 21 إلى 50 جنيهاً للفرد الواحد بمثابة فرحة لأكثر من 70 مليون مواطن مقيدين بالبطاقات التموينية يقومون بصرف السلع المدعمة شهريا من خلال البقالين التموينين ومنافذ مشروع جمعيتي والمجمعات الاستهلاكية .

ووجه الرئيس تعليمات مباشرة لوزارة المالية بشأن تخصيص المبالغ المخصصة لدعم السلع التموينية والتي سترتفع من 20 مليار سنويا إلى ما يقرب من 42 مليار جنيه لتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين .

ورغم الأعباء المالية الكبيرة التي تثقل كاهل الموازنة العامة للدولة، رغيف بـ 5 قروش مشاهد طوابير لا تنتهي، مشاجرات بالأسلحة وامتهان كرامة لا تعادله أموال الدنيا، وفي النهاية لا تحصل على حقك في الخبز المدعم .. كان هذا ملخص ما يجري في أفران العيش البلدي التي كان يتاجر بعض اصحابها الجشعين في أقوات الغلابة ويبيعون الدقيق المدعم في السوق السوداء .. إلى أن قررت الدولة بداية عهد جديد من المحاسبة يكفل وقف التهريب ويضمن وصول رغيف الخبز للمواطن بمنتهى الكرامة حيث تم اتخاذ قرار بتحديد حصة يومية 5 أرغفة لكل فرد في الأسرة تباع له بسعر 5 قروش للرغيف ، رغم أن تكلفته تصل إلى 60 قرشاً وأكثر ، وتتولى الدولة صرف مستحقات أصحاب المخابز نقداً .

وكان من روائع هذه الخطوة فصل عملية إنتاج الخبز المدعم عن منافذ التوزيع بحيث تم توفير آلاف النقاط والأكشاك لصرف الخبز المدعم إلى مستحقيه بدون طوابير أو مشاجرات وبصورة تحفظ له أدميته وكرامته .

ليس هذا فحسب بل أتاح النظام الجديد لصرف الخبز المدعم ما يعرف بصرف فارق نقاط الخبز في صورة سلع تموينية بالمجان، وذلك بدون فرض أي شروط تعسفية على المستحقين بل بتوفير أقصى درجات الحماية ومراعاة الأدمية ليعاملوا كمواطنين يتمتعون بكافة حقوقهم .

 

انجازات قياسية

وخلال أقل من 5 سنوات من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي تحققت العديد من الإنجازات فى المشروعات القومية العملاقة والمتنوعة، حيث تم خلال تلك الفترة إنجاز 11 ألف مشروع على أرض مصر، بتمويل يصل إلى 2 تريليون جنيه، من أبرزها مشروع قناة السويس الجديدة، والعاصمة الإدارية الجديدة إضافة إلى 13 مدينة أخرى، وإقامة 100 ألف صوبة زراعية، وتربية مليون رأس ماشية، و40 ألف فدان من المزارع السمكية .

وخلال تلك الفترة ودع المصريون عصر انقطاع الكهرباء، و يجرى العمل حاليا على إنشاء شبكة لنقل الكهرباء تتكلف من 60 إلى 70 مليار جنيه، وتم توقيع 62 اتفاقية بحث واستكشاف ضمن خطة تنمية قطاع البترول، وتضاعفت الاحتياطات المضافة من اكتشافات الغاز الطبيعى 8 أضعاف عن مثيلاتها خلال الفترة من 2010 إلى 2014 لتصل إلى 36.8 تريليون قدم مكعبة، وتم تنفيذ مشروعات لتنمية حقول الغاز الطبيعى باستثمارات بلغت 12.6 مليار دولار ليصل إنتاجها إلى 5 ملايين قدم مكعبة فى اليوم بزيادة 130% عن الفترة من 2010 إلى 2014 .

وفى مجال الطرق والكبارى، تم إنشاء 7 آلاف كيلو من الطرق بتكلفة تتجاوز الـ 85 مليار جنيه، وإقامة حوالى 200 كوبرى بتكلفة تقارب 25 مليار جنيه، وزيادة الرقعة الزراعية بإضافة 200 ألف فدان زراعي، وبنهاية عام 2019 سيكون هناك مليون فدان زراعى .

واقتصاديا، ارتفع الاحتياطى النقدى، وانخفض ميزان العجز التجارى فى العامين السابقين بمقدار 20 مليار دولار، وزادت الصادرات بمقدار 4 مليارات دولار، وانخفضت الواردات بمقدار 16 مليار دولار فى العامين السابقين، وتمت زيادة المرتبات منذ عام 2011 حتى الآن من 80 مليار جنيه إلى 230 مليار جنيه، بنسبة 300 فى المائة، وزيادة المعاشات بنسبة 15 فى المائة ليصل الحد الأدنى إلى 630 جنيه، ابتداء من شهر يوليو الماضي، وانخفضت معدلات البطالة من 13.4% إلى 11.9 فى المائة، إلى جانب انخفاض معدلات التضخم، وتراجع عجز الموازنة العامة نسبة للناتج المحلى من 16.7% إلى 10.9%، وارتفاع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 14% فى العام المالى السابق، ووصول حجم الاستثمارات فى مشروعات التنمية منذ منتصف 2014 لنحو 400 مليار جنيه .

وبلغت نسبة تمثيل المرأة بالبرلمان 15% لأول مرة فى تاريخ مصر، ووصل تمثيل المرأة بالحكومة إلى 20 %، وتم مد شبكة الصرف الصحى لتغطى 16 % من القرى المصرية بعد أن كانت النسبة لا تتعدى 10% منذ 42 شهرا .

وعلى مستوى التعليم، تمت زيادة عدد الفصول والمعامل الدراسية بأكثر من 41 ألف فصل و5 آلاف معمل فى مراحل التعليم الأساسى المختلفة، وتم تخريج 10 آلاف معلم كدفعة أولى من برنامج “المعلمون أولا”، ووفرت الحكومة الشريحة الثالثة من كادر المعلم التى تقدر بـ125 فى المائة من الراتب الأساسي، وتم إنشاء 9 جامعات حكومية وخاصة جديدة على مدى أربع سنوات، وارتفع عدد الكليات من 292 إلى 450 كلية، وزاد عدد المبعوثين للخارج بنسبة 72% بتكلفة 700 مليون جنيه .

وفى مجال الصحة، تم إقرار قانون التأمين الصحى لتغطى مظلته جميع المصريين، وتم حصار “فيروس سي”، من خلال تقديم العلاج إلى 1.4 مليون مريض بتكلفة 3.7 مليار جنيه، وتم إجراء مسح طبى لنحو 5 ملايين مواطن، وتقديم العلاج الطبى اللازم للمرضى منهم ضمن خطة تستهدف الوصول إلى 50 مليون مصرى بحلول عام 2020 .

كما ارتفع عدد المستشفيات الجامعية من 88 إلى 109 مستشفيات بنسبة 23%، وارتفعت أعداد المشروعات البحثية بنسبة 232%، وارتفع أعداد الأبحاث العلمية بنسبة بلغت 29% .

 

” نيوم ” مشروع القرن

وفي شهر مارس من هذا العام تم تدشين مشروع “نيوم” بين مصر والسعودية والأردن والذي يعتبر وبحق الأضخم في المنطقة وقدمت مصر خلاله 1000 كيلو متر من مساحة سيناء يشملها المشروع لإنشاء منطقة خاصة ممتدة بين الدول الثلاث، تشمل وجهة حيوية جديدة تقع شمال غربي السعودية، تسعى لتصبح محورًا يجمع أفضل العقول والشركات معًا لتخطي حدود الابتكار إلى أعلى مستويات الحضارة الإنسانية، وقد تم تصميم هذه المنطقة الخاصة لتتفوق على المدن العالمية الكبرى من حيث القدرة التنافسية ونمط المعيشة، إذ من المتوقع أن تصبح مركزًا رائدًا للعالم بأسره” .

وتبلغ قيمة الاستثمارات التي يتم ضخها في هذا المشروع 500 مليار دولار أميركي من قبل السعودية وصندوق الاستثمارات العامة بالإضافة إلى المستثمرين المحليين والعالميين، وقد تم تصميم هذه المنطقة الخاصة لتتفوق على المدن العالمية الكبرى من حيث القدرة التنافسية ونمط المعيشة إلى جانب الفرص الاقتصادية المتميزة، إذ من المتوقع أن تصبح مركزًا رائدًا للعالم بأسره ويتمتع هذا المشروع بعدد من المزايا الفريدة، منها القرب من الأسواق ومسارات التجارة العالمية وقد بدأ العمل بالفعل في مشروع ” نيوم” وذلك من خلال بحث سبل التعاون والاستثمار مع شبكة واسعة من المستثمرين الدوليين كما تم البدء بتأسيس بعض ركائز البنى التحتية الرئيسية، وسيتم الانتهاء من المرحلة الأولى لـ”نيوم” بحلول عام 2025 .

ومن المقرر أن توفر هذه المنطقة الخاصة فرصًا جاذبة للمستثمرين، من أهمها الوصول إلى السوق السعودي بشكل مباشر أولًا، والأسواق العالمية ثانيًا، كون المنطقة مركز ربط للقارات الثلاث، بالإضافة إلى البيئة التنظيمية التي تتيح لهم المشاركة في صياغة الأنظمة والتشريعات، وسيحظى أصحاب الأعمال والاستثمار بدعم تمويلي لإقامة المشاريع التي تخدم أهداف مشروع “نيوم”، بالإضافة لذلك، فإن حكومة المملكة تولي هذا المشروع اهتمامًا بالغًا ودعمًا كبيرًا على جميع المستويات .

وبكل الحسابات المنطقية .. لم يكن بمقدور أي رئيس، بخلاف السيسي، اتخاذ مثل هذه الخطوة التاريخية بالدخول في شراكة مع دولتين جارتين بتقديم 1000 كم من الأراضي المصرية لولا ثقة الرئيس في استيعاب الشعب الكامل للأهداف المرجوة من هذا المشروع الذي يمثل نقلة اقتصادية وحضارية كفيلة بتغيير واقع الاقتصاد المصري .

** وهكذا يقود الرئيس عبد الفتاح السيسي مسيرة النهضة الاقتصادية والتنمية الشاملة بمشرط الجراح الخبير، متذرعاً بالوعي الوطني لدى أبناء مصر الذي يدفعه قدماً للأمام نحو مزيد من ترسيخ بنيان مصر التي يتمناها كل وطني غيور على بلاده حالم بمستقبل أفضل .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى