الشائعات .. أقذر أسلحة الحرب النفسية لأعداء الوطن

افتتاحية بروباجندا
تخوض مصر تجربة رائدة في بناء دولة مؤسسات تقوم على تكافؤ الفرص بين جميع أبناء الوطن وترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية بين جميع شرائح المجتمع، وذلك جنباً إلى جنب مع مواجهة تحديات غاية في الخطورة لعل في مقدمتها التنظيمات الإرهابية وقوى الرجعية والتطرف والتي تسعى لتنفيذ أجندات خارجية مشبوهة لأعداء الوطن بهدف زعزعة استقراره وتقويض الأمن.
ولعل هذا ما انتبه إليه، ولطالما حذر منه، الرئيس عبد الفتاح السيسي .. فمنذ توليه أمانة ومسئولية حكم مصر أشار إلى أن عقيدة جماعة الإخوان الإرهابية، ومن وراءها، تقوم على استهداف الروح المعنوية للشعب وذلك عبر ترويج الشائعات والأكاذيب عبر الأبواق الإعلامية المأجورة في قطر وتركيا وغيرها من الأنظمة التي تتربص ببلادنا السوء.
وفي واقع الحال فإن تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي بشأن استهداف مصر بالشائعات لم تكن مجرد تصريحات إعلامية فقط، لكنها حقائق رصدتها كافة الأجهزة المعنية في الدولة، لتعمل على مواجهتها تارة في صمت وتارة بالتوعية عبر تعريف المواطنين بتوجيه معلومات مغلوطة للتأثير على آرائهم واتجاهاتهم وصولاً إلى تفنيد الشائعة وتوضيح أبعاد الظاهرة التي تنتشر الشائعة بشأنها.
وفي تحرك إيجابي غير مسبوق فقد استحدثت الدولة المصرية جهازاً نشطاً يتبع مجلس الوزراء بصورة مباشرة يتولى الرد بالأدلة والوقائع الصادقة على هذه الشائعات التي تتخطى أعدادها الآلاف شهرياً.
فمع تطور تكنولوجيا الاتصالات التي أذابت كافة الفوارق المجتمعية وكسرت جميع الحواجز الزمنية والمكانية .. وكتطور طبيعي لتلك الثورة الهائلة، تلعب شبكات التواصل الاجتماعي دورا هاما كمصدر لاستقاء المعلومات وتشكيل الوعي لدى الأفراد ومن ثم التأثير في نمط وسلوكيات المجتمع خصوصاً بعدما أصبحت بمثابة ملتقى يستقى منه العامة معلوماتهم، ويسلمون بما يقرأونه أو يشاهدونه عليها بشكل كامل .. أخطر من هذا، باتت هذه المنتديات بابا خلفيا لترويج الأكاذيب واختلاق الشائعات من جانب أصحاب الأجندات المشبوهة ضد الدولة المصرية.
ويتفاقم خطر هذه “المنصات” أنها، بكل أسف، تنجح في استقطاب شريحة ليست بالقليلة من الشباب الذي يغرق في السطحية لأنه يجمع بين شبه العلم وشبه الثقافة وفقدان النموذج والمثل الأعلى “القدوة“، وكنتيجة حتمية لعمليات التجريف الفكري هذه نفاجأ بأن أي شخص يتكلم ويفتي دون علم في اي موضوع، فبين غمضة عين وانتباهتها أصبح أغلب مرتادي هذه المواقع خبراء في الاقتصاد والقانون والهندسة ومحللين سياسيين، بل ونفتي في أمور الدين أيضاً والسياسة دون أي مراعاة لمقتضيات الأمن القومي ولا أي دراسة لتأثير هذه الأحاديث على علاقات الدولة مع الدول الأخرى، فيكفي أن يستفزك خبر مغلوط أو شائعة كاذبة لتطالب بشن حرب هنا أو قطع العلاقات مع دولة هناك.
ومن واقع القراءة المتأنية لهذه النتائج المترتبة على الاستخدام السيء لمواقع السوشيال ميديا، نلاحظ أن المستخدمين العاديين يمكن تجنيدهم دون أن يدروا وتحويلهم إلى معول هدم للدولة وذلك عبر استنزاف طاقات المسئولين في نفي الشائعات تارة، وتفنيد وشرح الحقائق تارة أخرى وذلك ليس لشيء سوى هوس رواد مواقع التواصل الاجتماعي بحب الظهور والتحدث فيما لا يعرفون، وهم بذلك يقدمون، عن جهالة أو عمد، أكبر خدمة لأعداء بلدنا المفدى.
وتظهر خطورة الشائعات فيما تبثه من مشاعر الإحباط والتشكيك وانعدام الثقة لدى المواطن فيما تنجزه الدولة من مشروعات وتحققه من نجاحات، فلا يرى إلا الجوانب السلبية التي تعكر صفو ما يتم على الواقع من إنجازات وتصنع الفجوات بين المواطن وبين أجهزة ومؤسسات الدولة، وهذا ما يهدف إليه المتربصون بأمن واستقرار مصر، ويسعون لتحقيقه بشكل مستمر، وبما لديهم من وسائل وتقنيات وينفقون في سبيل ذلك أموالًا طائلة تمكنهم من النجاح فيما يهدفون إليه، ويساعدهم في ذلك ضعف الوعى لدى البعض، وقلة المعلومات وغياب الرؤية لدى البعض، وكذلك الضعف في المواجهة والرد وغياب دور الإعلام المنوط به إزالة الغموض وتوضيح الحقائق بالأدلة والبراهين بما لا يدع مجالًا للشك لدى المواطنين، ويكون الرد على الشائعة بالحقيقة فينسفها من الأساس.
ولعله من أخطر التحديات التي تواجه مسيرة النهضة وبناء الدولة الحديثة في مصر اعتماد الكثيرين، خصوصاً من أنصاف المتعلمين أو مغيبي الوعي، على مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر أساسي لمعرفة الأخبار، لكن وبحسب الدراسات الموثوق بها التي اجراها الباحثون في هذا الشأن .. فقد أثبتت أن معظم المعلومات على هذه الوسائل إما مغلوطة أو مغرضة أو ناقصة وأن السبب وراء اعتماد عدد كبير من الجمهور عليها هو سرعة انتشارها وكذلك تدفق الأخبار عليها بشكل ضخم وسريع ولأكثر من مصدر.
وتستغل الدوائر المعادية فكرة الكتائب الإلكترونية، والتي تعتبر سلاحاً قاتلاً، وهى مجموعة من الحسابات الوهمية مغلوطة البيانات ويمتلك الشخص الواحد في الكتيبة عدد كبير من الحسابات والتي يروج من خلالها لخبر ما مغلوط يخدم الجماعات الإرهابية المنتمي لها ثم يقوم عبر بقية الحسابات الاخرى بالتأكيد على الخبر ونشره في مجال أكبر وأوسع، حتى يبدأ الناس في تصديق الخبر ونشره ايضًا وذلك من أجل زعزعة الاستقرار والتأثير على الدولة وعلى أمن المواطنين وخلق حالة من الجدل والبلبلة.
لذا يبرز دور الإعلام الوطني الذي يجب ان يكون له دور أقوى وأسبقية في نشر الأخبار بعد التحري من صدقها ونشرها بدقة لقطع الطريق على ميليشيات وسائل التواصل الاجتماعي المنفلتة ومنع انتشار أي شائعات أو أخبار مغلوطة.
كلمة أخيرة
نخوض معركة وعي سلاحها الرئيسي المعلومات الصحيحة .. فهي الضمانة الوحيدة لقتل الشائعات.