إقتصاد وأعمالعاجل

السيطرة على عجز الموازنة وتعظيم موارد الدولة أبرز إنجازات المالية في عام

شهد عام 2017 العديد من الإنجازات الملموسة والخطوات الهامة استكمالا لمسيرة الإصلاحات المالية والهيكلية التي بدأت تنتهجها وزارة المالية اعتبارا من منتصف 2014،ومنها جهود السيطرة على الدين العام وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام لرفع جودة الخدمات العامة في العديد من المجالات كالصحة والتعليم والبنية التحتية، وذلك بالتوازي مع تطبيق إجراءات واضحة لتحقيق الحماية الاجتماعية لغير القادرين ومحدودي الدخل، فضلا عن القرارات التي أقدمت عليها الوزارة بهدف تعظيم موارد الدولة وضبط المالية العامة للسيطرة على معدلات عجز الموازنة سعيا إلى دفع النشاط الاقتصادي.

فقد قامت الحكومة بإعداد برنامج للإصلاح الاقتصادي الشامل، يمتد حتى نهاية العام المالي 2018 /2019، والذي يهدف إلى وضع الاقتـصاد المـصري على الطريق السليم وجعله ينمو بكامل طاقاته الكامنة لتوليـد فـرص عمـل كافيـة ومنتجة، وعلاج الاختلالات المالية التي يعاني منها وأهمهـا ارتفـاع قيمـة ومعدلات الدين العام والعجز ومدفوعات الفوائد.

كمـا يتـضمن برنـامج الإصـلاح الاقتصادي تدابير وإجراءات لترشيد وتحسين كفاءة منظومة الدعم السلعي خاصـة دعم الطاقة، والتي يستفيد منه الأغنياء وغير المستحقين أكثر من الفئات الأقل دخلا، وتسعى الحكومة إلى زيادة مواردها بشكل يتميز بالاستدامة والعدالة، وبما يسمح بتمويل برامج لتحقيق التنمية وكذلك لإيجاد منظومـة حمايـة اجتماعيـة شاملة .

ويهدف البرنامج أيضا إلى تحفيز الاستثمار وتشجيع القطاع الخاص وزيادة الاستثمارات التي تؤدي إلى زيادة الموارد العامة.

وجاءت أهم الإصلاحات التي تم تنفيذها خلال العام المالي 2016 /2017، في تطبيق قانون الخدمة المدنية والذي يهدف إلى إيجاد منظومة عمل محفزة على الإنتاج وضبط فاتورة الأجور، وقانون ضريبة القيمة المضافة، وإصلاح منظومة دعم الكهرباء لتحسين كفاءة قطاع الطاقة وترشيد الاستهلاك وتوفير الموارد.

وتضمنت الإصلاحات قانون تسوية المنازعات الضريبية من خلال تبسيط إجراءات تسوية المنازعات الضريبية وخلق مناخ إيجابي مع الممولين، فضلا عن رخص الجيل الرابع للاتصالات، وذلك لزيادة إيرادات الدولة وتحسين سرعة الخدمات، وكذلك زيادة أسعار المواد البترولية لاستكمال الإصلاح السعري للمواد البترولية لترشيد الاستهلاك، بالإضافة إلى موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على منح مصر قرض بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات.

وأشارت وزارة المالية إلى أن المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي بدأت تؤتي ثمارها ، وهو ما انعكس على تحسن الأداء الاقتصادي وبدء عودة ثقة المستثمرين والمؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري، وذلك بإصدار سندات دولية بقيمة 4 مليارات دولار في يناير 2017، وهو الطرح الأكبر لها على الإطلاق والأول في أسواق المال العالمية منذ يونيو 2015.

وشهد الطرح إقبالا كبيرا وغير مسبوق من المؤسسات الاستثمارية الدولية ومن بينها عدد من المؤسسات التي تستثمر للمرة الأولى في سندات مصرية أو تعود بعد غياب للاستثمار في أوراق مالية مصرية، وهو ما يمثل شهادة ثقة حقيقة حول جدية واتساق برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، حيث تخطى معدل التغطية للطرح حاجز الثلاث مرات، حيث وصل حجم طلبات الشراء ما يزيد عن 5ر13 مليار دولار، فضلا عن وجود طلبات شراء من أهم وأكبر البنوك الاستثمارية وصناديق الاستثمار الدولية، وبلغ رصيد اكتتاب الأجانب في الأوراق المالية الحكومية نحو 7ر4 مليار دولار في نهاية مارس 2017 بزيادة تقدر بنحو 4 مليارات دولار منذ نوفمبر 2016.

ويعتبر مشروع الموازنة العامة للدولة للعـام المـالي2017/2018 ترجمـة للأهداف الرئيسية للسياسة المالية والاقتصادية، حيث تم إعداد الموازنة على أسـاس مواصلة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية لبرنامج الإصلاح الاقتـصادي، وكـذلك استمرار جهود تحقيق الضبط المالي ودفع معدلات النمو وزيـادة معـدلات التـشغيل وزيادة موارد الدولة وتحسين كفاءة الإنفاق والتوسع في برامج الحماية الاجتماعية.

ويستهدف مشروع الموازنة العامة وبرنامج الحكومة تحقيق معدل نمو اقتصادي لا يقل عن 6ر4% في عام 2017 /2018 كخطوة نحو الوصول إلى تحقيق معدلات نمو تتخطى الـ 6% على المدى المتوسط مـع تمتـع هـذا النمـو بالشمولية والاستدامة بحيث تنعكس آثاره على مختلف فئات المجتمع ويصاحبه زيادة ملموسة في معدلات التشغيل وخلق فرص عمل تستوعب الداخلين الجدد لسوق العمل سنويا بالإضافة إلى خفض معدلات البطالة، فمن المستهدف أن يتم خفض معـدل البطالة إلى مستويات تتراوح بين 11-12%خـلال العـام المـالي 2017 /2018 كخطوة نحو خفضه لما دون الـ10 %على المـدى المتوسـط.

كما يستهدف مشروع الموازنة للعام المالي 2017 /2018 خفض العجز الكلي إلـى 9 %من الناتج المحلي الإجمالي مقابل عجز متوقع في حدود 5ر10 % – 8ر10% في العام المالي 2016 / 2017، كخطـوة نحـو خفض العجز إلى مستويات تتراوح بين 5-6%على المدى المتوسط، وسيتم ذلـك مـن خلال بعض الإجراءات المالية على جانب الإيرادات والمصروفات كالتطبيق الكامل والفعال لقانون ضريبة القيمة المضافة خاصة بعد صدور لائحته التنفيذية، مع زيادة السعر العام للضريبة من 13% إلى 14% بدءا من أول يوليو 2017 كما جاء في قانون ضريبة القيمة المضافة رقم 67 لسنة2016 ، وتحديث منظومة الضرائب العقارية على المباني ورفع كفاءة الإدارة الضريبية، وتطوير نظم المعلومات والحصر والفحص والتعامل مع المواطنين عن طريق استكمال ميكنة وإنشاء قاعدة بيانات كاملة لمصلحة الضرائب العقارية.

وتقدر حصيلة الضريبة العقارية في مشروع موازنة العام المالي 2017/ 2018 بنحو 6ر3 مليار جنيه ارتفاعا بنحو50 % عن الحصيلة المتوقعة لعام 2016 / 2017، وأيضا استكمال تطوير منظومة الأجور والتفعيل السليم والفعال لقانون الخدمة المدنية، ومنظومة ترشيد دعم الطاقة وإعادة هيكلة قطاع الطاقة، ومنظومة تنقية البطاقات التموينية مع التوسع في قيمة الـدعم النقـدي المتاح للمواطنين.

وعن رؤية مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية للاقتصاد المصري، كانت مؤسسة “ستاندرد آند بورز” قد أعلنت في نوفمبر الماضي عن قيامها بمراجعة النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري من “مستقر” إلى “إيجابي” مع الإبقاء على درجة التصنيف الائتماني لمصر بكل من العملتين الأجنبية والمحلية عند درجةB-.

وتعتبر هذه المراجعة الإيجابية الأولى من نوعها منذ بدء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري في عام 2016، خاصة وأن النظرة المستقبلية الإيجابية تعكس احتمالية كبيرة لرفع درجة التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري.

وأرجعت المؤسسة هذا القرار إلى استعادة النشاط الاقتصادي وتحسن المناخ الاستثماري في ضوء قيام الحكومة بتنفيذ مجموعة من الإصلاحات الطموحة والتي تأتي على رأسها قرار تحرير سعر الصرف، وتطبيق قانون القيمة المضافة، وإصدار قانون الخدمة المدنية للعاملين بالجهاز الإداري للدولة، وكذلك إجراءات ترشيد دعم الطاقة، بالإضافة إلى الإصلاحات التشريعية الهامة الأخيرة من إصدار قانون الاستثمار الجديد وقانون التراخيص الصناعية.

كما قامت مؤسسة “فيتش” في يونيو 2017 بالتأكيد على درجة للتصنيف الائتماني للاقتصاد المصري عند درجة B مع نظرة مستقبلية مستقرة.

وكان وزير المالية عمرو الجارحي، قد أعلن عن تقدير وإشادة عدد من المستثمرين الأجانب وصندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية والبنوك بالإجراءات الإصلاحية التي تنفذها مصر من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي بالإضافة إلى الاستقرار في السياسة النقدية والمالية.

وتمضي الحكومة بكافة مؤسساتها بخطوات ثابتة لإحداث طفرة اقتصادية تضمن تحسن جودة ومستقبل الحياة لجموع المصريين، وتستهدف تحقيـق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة تبني على مشاركة المجتمـع والمـصارحة بـأهم التحديات التي تواجه الاقتصاد وسبل مواجهتهـا بـشكل جـذري وسـليم للاستفادة من إمكانيات الاقتصاد الهائلة وطاقاته الكامنة غير المستغلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى