السوشيال ميديا.. طاعون العصر
![](https://propaganda-eg.com/wp-content/uploads/2019/10/السوشيال-ميديا.jpg)
افتتاحية بروباجندا
العالم تحول إلى قرية صغيرة .. أصبحت هذه المقولة واقعاً ملموساً في حياة كل الشعوب وذلك بفضل ثورة الاتصالات التي أذابت كافة الفوارق المجتمعية وكسرت جميع الحواجز الزمنية والمكانية .. وكتطور طبيعي لتلك الثورة الهائلة تلعب شبكات التواصل الاجتماعي دورا هاما كمصدر لاستقاء المعلومات وتشكيل الوعي لدى الأفراد ومن ثم التأثير في نمط وسلوكيات المجتمع خصوصاً بعدما أصبحت بمثابة ملتقى يستقى منه العامة معلوماتهم، ويسلمون بما يقرأونه أو يشاهدونه عليها بشكل كامل .. أخطر من هذا، باتت هذه المنتديات بابا خلفيا لترويج الأكاذيب واختلاق الشائعات من جانب أصحاب الأجندات المشبوهة ضد الدولة المصرية .
ويتفاقم خطر هذه “المنصات” أنها بكل أسف تنجح في استقطاب شريحة ليست بالقليلة من الشباب الذي يغرق في السطحية لأنه يجمع بين شبه العلم وشبه الثقافة وفقدان النموذج والمثل الأعلى “القدوة”، وكنتيجة حتمية لعمليات التجريف الفكري هذه نفاجأ بأن أي شخص يتكلم ويفتي دون علم في اي موضوع، فبين غمضة عين وانتباهتها أصبح أغلب مرتادي هذه المواقع خبراء في الاقتصاد والقانون والهندسة ومحللين سياسيين، بل ونفتي في أمور الدين أيضاً والسياسة دون أي مراعاة لمقتضيات الأمن القومي ولا أي دراسة لتأثير هذه الأحاديث على علاقات الدولة مع الدول الأخرى، فيكفي أن يستفزك خبر مغلوط أو شائعة كاذبة لتطالب بشن حرب هنا أو قطع العلاقات مع دولة هناك .
ومن واقع القراءة المتأنية لهذه النتائج المترتبة على الاستخدام السيء لمواقع السوشيال ميديا يتلاحظ أن المستخدمين العاديين يمكن تجنيدهم دون أن يدروا وتحويلهم إلى معول هدم للدولة وذلك عبر استنزاف طاقات المسئولين في نفي الشائعات تارة، وتفنيد وشرح الحقائق تارة أخرى وذلك ليس لشيء سوى هوس رواد مواقع التواصل الاجتماعي بحب الظهور والتحدث فيما لا يعرفون، وهم بذلك يقدمون، عن جهالة أو عمد، أروع خدمة لأعداء بلدنا المفدى .
جرائم لا تحصى
نتذكر جميعاً مثال السكين والتفاحة الذي كان يعلمنا كيف أن الاستخدام الرشيد للسكين يساعدنا في تقطيع التفاحة وهذا شيء نافع ومفيد، في حين أن الاستخدام الأهوج لذات السكين يدفعنا لقطع الشرايين ومن ثم الانتحار .. هذا المثال ينطبق حرفياً على تعاملات المستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي “السوشيال ميديا”، وبطبيعة الحال في ظل وجود أعداء للوطن ومتربصين بأمنه وأهله، ففي كثير من الأحيان يسيء الكثيرون استغلال غرف الدردشة هذه لتصبح وسيلة للنصب والتضليل، وأحيانا أخرى وسيلة للابتزاز، بالإضافة لكونها هدفا سهلا للحصول على البيانات الشخصية للأشخاص، أو إذاعة أخبار كاذبة ومحاولة فرض الخوف وإرهاب المواطنين، حيث تواجه مصر حربًا شرسة تنتمى إلى ما يسمى حروب الجيل الرابع، والتى تكمن خطورتها في أنها غير ملموسة وغير مرئية ولا يمكننا في أغلب الأحوال تحديد العدو بصورة واضحة، وهنا تستخدم “السوشيال ميديا” كوسيلة لأخطر أنواع الحروب والتى تساعد في نشر الشائعات والتشكيك في مؤسسات الدول وقياداتها .
وتكمن خطورة الشائعات فيما تبثه من مشاعر الإحباط والتشكيك وانعدام الثقة لدى المواطن فيما تنجزه الدولة من مشروعات أو تحققه من نجاحات، فلا يرى إلا الجوانب السلبية التى تعكر صفو ما يتم على الواقع من إنجازات وتصنع الفجوات بين المواطن وبين أجهزة ومؤسسات الدولة، وهذا ما يهدف إليه المتربصون بأمن واستقرار مصر ويسعون لتحقيقه بشكل مستمر بما لديهم من وسائل وتقنيات وينفقون في سبيل ذلك أموالًا طائلة تمكنهم من النجاح فيما يهدفون إليه .
وبكل أسف يساعدهم في تحقيق ذلك الهدف ضعف الوعى لدى البعض، وقلة المعلومات وغياب الرؤية لدى البعض، وكذلك الضعف في المواجهة والرد وغياب دور الإعلام المنوط به إزالة الغموض وتوضيح الحقائق بالأدلة والبراهين بما لا يدع مجالًا للشك لدى المواطنين، ويكون الرد على الشائعة بالحقيقة فينسفها من الأساس .
لذا تبرز أهمية تكثيف حملات التوعية وضرورة أن تتضمن المناهج الدراسية مواداً تثقيفية بوسائل التواصل الاجتماعي وما تحتويه من مواضيع، فالمستهدف اليوم غالبا هم الشباب، وبالتحديد من هم في المرحلة الجامعية أو الأقل، وبالتالي هم الفئة الرئيسة التي يجب إرسال التوعية لها، وهذا الأمر يتطلب توحيد الجهود، فلا يكفي أن تعمل وسائل الإعلام بمنأى عن دوائر القضاء لوضع القوانين التي تنظم وتحاسب المخالفين، وأيضا لن تستطع مؤسسات التعليم النجاح في إيصال الرسالة من غير وجود عامل القالب الجاذب للشباب .
كلمة أخيرة
أن بناء الأوطان يعتمد بالأساس على مد جسور الوعي والثقة ومقاومة أمواج التضليل والهدم .