الزكاة أحد أركان النظام الاقتصادي في الإسلام| بقلم د. ايات الحداد

من المعلوم للجميع ان المال قوام الحياة والاسلام حثنا على المحافظة عليه وعدم ضياعه، والله سبحانه وتعالى حثنا على ذلك في العديد من الآيات، لذلك أحث الجميع وخاصة ونحن في شهر رمضان المبارك أن يعرف اين تذهب أمواله، فالكثير يضع ماله في جهة ما ولا يعلم شيئًا عنها ولا يعلم أين تذهب هذه الاموال ولمن ثم يقول في قرارة نفسه أنا ليس لي دخل أهم حاجة نيتي أنها طلعت لله! هذا الكلام ليس بصحيح فالله سبحانه وتعالى حثنا على المحافظة على المال وحدد الجهات التي نضع اموالنا فيها والى اين تذهب هذه الاموال والى من، فقال الله تعالى: ” إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ “، “وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ”.
فأحياناً يتوهم الانسان أنه لمجرد أن اتخذ قراراً بدفع زكاة ماله، وعزل هذا المبلغ ودفعه إلى جهة ما فقد قام بهذه العبادة المالية، الحقيقة أن مهمة المزكي لا تنتهي باتخاذ قرار دفع الزكاة ودفع هذا المال لجهة ما، لكن قرار المزكي يستمر إلى أن يجتهد اجتهاداً دقيقاً في وضع هذه الزكاة في مكانها الصحيح، فالإنسان إذا ألقى بمال الزكاة لمجرد أنه دفعها برأت ذمته ؟ لا هناك جهد آخر وهو أن تجتهد في وضع الزكاة في مكانها الصحيح.
فانتشرت في الفترة الاخيرة العديد من الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي يضع الكثير امواله بها، وايضًا زادت في الفترة الأخيرة الاعلانات عن التبرع للمستشفيات والجمعيات وعلى النقيض من ذلك نجد على مواقع التواصل الاجتماعي انتشار اخبار عن حالات مرضية يتم رفضها وعدم معالجتها ! وصاحب جمعية الأورمان التي يضع البعض أمواله بها قال أنه لا يوجد فقير في مصر! فالسؤال أين تذهب هذه الاموال؟ وكيف نشاهد في الاعلان عن قبول جميع الحالات للقيام بعلاجها والبعض يقول الا اذا كانت الحالة مستعصية ويصعب علاجها فيتم رفضها ! ولكن ما يحدث العكس فالبعض يشتكي من رفض المستشفى استقبال حالات مرضية من غير الكشف عن الحالة لمعرفة هل هي حالة حرجة ام من الممكن علاجها !
فحتى تعرف اين تذهب اموالك وتطمئن يجب ان تذهب بنفسك للحالات المحتاجة او المرضية، هناك العديد من الحالات المرضية المستعصية في المستشفيات الحكومية وتحتاج لعلاج ومال ايضًا، وهناك العديد من الفقراء في اماكن يندى لها الجبين ولا يجدون مياة للشرب ولا طعام ومآوى لا يصلح للآدمين ويحتاجون المال، هناك ايضًا فقراء يحتاجون للمال لتجهيز اولادهم، هناك ايضًا الغارمين والغارمات الذين تم زجهم بالسجن بسبب ما عليهم من اموالهم تستطيع ايضًا تحريرهم بأموالك، هناك من يقع في ضائقة مالية تستطيع مساعدته ايضًا بالمال.
من خلال قرآتي للعديد من الأئمة وجدت أنهم اختلفوا في القدر الذي ينبغي أن يعطى للفقير، فقول الإمام أبي حنيفة: ” يجب أن تعطي الفقير ما يغنيه طوال العام” ، أما الإمام الشافعي فيجب أن تغنيه طوال حياته، أي أن تأخذ له آلة تشغله بها، آلة صوف، آلة تريكو، تعمل له مورداً ثابتاً، لذلك أفضل زكاة تدفع للفقير هي الزكاة التي تجعله في العام القادم دافع زكاة، تدفع له زكاة هذه السنة، وفي العام القادم يدفع هو الزكاة، اي نقلته من مستهلك إلى منتج، نقلته من يد سفلى إلى عليا، نقلته من آخذ إلى معطي، اما العطاء لا يفعل شيئاً، لأن الشخص طيلة حياته يطلب منك، فلو دفع كلًا منّا الزكاة كما أراد الله عز وجل وصرفت الزكاة في توفير الأعمال للفقراء لما وجدنا فقيراً بحق!
فلا يوجد جهة ثقة غير بيت الزكاة والصدقات الذي تحت اشراف شيخ الازهر، ومن وجهة نظري من الأفضل أن يتم توحيد كل تلك الجمعيات والمؤسسات وتصبح تحت اشراف شيخ الأزهر؟ عندما يحدث ذلك فأوضعوا اموالكم عند هؤلاء!