أخبار عالميةعاجل

الحسابات الانتخابية تبدو حاضرة بقوة في إدارة ترامب للأزمة مع إيران

 

تبدو الحسابات الانتخابية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حاضرة بقوة في طريقة إدارته للأزمة الحالية بين الولايات المتحدة وإيران والتي بلغت حدا غير مسبوق من التوتر ينذر بمواجهة عسكرية مفتوحة بين الجانبين، ولعل ذلك ما يفسر حالة الحذر والتردد بل وما يعتبره بعض المراقبين ارتباكا في الموقف الأمريكي من إيران خصوصا بعد إسقاط الأخيرة لطائرة استطلاع أمريكية مسيّرة فوق مياه الخليج.

فترامب، الذي أطلق رسميا قبل أيام، حملة إعادة انتخابه رئيسا لفترة رئاسية ثانية في انتخابات 2020، يدرك جيدا أن أي تداعيات غير محسوبة للأزمة الراهنة على المصالح الحيوية الأمريكية في منطقة الخليج والشرق الأوسط قد تكلفه فرصة الفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة، ومن ثم تضع حدا لأحلامه بالبقاء في البيت الأبيض أربع سنوات أخرى.

ومما يزيد من حدة الضغوط السياسية الداخلية عليه، في هذا الصدد، أن الديمقراطيين الذين يستعدون لاختيار مرشح لمنافسة ترامب في الانتخابات المقبلة وجدوا في الأزمة الحالية مع إيران فرصة للهجوم عليه والتشكيك في قدرته حماية المصالح الأمريكية بهدف التأثير على فرصه في الانتخابات الرئاسية، حيث وصف جوزيف بايدن نائب الرئيس الأمريكي السابق (أوباما) ، إدارة ترامب للأزمة بأنها ” كارثية”.

وقال بايدن، وهو أحد المرشحين البارزين المحتملين ضمن انتخابات الحزب الديمقراطي التمهيدية للسباق إلى البيت الأبيض، إنّ ترامب “أخفق” في حماية مصلحتين أمريكيتين حيويتين في الشرق الأوسط، وهما منع إيران من الحصول على سلاح نووي وضمان استقرار إمدادات الطاقة عبر مضيق هرمز.

ولعل ذلك كله ما يفسر رد الفعل المتردد من جانب ترامب وإدارته تجاه كيفية التعامل مع قيام إيران بإسقاط الطائرة المسيرة الأمريكية فوق بحر عٌمان وهي واحدة من أكثر طائرات الاستطلاع المسيّرة تقدما في العالم، حيث تملك منها الولايات المتحدة أربع طائرات فقط، وكان ترامب قد أعلن في وقت سابق أن واشنطن قد عدلت في الدقائق الأخيرة عن شن هجوم عسكري على عدد من المنشآت الإيرانية ردا على إسقاط الطائرة.
وقد برر ترامب ذلك بأن العملية العسكرية كانت ستؤدي الى مقتل 150 إيرانيا، وهو المبرر الذي اعتبره كثير من الخبراء والمحللين مثيرا للسخرية والدهشة.

وبحسب العديد من المراقبين، فإن أحد الأسباب الحقيقية التي ربما دفعت واشنطن للعدول عن شن ضربات عسكرية ضد إيران، هي الحسابات الانتخابية للرئيس ترامب والذي ربما خشي من رد فعل إيران وحلفائها في المنطقة على هذه الضربات بشكل يلحق الضرر بالمصالح الأمريكية ومن ثم تكون له كلفته السياسية الكبيرة على ترامب في الداخل بينما هو يستعد للانتخابات.

وقد شكلت إيران عقدة لبعض الرؤساء الأمريكيين، فالرئيس الديمقراطي الأسبق جيمي كارتر فقد فرصة الفوز بفترة رئاسية ثانية بسبب التداعيات السلبية لحادث اقتحام السفارة الأمريكية في طهران قبل المتظاهرين الإيرانيين إبان الثورة الإيرانية 1979، حيث احتجز الطلبة الإيرانيون نحو 52 رهينة أمريكية من موظفي السفارة ودبلوماسيين أمريكيين لمدة 444 يوما، وبعد فشل محاولات إدارة كارتر للتفاوض مع الإيرانيين لإطلاق سراح الرهائن اضطرت للقيام بعملية عسكرية لإنقاذهم في إبريل 1980 لكن العملية باءت بالفشل وأدت إلى تدمير طائرتين ومقتل 8 جنود أمريكيين، وهو ما كان أحد أسباب هزيمة كارتر في الانتخابات الرئاسية.

كما أن ترامب وإدارته يبدوان أكثر قناعة بأن العقوبات الاقتصادية القاسية وغير المسبوقة التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران ستجبرها في النهاية على الجلوس إلى مائدة المفاوضات وفقا للشروط الأمريكية، فالاقتصاد الإيراني الذي ينزف بشدة جراء هذه العقوبات سيدفع طهران – وفقا لكثير من المحللين الأمريكيين – إلى الاستجابة للمطالب الأمريكية فيما يتعلق بطموحاتها النووية وهو يعني في هذه الحالة أن واشنطن حققت ما تريد دون أن تطلق رصاصة واحدة ودون أن تخوض حربا عسكرية لا يمكن معرفة تداعياتها على مصالح أمريكا وحلفائها في المنطقة.

فالعقوبات الأمريكية ولاسيما تلك التي تشمل حظرا شبه كامل على صادرات النفط الإيرانية، تحرم إيران من نصف إيراداتها من النفط الذي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الإيراني، حيث تبلغ نحو 40 % من الميزانية العامة للدولة.

وفي حال نجاح استراتيجية ترامب الحالية تجاه إيران وأجبرت العقوبات الاقتصادية التي أعلنت واشنطن عن فرض المزيد منها على طهران الحكومة الإيرانية على الاستجابة للمطالب الأمريكية فيما يخص برنامجها النووي أو طموحاتها الإقليمية وتدخلاتها في دول الجوار، فإن ذلك سيشكل إنجازا سياسيا كبيرا لترامب الذي سيقدمه للرأي العام الأمريكي كانتصار أمريكي ولكن بدون أي كلفة عسكرية تذكر وهو ما سيعزز في حال تحقيقه فرصة في الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وكان ترامب قد أطلق رسميا حملة إعادة انتخابه رئيسا للولايات المتحدة لفترة ثانية يوم الثلاثاء الماضي ،أمام تجمع حاشد ضم الآلاف من مؤيديه في ولاية فلوريدا ولم يخل اختياره لفلوريدا لتدشين حملته الرئاسية من دلالات سياسية مهمة ، فهذه الولاية دائما ما شكلت ساحة صراع ومنافسة رئيسية في الانتخابات الرئاسية بين الجمهوريين والديمقراطيين، وقد فاز بها ترامب بفارق ضئيل أمام المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016.. وفي انتخابات 2012 فاز فيها باراك أوباما على ميت رومني بفارق لا يتجاوز 1 % من الأصوات.

وتشير آخر استطلاعات الرأي بحسب مؤسسة جالوب إلى تراجع شعبية ترامب إلى 40 % بين الناخبين الأمريكيين ، بينما تشير استطلاعات الرأي الأكثر إيجابية إلى موافقة 48 % على سياسات ترامب لكن ترامب أبقى على استطلاعاته التي تشير إلى تقدمه “في 17 ولاية متأرجحة بينه وبين الديمقراطيين”..وعند مقارنته مع منافسيه الديمقراطيين المحتملين في الانتخابات، جاء ترامب خلف جوزييف بايدن بحوالي 10 نقاط مئوية وخلف بيرني ساندرز بـ 9 نقاط، بحسب استطلاع شبكة فوكس نيوز المفضلة لدى الرئيس.

لكن مساعدي ترامب والعاملين في فريق حملته الانتخابية يقللون كثيرا من أهمية تلك الاستطلاعات، ويشيرون إلى أن ترامب كان متأخرا أيضا في استطلاعات الرأي في عام 2016، ولكنه فاز في الانتخابات في نهاية الأمر.

ويراهن ترامب خلال الانتخابات القادمة على ما حققه من إنجازات في مجال الاقتصاد والهجرة، وهما القضيتان اللتان أصبحتا تشكلان أولوية لدى العديد من الناخبين الأمريكيين الذين جرى استطلاع رأيهم.. وفي هذا الإطار أعاد ترامب التأكيد على تعهداته السابقة التي أطلقها حملته الانتخابية الأولى في 2016، بإنهاء الهجرة غير الشرعية في الولايات المتحدة.

وقبل يوم من إطلاق حملته الانتخابية رسميا ، غرد ترامب على تويتر قائلا : “إن السلطات ستبدأ في ترحيل الملايين من الأجانب غير الشرعيين الذين دخلوا إلى الولايات المتحدة بطريقة غير مشروعة”، كما ينوي ترامب التركيز على الوضع الجيد حاليا للاقتصاد الأمريكي لتعزيز فرصه في الفوز بالانتخابات القادمة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى